ليس العالم بذلك الشخص الذي يقبع في برج عال بعيدا عن اهتمامات الناس وانشغالاتهم، سواء الدينية والدنيوية، ولا منحازا إلى فئة دون فئة من مكونات المجتمع، بل هو المنصهر فيه بكل تجلياته، المتابع للواقع بكل حذافيره، المخالط للناس أخيارهم وأشرارهم، حتى يُكَوِّنَ له فقها واقعيا واجتماعيا يتسنى له به أن يواجه تساؤلات الناس في كل ما يحل بهم من قضايا في السراء والضراء، ويكون محققا لخاصية الشريعة في صلاحيتها لكل زمان ومكان، ومنزلا لحوادث الناس وأقضيتهم على النصوص الشرعية، يستوي في ذلك العلم بما يصلح الأديان أو العلم بما يصلح الأبدان. فهذا هو العالم الحق الذي نفر لينذر الناس، وتعينت عليه رسالة تبليغهم أمور الدين، وتفقيههم فيه، جاعلا نصب عينه قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، هكذا كان علماء الإسلام على مر التاريخ، مشاركون، ومشاورون، ومن أهل الحل والعقد في الدولة. والمغرب منذ أن دخله الإسلام، انبنت دوله المتعاقبة على الحكم فيه على تقريب العلماء، وإعطائهم المكانة اللائقة بهم، إذ هم الوسطاء بين الحكام والمحكومين، وهم القضاة بالعدل في أمور الناس، وقد خلدت لنا كتب التراجم أخبارهم العلمية والعملية، وخلدت لنا كتب الأجوبة والنوازل الفقهية كيفية تنزيلهم الفقهي لمختلف أقضية الناس، ومن هذه القضايا وأخطرها قضية الوباء وانتشار الطاعون وكيف العمل حين نزوله. واختلاف الناس فيه، تبعا لاختلاف العلماء إلى اتجاهين: اتجاه مناهض لحقيقة العدوى، واتجاها مضادا يقول بضرورة الاحتراز وأخذ الأسباب في العلاج وغيره. ونجد فيه أدبيات كثيرة منها ما كان الفضل للدكتور "محمد الأمين البزاز" للإشارة إليها في كتابه : "الأوبئة والمجاعات في مغرب القرنين 18 و19 " في فصل أدبيات الطاعون والكرنتينة حيث ذكر منها ثمان رسائل، كما كان الفضل أيضا للدكتورة "حياة قارة" الإشارة إلى مجموعة من هذه الأدبيات في دراستها وتحقيقها لرسالة ابن الخطيب "مقنعة السائل في المرض الهائل" في فصل تراث الطاعون الوبائي أو المرض الوافد في الغرب الإسلامي، وقد قسمته إلى فئتين فئة يندرج ضمنها التراث الوبائي في سياقه الطبي التاريخي، وفئة يندرج ضمنها التراث الوبائي في سياقه الديني الأخلاقي، ولم نلتزم بتقسيمها، بل حاولنا في هذه المقالة عمل بيبلويوغرافيا لهذه الأدبيات من خلال ما ورد في هذين الكتابين، وإضافة إليها بعض ما لم يذكراه وترتيبها ترتيبا زمنيا لندع للقارئ الحصيف والباحث النزيه أن يستنتج من هذا العمل ما يراه مفيدا في البحث في ظاهرة الوباء: كتاب لا هام ولا صفر، للإمام عبد الله بن وهب القرشي، (ت197ه) ذكره ابن فرحون في الديباج (1/417) والقاضي عياض في ترتيب المدارك (3/242) مقالة في "إذا نزل الوباء بأرض قوم" حديث شريف لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن عمر بن عمران المزدغي الفاسي المتوفى (سنة 655ه)، مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم د 1394. "المسنون في أحكام الطاعون" للخطيب حسن بن علي(ت750ه)، والد ابن قنفذ صاحب الوفيات، قال ابن قنفذ في كتابه المذكور" وبسبب فتنة هذا الوباء واختلاف طلبته في الفرار ممن مرض به ألف كتاباً فيه (الوفيات لابن قنفذ (ص: 355) كتاب في الطاعون لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان المالقي المتوفى (سنة 763ه). إصلاح النية في المسألة الطاعونية، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن جعفر بن مشتمل الأسلمي البلياني، من أهل المرية المتوفى في آخر (سنة 764ه). "تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد"، لابن خاتمة الأندلسي، أحمد بن علي بن محمد، (ت بعد 770 ه) تحدث فيه عن العدوى بوصفها أمراً شهدت به العادة، وأثبتته التجربة، والتي وضعها إثر الطاعون الذي ضرب حوض البحر المتوسط وامتد إلى الأندلس في عامي 1347 و1348. توجد عدة نسخ منه بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث. "مقنعة السائل في المرض الهائل" للسان الدين ابن الخطيب(ت776ه)، أو رسالة الطاعون: كذا ورد اسمها في الإحاطة وأزهار الرياض. ثم ورد في الإحاطة ونفح الطيب اسم آخر هو: «الكلام على الطاعون المعاصر». وأغلب الظن أنهما رسالة واحدة تتحدّث عن علاج مرض الطاعون الذي اجتاح الأندلس وغيرها من البلدان الإسلامية غير مرة. وقد تكون هي نفسها: «مقنعة السائل، عن المرض الهائل» ، وهي الرسالة الصّحّيّة التي تتحدّث عن مرض الطاعون الذي دهم الأندلس في سنة 749 ه. وقد نشرت بألمانيا مع ترجمة لها بالألمانية في مجلة أكاديمية العلوم سنة1863.Bayerische Akademic Der Wissens haft،. (انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة (المقدمة/ 25) طبعة دار الكتب العلمية الأولى 1424ه) طبعت بتحقيق وتقديم الدكتورة حياة قارة نشر : دار الأمان / الرباط -ط1 – 1436 ه / 2015م. وتوجد هاتان الرسالتان[رسالة ابن خاتمة ورسالة ابن الخطيب في الطاعون] ضمن مجموعة خطية تحفظ بمكتبة الإسكوريال برقم 1785 وقد نشرت رسالة ابن الخطيب مع ترجمتها الألمانية في مجلة أكاديمية العلوم البافارية سنة 1863 م، انظر: قادة فتح الأندلس، محمود شيت خطاب (المتوفى: 1419ه)، الناشر: مؤسسة علوم القرآن – منار للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1424 ه – 2003 م (2/ 169) شرح مقنعة السائل عن المرض الهائل، لأبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن الخطيب السلماني الغرناطي كان حيا (سنة 769ه) تحقيق النبأ عن أمر الوباء، لأبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله اللخمي الشقوري، كان حيا سنة 776ه دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة، لأحمد بن يحيى بن أبي بكر بن أبي حجلة التلمساني المتوفى سنة 776ه المقالة الحكمية في الأمراض الوبائية، لأبي الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن هيدور التادلي (ت816ه) حول ماهية الأمراض الوبائية، وهي مخطوط بالخزانة الحسنية رقم 9605 . مقامة في أمر الوباء، لأبي علي عمر بن علي بن الحاج السعيدي المالقي، كان حيا سنة 844ه. وصية الناصح الأود في التحفظ من المرض الوافد إذا وفد، لأبي عمرو محمد بن أبي بكر محمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن منظور القيسي المتوفى سنة 888ه، أو 889ه. الأجوبة التونسية على الأسئلة الغرناطية، وهي عبارة عن أسئلة وأجوبة تتعلق بنازلى الطاعون الذي وقع بالأندلس سنة 886ه، وهذه الأسئلة وردت من غرناطة من قبل أبي عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري المواق الغرناطي المتوفى سنة 897ه بعث بذلك إلى تونس لأبي عبد الله محمد بن القاسم بن أبي يحيى بن أبي الفضل بن محمد الأنصاري الرصاع التونسي المتوفى سنة 894ه الطب في تدبير المسافرين ومرض الطاعون لعبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن التونسي المتوفى سنة 899ه. البشارة بأن الطاعون لا يدخل الحرمين، لمحمد بن محمد بن عبد الرحمان بن حسين الرعيني المغربي المكي عرف بالحطاب المتوفى سنة 954ه "عمدة الراوين في أحكام الطواعين"، لمحمد بن محمد بن عبد الرحمان الحطاب الرعيني، ت954ه؛ توجد منه نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، ونسخة بالخزانة الحبسية بالزاوية الحمزاوية بإقليم الرشيدية، ونسخة بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث (صنف المواعظ). تحقيق الأنباء فيما يتعلق بالطاعون والوباء، لأبي حامد العربي بن يوسف الفاسي الفهري المتوفى سنة 1052ه. جواب لأحمد بن مبارك اللمطي (ت 1156 ه) عن سؤال في الطاعون؛ أورده المهدي الوزاني في نوازل الحج، ونص السؤال: وسئل العلامة أبو العباس سيدي أحمد بن مبارك عمن حل ببلادهم طاعون ونزل بهم، أعاذنا الله تعالى من نقمه، وخولنا ما عودنا من سوابغ نعمه بفضله وكرمه، وهل يسوغ لهم الخروج فرارا أولا؟ وهل يجوز لهم القدوم على غيرهم ممن ليس بأرضهم طاعون بقصد التجارة أولا؟ وهل إذا أراد من ليس عندهم وباء منع القادمين عليهم من الدخول لأرضهم لأجل التجارة أو شراء كفن أو غير ذلك يمكنون من ذلك ويجوز لهم أولا؟ وما حكم القدوم عليه بغير داع وبغير ضرورة؟ وما حكم التبايع مع أهله والشراء منهم إن قدموا؟ لاسيما سلب من مات بسببه فبينوا جميع ذلك ولكم الأجر. منشور ضمن فتاوى النوازل الجديدة الكبرى فيما لأهل فاس وغيرهم من البدو والقرى المسماة بالمعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب, تصنيف أبي عيسى سيدي المهدي الوزاني، نشر وزارة الأوقاف المغربية 1996م. ص: 203 وما بعدها. وتوجد الرسالة مخطوطة بالخزانة العامة بالرباط رقم د 1854 رسالة للحضيكي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان الجزولي المعروف بالحضيكي (ت 1189ه ) وهي جواب عن سؤال عما يفعل في حال الوباء، قال الأمين البزاز في كتابه الأوبئة والمجاعات في مغرب القرنين 18 و19 "لعلها في طاعون 1747م 1748م" وهي جواب عن سؤال أحد فقهاء العصر هو: هل للمرء أن يمكث في دياره زمن الوباء أو يفر إلى خارجها؟ مع طلب بيان من أصيب بالوباء هل يعتبر شهيدا أم لا؟ أو حصلت له الشهادة ولو فر من هذا الأمر لأحواز بلده. "رسالة في أحكام الطاعون" لمحمد بن الحسن بناني (ت 1194 ه) عندما وقع الطاعون بفاس سنة 1156ه مخطوط ضمن مجموع بالخزانة العامة بالرباط، رقم د 1854 من ورقة 44أ إلى ورقة 48أ. ولعله الذي حقق بالجزائر تحت عنوان "أوراقٌ وفوائدُ في أحكام الطَّاعون" دراسة وتحقيق : عطاء الله فؤاد أحمد. تقييد في الطاعون، لمحمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الجليل الزيزي نزيل الرباط ثم بجعد المتوفى سنة 1214ه "سلك الدرر في ذكر القضاء والقدر" للشيخ أحمد بن محمد بن عجيبة الحسني- المتوفى سنة 1224ه/ 1809م، وهو كتاب عالج فيها إشكالية بيان الفهم الصحيح لمعنى القضاء والقدر في المنظومة العقدية الإسلامية، هذا المفهوم الذي داخله نوع من التأويل الفاسد بعد تفشي وباء الطاعون بمدينة تطوان والنواحي، وخروج الناس بأقوال تناقض عقيدتهم وتفسح المجال لدعاوى العدوى والطيرة المنهي عنهما شرعا, فكان تأليفه هذا مساهمة منه في الرجوع بالناس إلى الصواب اعتمادا على شرح بعض النصوص الدينية، وبيانا للمطلوب منهم فعله في مثل هذه المصائب. رسالة في شرح حديث لا عدوى ولا طيرة، محمد الطيب بن عبد المجيد بن كيران الفاسي، (م1227ه). أجوبة في أحكام الطاعون، لمحمد بن أحمد بن محمد الحاج الرهوني نزيل وزان المتوفى سنة 1230ه إتحاف المنصفين و الأدباء بمباحث الإحتراز عن الوباء، حمدان بن عثمان خوجة، توفي بالقسطنطينية سنة 1255ه. الدرر الدرية المستنيرة في شرح حديث لا عدوى ولا طيرة، لمحمد بن المدني جنون الفاسي (ت 1302ه) طبع على الحجر بفاس سنة 1309ه "أقوال المطاعين في الطعن والطواعين"؛للعربي المشرفي بن عبد القادر بن علي الحسني الإدريسي التلمساني,أبو حامد,ت1313ه،وهو من أطباء القرن التاسع عشر، يبحث في الأمراض الناتجة عن وباء الطاعون، ويشرح معنى الطاعون ويعين الوقت الذي يغلب وقوعه فيه ثم يعرض لوسائل الوقاية والعلاج. وقد ازدان هذا الكتاب بفوائد تاريخية عن الأوبئة التي اجتاحت بعض جهات المغرب ومات بسببها خلق كثير، توجد منه نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط انظر: محمد العربي الخطابي، فهارس الخزانة الملكية (الطب)، ومساهمة علماء المغرب في ميدان الطب والتطبيب، الأستاذ عبد الصمد العشاب، مكتبة عبد الله كَنون طنجة، طبع سنة 2014م بتحقيق الحسين الفرقان. رسالة في شرح حديث لا عدوى، لمحمد بن التهامي بن المدني بن علي كنون ت1331ه رسالة "فيمن حل بأرضهم طاعون" لمحمد بن أبي القاسم الفلالي (ت 1412 ه) ألفه للرد على الفقهاء الذين رموا الفارين من الطاعون بضعف الإيمان، ورأى أن الفرار من الطاعون بمثابة استعمال الدواء. رسالة في الطب، لمحمد بن يحيى السوسي، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم: د 780. الدروع والظباء في دفع الطاعون والوباء، لمحمد بن موسى بن محمد ابن بن حسين بن ناصر بن عمر، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم 1071 ك ضمن مجموع من ص 183-189 أجوبة عن أسئلة فقهية في الطاعون لمجموعة من الفقهاء مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم ك 684. تنبيه الحيارى وتذكرة المهرة في الجمع بين أحاديث الفرار والنهي ولا عدوى ولا طيرة، لمحمد بن البصري المعروف ب بداه، ذكره صاحب كتاب السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 452 المراجع والمصادر: – "تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين 18 و19″، محمد الأمين البزاز، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة رسائل وأطروحات 18 – "مقنعة السائل في المرض الهائل" للسان الدين ابن الخطيب، بتحقيق وتقديم الدكتورة حياة قارة نشر : دار الأمان / الرباط -ط1 – 1436 ه / 2015م. – إتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة، تأليف العلامة محمد بن علي الشوكاني، تحقيق راشد بن عامر بن عبد الله الغفيلي، دار أطلس الخضراء، الطبعة الأولى 2005م. – موقف علماء المغرب من الأوبئة عبر التاريخ (الحلقة الأولى والثانية)، بقلم الأستاذ منتصر الخطيب/ تطوان، مقال منشور على الأنترنت * أستاذ باحث