أوضح نور الدين الواهلي، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، على أن وثيرة الشكايات المتعلقة بالعنف ضد المرأة لم تتغير بالرغم من فرض الحجر الصحي بالبيوت. وقال الواهلي في حوار خص به موقع “العمق”، إن النيابة العامة، وبالرغم من الظروف التي فرضتها حالة الطوارئ، لازالت تشتغل بنفس الوثيرة لتحقيق النجاعة القضائية، كما كشف على أن المحكمة اتخذت عدة تدابير بديلة من أجل تقليص توافد المرتفقين في ظل تفشي وباء كورونا. حاورته: ريم بنداود ما هي الإجراءات التي اتخذتها المحكمة الابتدائية بالقنيطرة في ظل حالة الطوارئ؟ محكمة القنيطرة، وتفاعلا مع المبادرات الرسمية التي تهدف بالأساس إلى تطويق جائحة فيروس كورونا، وإقرار حالة الطوارئ التي فرضت على المواطنين الالتزام بالحجر ببيوتهم، والخروج للضرورة وبإذن من السلطات المختصة،سنَتّ عددا من القرارات. وهذا الأساس، ورغبة من النيابة العامة في الحفاظ على سيرورة العمل في ظل هذه الظروف، قامت بإصدار شواهد تبرر ضرورة تنقل السادة قضاة النيابة العامة لمباشرة المهام الموكولة إليهم، كما بادر رئيس مصلحة كتابة النيابة العامة بالتنسيق معنا لاستصدار شواهد تبرر تنقل الموظفين إلى مقر المحكمة، وكل هذا في الحدود الدنيا لاستمرار عمل هذا المرفق بوثيرة مقبولة”. وتنفيذا وتفاعلا مع توجيهات السيد رئيس النيابة العامة الرامية إلى المساهمة في الجهود التي تبذلها الدولة في تطويق جائحة كورونا والحفاظ على سلامة القضاة والموظفين وسلامة وأيضا صحة المواطنين، تم اتخاذ عدد من المبادرات من قبيل إيجاد وسائل بديلة للتواصل عن بعد من المواطنين والمرتفقين، بتقديم شكاياتهم أو استفساراتهم عبر خطي الفاكس اللذان وفرتهما المحكمة، أو حساب البريد الإلكتروني، كما تم وضع خطين هاتفيين لتلقي اتصالات المواطنين والجواب على استفساراتهم، وكذا اتصالات المحامين، ولم لا التبليغ على بعض الجرائم. وتم تكليف نواب مؤهلين لتلقي هذه الشكايات والتفاعل معها ودراستها واتخاذ الإجراءات المتعلقة بها على ضوء معطيات كل حالة على حدة. – كم عدد الشكايات التي توصلتم بها خلال هذه الفترة (الحجر الصحي)؟ في أول يوم تم الإعلان فيه عن هذه المبادرة، وإبلاغها للمحامين عن طريق مؤسسة النقيب وكل رؤساء الهيئات المهنية المساعدة للقضاء، وعموم المواطنين عبر تعليق إعلان بباب المحكمة، توصلنا ب36 شكاية-ليس هو نفس العدد الذي نسجله في الأيام العادية، لكن يبقى العدد مهم-، وتراجعت هذه النسبة لتتراوح بين 10 إلى 20 شكاية فقط، لاعتبارات متعددة من بينها أن عددا من المواطنين لا يحسنون التعامل مع آليات البريد الإلكتروني، ومع تحرير الشكايات، وكانوا يلجئون في العادي إلى الكتاب العموميين إلا أن السلطات العمومية وبسبب هذه الظرفية قررت إغلاق هذه المحلات، وبالتالي يتم اللجوء بشكل أكبر إلى المراسلة عبر الفاكس. النيابة العامة وبالرغم من هذه الظروف التي فرضتها حالة الطوارئ، لازالت تشتغل بنفس الوثيرة، همنا هو تحقيق النجاعة القضائية والبت في الشكايات في آجال معقولة. – ما هي نوعية الشكايات التي تتوصلون بها خلال فترة الحجر الصحي؟ تتعلق تلك الشكايات بخلافات الجوار بالأساس، بالإضافة إلى شكايات انتزاع العقار، حيث استغل البعض فترة الطوارئ للترامي على أراضي أو عقارات الغير، هذا بالإضافة إلى شكايات العنف (الضرب والجرح)، والإهانة، ناهيك عن شكايات المؤسسات التي تسهر على تنفيذ القانون في ظل الظروف الحالية في مواجهة الأشخاص الذين يرتكبون في حقها أفعال مجرمة. – في ظل الحجر الصحي بالبيوت، هل ارتفعت الشكايات المتعلقة بالعنف ضد المرأة؟ لا، بالنسبة لشكايات العنف ضد المرأة بقيت في وتيرتها العادية، ولم نلاحظ أي طفرة أو تزايد في عدد هذه النوعية من الشكايات، بل يمكن القول إن هناك بعض الانخفاض عن الوثيرة العادية. – كيف تعاملت المحكمة مع الجلسات في ظل تخوفات العدوى بفيروس كورونا؟ من التدابير التي تم اتخاذها تأخير جميع الجلسات الجنحية، وحتى المدنية على مستوى رئاسة المحكمة، باستثناء الجلسات ذات الطابع الاستعجالي، وذلك من أجل الحد أو على الأقل تقليل توافد المواطنين إلى مقر المحكمة، للتقليل من احتمالات انتشار الوباء. وبالتالي تم تأخير الجلسات، باستثناء تلك المتعلقة بقضايا التحقيق وقضايا المعتقلين لأنها تمس حرية الأشخاص وبالتالي من اللازم انعقادها خلال الأسبوع. وحاولنا أيضا تقليص عدد الجلسات المبرمجة في الأسبوع من خلال الاقتصار على جلستين فقط للبت في قضايا الجنحي -اعتقال تلبسي-، وهيئة واحدة للبت في قضايا الجنح الضبطية المستأنفة (ودائما يتعلق الأمر بالأشخاص المعتقلين)، لكن في الحدود الدنيا، لضمان إدراج الملفات التي يفرض القانون لها آجالا معينة، وبالمقابل الملفات العادية تم إرجاء تعيين جلسات لها في الأفق القريب، ونتمنى ألا تطول المدة لعرضها على القضاء. إجراءات أخرى اتخذناها للتعامل مع الظروف التي تعيشها بلادنا حاليا، ويتعلق الأمر بتقليل تقديم الأشخاص إلى النيابة العامة، وقصر حالات التقديم على الأشخاص الموضوعين في الحراسة النظرية، وحتى بالنسبة لهذا الإجراء حاولنا ترشيده والتقليص من اللجوء إليه إلا في حالات الضرورة. وخلال تقديم هؤلاء الأشخاص أمام النيابة العامة، اتخذنا عددا من الإجراءات لضمان عدم تفشي الوباء، نحاول بإمكانياتنا الذاتية توفير كمامات للسجناء الذين لا يتوفرون عليها، كما غيرنا مكان الاستنطاق الذي كان في العادة يحدث في أمكنة ضيقة ومسيّجة، وبادرنا إلى إجراء عملية الاستنطاق في قاعة الجلسات حيث المكان أرحب، وبالإمكان احترام المسافة الكافية بين السجناء وعناصر الأمر الذين يقومون بحراستهم وكذا القضاة الذين يقومون باستنطاقهم لتحقيق التباعد الاجتماعي. – ما هي أنواع الجرائم المرتكبة في ظل حالة الطوارئ؟ في ظل هذه الظرفية، الجرائم التي يتم تسجيلها تتعلق أساسا بخرق حالات الطوارئ الصحية وعدم احترام الإجراءات التي اتخذتها السلطات بموجب قانون فرض حالة الطوارئ بما في ذلك عدم وضع الكمامات، الإجراء الذي تم فرضه مؤخرا. السلطات قيدت الخروج بضرورة الحصول على وثيقة أو رخصة خروج تتضمن خانات تحدد أسباب خروج المعني، لكن الذي يحدث مثلا أن بعض المواطنين يخرجون بدون تلك الرخصة، أو خلال الليل، وهناك أشخاص لا يضعون الكمامة بالرغم من إقرار عقوبات محددة للأشخاص الذين يرفضون وضعها. وبالإضافة إلى هذه الجرائم، هناك جرائم أخرى تتعلق بحيازة أو الاتجار في المخدرات التي بقيت في وتيرتها العادية، تم بعض السرقات على قلتها، وهناك توجه بهذا الخصوص سارت فيه هذه المحكمة، حيث تم تكييف هذه السرقات التي تتم في حالة الطوارئ إلى جنايات وتتم إحالتها على محكمة الاستئناف للنظر فيها لأن هناك ظروف تشدد العقوبة. هناك أيضا جرائم تتعلق بالشيك بدون رصيد، وجرائم أخرى لكنها قليلة مقارنة مع الجرائم التي ذكرت مثل السكر العلني، لكن جرائم خرق إجراءات الحجر الصحي كانت الأكثر. وفي هذا الإطار، أوقفت مصالح الأمن ما يقارب 3000 شخصا على مستوى القنيطرة من أجل مخالفة إجراءات الطوارئ الصحية، وتم البحث معهم، وقدم فقط بعضهم أمام النيابة العامة فيما تم إحالة الأبحاث المجراة مع الباقين في شكل معلومات قضائية بحسب الحالة، وذلك تفاديا لتقديم عدد هائل من المخالفين أمام النيابة العامة لأن ذلك لا يتماشى وجهود السلطات الرامية إلى تفادي كل ما من شأنه تسهيل انتقال الوباء. أؤكد على أن السلطات حاسمة في ضرورة فرض احترام هذه الإجراءات والنيابة العامة دائما تواكب السلطات بالإشراف والتتبع وإعطاء التعليمات المناسبة على ضوء معطيات كل حالة على حدة. – تعرض بعض عناصر السلطة إلى العنف بالقنيطرة. أين وصل هذا الملف؟ واقعة الاعتداء على السلطات الساهرة على تنفيذ إجراءات حالة الطوارئ، أؤكد لكم على أن النيابة العامة لن تتساهل مع أي اعتداء قد يلحق المواطنين أو السلطات المحلية أو غيرهم المكلفين بتنفيذ الإجراءات متى وصلت إلى حد الجنح المعاقب عليها قانونيا. وفيما يتعلق بالحالة التي وقعت على مستوى القنيطرة، تم التعامل معها بالصرامة اللازمة، وعلى إثر ذلك أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق، والبحث في النازلة، حيث تم اعتقال متورطين في هذا الملف الذي لازال معروضا أمام القضاء، فيما لازال البحث جاريا عن الفاعل الأصلي. – الملاحظ أن هناك متابعات بسبب عدم وضع الكمامات بالرغم من ندرتها بالصيدليات وباقي نقط البيع. ما تعليقكم؟ نحن نُفعِّل النصوص القانونية، النيابة العامة تنظر إلى الوقائع وتقدر كل فعل على حدة، في البداية كان هناك تساهل مع بعض المواطنين الذين لا يرتدون الكمامات، لكن وحسب التصريحات الرسمية وما نقرأه عبر وسائل الإعلام فقد صارت متوفرة، وبالتالي لا تساهل مع الأمر في حال توفر الكمامات، مادام أن هناك قرار بضرورة ارتدائها وفي ظل سن عقوبات واضحة، سيما وأن مخالفة هذا الإجراء فيه ضرر كبير للشخص نفسه وللآخرين.