إنهم يَجْتَرُّون الأقاوِيلَ تِلْوَ الأقاوِيلِ ثم يجُرُّون و يجُرُّون، غير أنه من شبه المستحيل أن تُسرع حكومة العثماني بطرح الحلول القادرة على إخْرِاجِ البلاد من حالة الحصار المُقنَّعة التي أَدخَلُونا إليها. إنهم يُصَرِّحون و يُثَرثِرون ، غير أنهم أسقطونَا في جُبِّ التَّناقُضات و المُتَناقِضات، و أضاعوا على المغرب فرصة المرور إلى وضع أفضل. هكذا صندوق الجائحة لن يستطيع تقديم أموال الدعم الاجتماعي لمدة أطوَل، و مُحرِّك الإقتصاد بالتَّوقف شبهُ مُعَطل. و إختزال الحل في حجر داخل البيوت ليس إلاَّ أضغاث وهمٍ أخبَل ، لأنَّ الحجر دون إجراء ملايين التحاليل المخبرية إنَّما هو حجاب الإنهيار المُؤجل. و هكذا باتَ الفهم الصحيح غَريقًا يحتاج من ينْتَشِله من أضاليل حكومة العدالة و التنمية و رئيسها السَّبَهْلَلْ. إنهم يعلنون أرقامًا عادمَة تترَّكبُ بعدَها أعدادٌ و أحداث صادمة ، لا تسْطيحَ لمُنْحَنياتها و لا نهاية لِتَذبْذُباتها. و نحن لا حول و لا قوة لنا إلا بالعزيز الرحمان ، فكل الأحزاب لهَا الذي لهَا و عليها واجب تحمل مسؤولياتها الناتجة عن هزالَة عروضِها و مُقترحاتِها و صِبْيَانِيّة تحالفاتِها . إنّهم يضعون تدابير سياسية عبر بلاغات حكومية، ثم يتهربون من حصيلتها باللجوء إلى صياغة بيانات حزبية و كأني بهم لا يُقرون مبدأ المسؤولية الوزارية. و ها هي لايفات الصداقة الفايسبوكية تحولت إلى محاكمات شعبية لممارسات أطر وزارة الداخلية ، ها هي ضغوط النرفزة العصبية تمكنت من تبخيس مجهودات كبيرة. فضاعت سلامة الإجراءات الإستباقية كصَبِّ الماء في كُثبان رملية. إيْ وَ ربّي، إنهم يتطاولون في الإعلام الرسمي بلسان التَّمْطِيطِ السعيد و تقديم الوعود بلا عقلنة الترشيد. ثم يتناوَبون في اللاَّيْف الرقمي على نَزْع ” لَكرافَاطَا ” و تغيير لهجة الخطاب و إعلان الفرار من المحاسبة نحو إرتجال الوعيد. هكذا كان الذي سبقَ و هكذا التالي سيكون. فَبعد أن كان الأمل يخرج من كيْنُونتِنا مُتَمسّكًا بمحاصرة تداعيات كورونا ، سيكون الخوف كائنا حاضرا يحاصرنا من دواخل الصدور و يضغط أعماق الكثير من الفئات المجتمعية المَحزُونة. و لأن عامل الوقت أصبح مؤشرا يصب لفائدة العَدُوَّة كورونا، فمن الواجب الجهر بحقيقة تمكن العدوى من الإنتقال إلى العقل السياسي الحكومي مهددة إياه بالسكتة الدماغية و الشَّلل التام و السَّكرات المَلعونَة. و لعل ترديد كلمات ” إستشراف – المستقبل” قد حوَّلتْها مكونات المنظومة الحزبية إلى لازِمَة إنْشادِيَّة، تَتَغنَّى بنَظمِ مُصطلَحاتِها الأحزاب السياسية في المعارضة و الأغلبية، حيث تاهَ السياسيون عن فضائل العقلانية و الواقعية و الوظيفية. وَ أمام تَجَلِّيات ” إسْتِشْراءِ المُسْتَفْحل” ، هَرَع الفقيه سعد العثماني رئيس حكومة ” الغَفْلَة” للإِقْتِيات من قاموس الشعوذة و التنجيم و الفذلكة الفلكية. فاستخدَم الرموز و الأرقام و الأشكال الهندسية، و مزجَ بين استشراف الوعود الهلامية و بين مستقبل القوابل الأرضية. كلُّ هذا بهدف تبرير الفشل و تغطية الكسل عن ذكر حقيقة القصور الذاتي لحكومة العدالة و التنمية أمام أهوال الجائحة الوبائية. و عوض الإستعانة بأهل الإختصاص أولئك الراسخين في علوم تدبير الأزمات و المالكين لمفاتيح الحلول و إبداع المخرجات. فإن زعماء الأحزاب الفاشلة قد يلجأون إلى توظيف المنجمين و السحرة و العرافات، من أجل تمكينهم من إسْتِراق أخبار الغيب لاستشرافِ المستقبل على المدى القريب و المتوسط علَّهم يستدركون مَسَاوِئَ ما فات. ما داموا هُم العاجزين عن تأليف سيناريوهات للجائحة، وَ ما بعدَها ، وَ ما هو أَبْعَدُ ممَّا هو آت. ثم هَاكُم الكثير من البوْحِ الذي تتَناوله أحاديث المجتمع ، بَوْحٌ يُلامِس تيمة الخوف من مستقبل العثماني المجهول أو من حاضر الفشل الذي يُفَسِّر المُحْكَمَ و مَا تشابَهَ من الآيات. و الأكيد أن كرونولوجيا أحداث أزمة الفيروس التاجي في المغرب، تبسط لنا نوازل فقدان حكومة العثماني لشرعِيَّتها المكتسبة من أصوات الإرادة الشعبية. و ذلك بدءاً من عجزها عن مسايرة المبادرات الملكية الحكيمة و عدم مواكبَتها بالتنفيذ الفعال لحالة الطوارئ الصحية ، و إنعدام قدرتها على القيام بِرَدِّ الفعل السريع المناسب في الزمان المناسب و المكان المناسب. وصولا إلى فشل حكومة العثماني في التطبيق الحسَن للتدابير الوقائية بالتجمعات الصناعية التي تحولت إلى بؤر تفشي الفيروس في المغرب. و لأن محنة تضييع شهرين من حالة الطوارئ الصحية ، علَّمتنا دروسا في العلوم السياسية. فإن مُلَخَّصاتِ مَجْزُوءاتِها البارزة تتجسد في حكمة الإقرار بأن جائحة كورونا لها أثر يقود إلى إسقاط شرعية الحكومات كأثر الثورات و الحروب. ممّا يسمح لنا بالتأكيد – من جديد- على أن فشل حكومة العثماني فى مواجهة أزمة الجائحة ، لا بد و أن يؤدي إلى إستبدالِها بحكومة إنقاذ تشكل الوسيلة الفعالة لبلوغ غايةِ إستدراك الخسائر المتعددة الأبعاد لمخلفات الوباء الكارثية. إيْ وَ ربِّي ، لقد أسقَطَتْنا حكومة العدالة و التنمية في كمين كورونا. و لعل حالة الدوخة الوزارية و تيهان المنظومة الحزبية يعطيان الدليل المتين على أن هذه الحكومة خسِرت رهانَها و لا تستطيع إنقاذ حياة الإقتصاد الوطني. بالتالي هذا ما يمنَحُنا صيغة الشرط المشروع للإجابة عن سؤال الشرعية!. إِيْنَعَم ، ستَسقُط ” شرعية حكومة العثماني”، إذ لا شرعية اليوم للحكومة عَدَا شرعية الخروج الآمن من حالة الطوارئ الصحية و شرعية الإنتصار لغايات إنقاذ العباد و اقتصاد البلاد. و بعد ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون !.