لاشك أن انتشار فيروس كورونا في المغرب أدى إلى اتخاذ مجموعة من التدابير، كمنع التجمعات البشرية، إغلاق المدارس، إغلاق المقاهي والمطاعم، إغلاق دور العبادة… والإعلان الرسمي لحالة الطوارئ الصحية بمقتضى مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الذي نص في المادة الثانية منه على أنه يعلن عن حالة الطوارئ الصحية عندما تقتضي الضرورة ذلك بموجب مرسوم باقتراح مشترك من السلطتين الحكوميتين المكلفتين بالداخلية والصحة، و الذي حدد النطاق الترابي والنطاق الزمني، والإجراءات الواجب اتخاذها. وإعمالا للمادة الثانية المذكورة أعلاه صدر مرسوم رقم 2.20.293 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا، والذي نص في المادة الأولى منه على أنه يعلن عن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني إلى غاية 20 تاريخ أبريل 2020 في الساعة السادسة مساء، وذلك من أجل مواجهة تفشي فيروس كورونا، ورغم حلول الأجل المذكور إلا أن ما يسمى بتسطيح المنحنى وانخفاض الحالات بشكل يجعل الحكومة تفكر في رفع حالة الطوارئ لم يتحقق، الشيء الذي اضطرها إلى التمديد الأول بمقتضى مرسوم رقم 2.20.330 القاضي بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا، والناص على تمديد حالة الطوارئ إلى غاية تاريخ 20 ماي 2020 في الساعة السادسة مساء، كما تم تمديد حالة الطوارئ الصحية للمرة الثانية بمقتضى المرسوم رقم 2.20.371 والناص على تمديد حالة الطوارئ إلى غاية تاريخ 10 يونيو 2020. غير أنه رغم تمديد حالة الطوارئ الصحية للمرة الثانية إلا أن الحكومة قامت برفع مجموعة من القيود والإجراءات وذلك تفاديا للخسائر التي يعرفها الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق أصدرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة دورية توضح عدد من المهام والأنشطة التي يمكن للإدارات استئنافها بشكل تدريجي بما يضمن سلامة وصحة الموظفين والمرتفقين. كما وجه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة دعوة إلى المقاولات وكل الفاعلين الاقتصاديين لاستئناف أنشطة مقاولاتهم بعد عيد الفطر باستثناء التي تم إيقافها بقرارات إدارية صادرة عن السلطات المحلية، أي قبل حلول الأجل المحدد لرفع حالة الطوارئ وهو 10 يونيو المقبل. ومن جهة أخرى أعلن السيد وزير الثقافة والشباب والرياضة أنه بالنسبة للصحف والجرائد الورقية يمكن استئناف إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية وذلك يوم الثلاثاء 26 ماي 2020. وقد أعلنت وزارة الداخلية كذلك عن رفع حظر التجول الليلي بعد عيد الفطر. إن هذه الإجراءات المتخذة تجعلنا نتساءل هل تم فعلا تمديد حالة الطوارئ للمرة الثانية إلى غاية يوم 10 يونيو المقبل ؟ جوابا على هذا التساؤل، يمكن القول أن المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، نص على كيفية الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، في حين سكت عن كيفية رفع حالة الطوارئ الصحية، مما يعني أنه ترك هامش كبير من الحرية للحكومة وذلك في إطار سلطتها التقديرية لرفع حالة الطوارئ الصحية، بحيث يمكنها إما بواسطة بلاغات أو مناشير أو قرارات أو مراسيم توضيح كيفية رفع حالة الطوارئ الصحية. والمغرب إدراكا منهم بخطورة التمديد الثاني على الاقتصاد وبما له من آثار اجتماعية ونفسية، فقد قرر الرفع التدريجي للحجر الصحي تحت مسمى التمديد الثاني لحالة الطوارئ الصحية، وإلا فكيف يمكن أن نفسر التمديد الثاني وفي نفس الوقت دعوة المقاولات لاستئناف عملها بعد عيد الفطر ورفع حضر التجول الليلي.. ولا يخفى أن الرفع التدريجي لحالة الطوارئ الصحية هو الحل الأنسب، لأن الرفع الكلي ستكون له تداعيات خطيرة وسيساهم في ظهور موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا، وتجدر الإشارة بأن الرفع التدريجي للحجر الصحي سيكون مناسب بشكل كبير لو تبنى المؤشر الجهوي، لأن بعض الجهات أو الأقاليم لا تعرف أية إصابة بفيروس كورونا، بمعنى أن نسبة رفع الحجر الصحي ستكون بشكل مرتفع في الأقاليم التي لا تعرف أية إصابة، بخلاف الأقاليم التي تعرف ارتفاع في عدد الإصابات. وعلى العموم فالرفع التدريجي لحالة الطوارئ الصحية ليس حلا لمنع انتشار الفيروس وإنما وسيلة لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار، إذ لابد من توخي الحيطة والحذر والالتزام بارشادات السلطات المختصة واتخاذ كل وسائل الوقاية، وذلك للموازنة بين الحفاظ على النظام العام الاقتصادي والاجتماعي وضمان الحفاظ على الصحة العامة. * محام بالرباط