لأن الفن لا يُحجر عليه، لجأ فنانون وممثلون عرب وأجانب، عبر دول العالم، إلى المنصات الاجتماعية، لتقديم عروض موسيقية ومسرحية مباشرة، بهدف تكسير ملل الحجر الصحي المفروض بعد تفشي الوباء. عبد الفتاح عشيق، أحد هؤلاء الفنانين، مخرج وممثل مسرحي، حول حسابه الشخصي في “فايسبوك”، إلى ركح افتراضي لعرض مشاهد تمثيلية مباشرة، وسد فراغ تعليق الأنشطة الثقافية بالمغرب. وقال الممثل عشيق، في تصريح لجريدة العمق، إن “المبادرة نتاج الأزمة التي نعيشها، وتتميز بالعرض المباشر والتفاعلي مع الجمهور، ومدتها قصيرة، مضيفاً “وظفت الوسائط الرقمية لتقديم محتويات يمكن مشاهدتها في أي مكان وزمان”. وأوضح عشيق أن “مسرحنت” فرصة للرد على الحملة الشرسة التي تعرض لها الفنانين من قبل بعض الناس، وتساؤلهم عن دور الفنان في الأزمات، فحاولت الرد بطريقة فنية دون اللجوء إلى خطاب الكراهية والعنف، مشيرا “عن طريق الفن يمكن تغيير الواقع”. وأردف الفنان عشيق أن “هدف المبادرة إبعاد الناس عن الأخبار السلبية المتكررة في المنصات الاجتماعية، وإدخالهم في أجواء فنية عبر مناقشة فيروس كورونا بطريقة إيجابية قادرة على تقوية مناعتهم النفسية”. وأوضح الفنان عشيق: “انطلقت مع فرض حالة الطوارئ الصحية، وبدأت بعروض توعوية، بعدها استرسلت في تقديم عروض حول الظرفية المعاشة”، مردفاً “مدة العرض تتراوح بين ثلاث وخمس دقائق، وطبيعة النصوص تكون إما عبارة عن عوارض أو مرتجلة مع تفاعل الجمهور”. وبخصوص طريقة الاشتغال، قال عشيق: “أبحث عن فكرة العرض ثم أجهز الرسم التخطيطي “ستوري بورد”، والحوارات والانتقالات والإكسسوارات المستخدمة، والفضاء المستعمل، مشيرا “يستغرق إعداد كل عرض يومين حتى لا يكون عشوائيا”. وأضاف عشيق: “أستعين بأدوات موجودة بالبيت، ولا اضطر للخروج لشراء ملابس أو إكسسوارات جديدة، كما أعمل على تطويع فضاء البيت من أجل خلق السينوغرافيا المناسبة، وجعله قيمة فنية تخدم فكرة العرض”. وعن تفاعل رواد المنصات الاجتماعية مع المبادرة، أوضح عشيق أن “من خلال التعليقات والرسائل، لاقت المبادرة تفاعلا واسعا من طرف الناس، وساهمت في خلق بيئة إيجابية ونقاشات تفاعلية، مشيرا “مجموعة من الناس لم يكن لديهم اهتمام بالمسرح أصبحوا يشاهدون العروض ويساهمون في النقاش”. وقدم الفنان عبد الفتاح عشيق، طالب الإجازة المهنية في الدراسات المسرحية، منذ بداية هذه المبادرة الفنية حوالي ثمانية عروض مسرحية من قبيل عرض “قلق”، “البطبوط الحافي”، “كولوار”، و”طَابُو”. ولاقت مبادرة “مسرحنت” ترحيبا كبيرا من طرف بعض الممثلين المسرحين، الممارسين والهواة، حيث بدؤوا في مشاركة عروض مسرحية قصيرة مع متابعيهم عبر حساباتهم الشخصية بمنصة “فايسبوك”. تجدر الإشارة إلى أن الفنان عبد الفتاح عشيق قدم عدة أعمال تجمع بين مسرح الشارع والقاعة من قبيل “فين”، “علاش”، “باش جاي باش داير”، و”آش في الراس”، وشارك في مهرجانات وطنية ودولية