مات اليوسفي رحمه الله برحمته الواسعة. لكن ما يكتبه الكثير عنه فيه مبالغات جمة. اليوسفي لم يكن مهندس التناوب، مهندس التناوب هو إدريس البصري. لو كان مهندسه ما خرج بعد انتخابات 2002 وحكاية المنهجية الديمقراطية الشهيرة. أغلب أبناء اليوم لم يعيشوا تجربة التناوب ومشكلاتها وينظرون إليها كتجربة فريدة. لم تكن كذلك إلا بميزان هذه المرحلة، أما هنالك فكانت بها مشكلات ضخمة. أغلبية أبناء جيلي لم يعيشوا مرحلة اليوسفي في السبعينات والثمانينات ولذلك نجهل التفاصيل. في عهد اليوسفي حصلت أكبر صفقات الخوصصة، التي سماها نوبير الأموي آنذاك الخضخضة. اليوسفي كان اشتراكيا باع كل شيء للرأسمالية. في عهد اليوسفي تلقت الصحافة الحرة أكبر ضربة لها وتم خنق حرية التعبير مع إغلاق لوجورنال ودومان. التقيت وقتها وزير الاتصال الأسبق محمد العربي المساري رحمه الله واعترف لي بأن القرار خرج من عند اليوسفي. اليوسفي الذي منعت جريدة حزبه منع جرائد الآخرين. في عهد اليوسفي بدأت الاعتقالات في صفوف المغاربة العائدين من أفغانستان والسلفيين بالعشرات وهو صامت. في عهد اليوسفي انتقل الاتحاديون من الفقر إلى الغنى والثراء. في عهد اليوسفي تلقى العمل الحقوقي ضربات قوية، ولا زال البعض يتذكر ليلة الشموع أمام البرلمان. نكتفي بهذا. لم ينقل اليوسفي المغرب من التخلف إلى التقدم، ولكن نقل الحزب من المعارضة إلى الحكومة. ولأن المعاصرة حجاب يعتبر الناس أن بنكيران أقل من اليوسفي حظوة، لكن سيأتي زمن قريب يبكي الناس على عهده كما بكوا على عهد اليوسفي، بل أكثر. ويأتيك بالأخبار من زودت ومن لم تزود.