قليل هم السياسيون من اعتبر ان السياسة اخلاق اولا مثلما اعتبرها عبد الرحمن اليوسفي وطبقها في الواقع فهل بوفاته تكون قد طويت صفحة لن تتكرر كتابتها؟ عرف المرحوم طوال تاريخه الحافل بوفائه لقضايا شعبه وناضل في عدة جبهات قبل الاستقلال وبعده وكانت غايته واحدة كرامة المواطن المغربي وحريته من كل اشكال القهر الاقتصادي والسياسي وهو ما ادخله في مواجهات مباشرة مع السلطة السياسية بالمغرب وصلت الى الحكم باعدامه الا انه ظل متشبتا بمبادئه التي يدافع عنها وصال جال في المحافل الحقوقية والسيا سية الدولية مما بواه مكانة قل من اتيحت له من الشخصيات السياسية العربية والدولية. و سؤال مصير السيا سة في المغرب يجد شرعيتها من الواقع الذي تعيشه هذه الاخيرة في المغرب من انتكاسة بسبب ضعف ممارسيها ليس فقط من جانب المستوى التاطيري ولكن من جانب المستوى الاخلاقي حيث فقدت السياسة بالمغرب بريقها منذ انزواء الاستاذ عبد الرحمن اليوسفي عنها وطفى على السطح ساسويون لا يفرقون بين المصلحة العامة للوطن ومصلحتهم الخاصة التي اضحت محركهم الرئيسي مما انعكس سلبا على المواطنين الذين لم يعودوا يفرقون بين السياسة والعمل التجاري للخلط الذي اوقعهم فيه من احتكر العمل السياسي وورثه لذويه خذمة للمصالح الخاصة وليمت الوطن ومعه وطنية اهله. حقا ان المغرب في مفترق الطرق ويعيش حالة من التيهان لايعرف الى اين سيقوده وقد غابت عنه الاحزاب السياسية التي تؤمن بالمبادئ والاخلاق وتضع في اول اولوياتها هموم وامال الشعب المغربي كما غاب عنها رجال سياسة من طينة عبدالرحمن اليوسفي الذين يضعون مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار اخر ومنها المصلحة الخاصة التي سارت شعار كل داخل على ممارسة العمل السياسي وما ترتب على ذلك من تدهور في القيم والاخلاق في المجتمع المغربي. الآن التابت الذي تعلمته البشرية من التاريخ هو ان الانتهازيون والمصلحيون يعيشون ايامهم المعدودة ويرمون الى مزبلة التاريخ ويخلد الصادقون والاوفياء لوطنهم الذين كرسوا حياتهم في خدمة الوطن والانسانية ومنهم المرحوم الاستاذ عبدالرحمن اليوسفي الذي سيذكره التاريخ كاخر رجال السياسة الذين بصموا التاريخ المعاصر للسياسة بالمغرب باخلاصهم وحبهم للوطن والمواطنين.