مازالت الجائحة تحصد الأرواح بين سكان العالم و مازال التهديد قائما ،و مازالت الدول تتسابق في سبيل التخفيف من الخسائر البشرية وإنقاذ الأرواح، و ها هي المختبرات العلمية تسابق الزمن لاختراع علاج مضاد للفيروس في شتى بقاع المعمور، وها هي سلطات بلدنا المغرب بقيادة ملكنا المقدام محمد السادس القريب من مواطنيه، تسعى للتخفيف من آثار الجائحة ماديا عبر صرف معونات مالية للأسر الهشة، ومعنويا وتوعويا عبر التوعية والاتجاه نحو نشر الطمأنينة أثناء هذه الفترة الحرجة من تاريخ المغرب من خلال وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية والتلفزية …وعلى أكثر من صعيد في المدن والقرى، في الأحياء والأسواق وغيرها… والهدف واحد وبسيط هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، في خطوات تسابق الزمن ،وإجراءات احترازية استباقية غير مسبوقة في التاريخ ،شهد لنا بها القاصي قبل الداني، خطوات لو طبقت بكل مسؤولية والتزام ، ستكون بلسما لجراح المرضى والمصابين بهذا الفيروس، ونجاة للسالمين والأصحاء ، هدف بسيط وبسيط جدا… لكنه يتطلب قرارا جريئا من كل واحد يعتبر نفسه مواطنا يحب هذا الوطن ،ويساهم في الرفع من شأن نفسه وشان وطنه… هدف بسيط وبسيط جدا …لكنه يتطلب الوعي بالمرحلة وخطورتها ،والانخراط اللامشروط في سبيل إنجاحها ، وبخطوات بسيطة منها النظافة والحجر المنزلي وارتداء الكمامة عند الخروج “للضرورة ” – قبل فوات الأوان – نسألك اللهم اللطف ورفع الغمة والبلاء والوباء، ومع ذلك ، على أرض الواقع اليومي في دنيا الناس، تظهر لنا تناقضات متراكمة ومتكررة هنا وهناك في كيفية التعاطي مع الأمر، والانتباه إليه; *- بين أناس طُلب منهم الحجر المنزلي ،كوسيلة مؤقتة لحماية الأنفس والوطن- لن تطول بإذن الله- وستكون سببا في تقليل الأضرار البشرية، وإثبات صحة القرارات المتخذة وصوابية الإجراءات الاحترازية، وقدرة المواطنين على دعمها وتطبيقها دون كلل أو ملل، ويمكن الالتزام بها دون أن تتعسر الحياة… *- وبين أناس فُرض عليهم الهجر المنزلي اضطرارا ،لحماية إخوانهم المغاربة ، لأنهم في الصفوف الأمامية لمواجهة هذا الفيروس الغريب عنا والذي ينتقل بسرعة ولا تظهر أعراضه، مبتعدين عن بيوتهم وفلذات أكبادهم ووالديهم ،مضحين بأرواحهم وأنفسهم ، محتسبين العمل في هذه الظروف الاستثنائية لله عز وجل عساها تكون بحول الله “شدة وخفت” وغيابهم عن الساحة … ونكوصهم الى الخلف… أو توانيهم في العمل… أو انسحابهم دون سابق إخبار… يعني- لاقدر الله- المزيد من الأرواح، المزيد من الأيتام ،المزيد من الأرامل ، المزيد من الأحزان… المزيد من الشدة والعسر… ولا يمكنهم إلا الالتزام والسهر على راحة المرضى ،والتواجد داخل الميدان … سواء بالمستشفيات أو بالشوارع أو بمقرات العمل ، والمرابطة في كل ثغر كُلِّفوا به لحماية الوطن والمواطنين ، غير آبهين بتحبيط المحبطين وانتقاد المنتقدين واستهزاء المستهزئين ،واضعين نصب أعينهم هما واحدا :إرضاء الله والضمير ،منفذين لتوجيهات ملكنا محمد السادس ،السبّاق الى المبادرات التي تخدم وطنه ومواطنيه … وإلا تعسرت الحياة… ونحن نتنعم بالحجر المنزلي . أجل نتنعم بالحجر المنزلي ،لأنه سبيل للخلاص ،ولابد من الالتزام به، والمريض الذي يعرف ان دواءه مرّ لا يتردد في تناوله ،ولو طالت مدة العلاج. نتنعم بالحجر المنزلي ،لأننا لوكنا مكان من فُرض عليهم الهجر المنزلي لاستوعبنا الدرس جيدا، لكن بعضنا – عن حسن نية أو جهل أو غفلة- لا يُقدر ما يُفعَل لأجله وهو بين جدران منزله الفسيح ،وعائلته الدافئة ،وفراشه الوثير ،وصوت أبنائه الصغار وهم يتصايحون حينا ،ويتباكون حينا ،وربما بين أوراق عالمه الخيالي مع رواية أو قصة ،أو مع كتاب ربنا عز وجل… شتان بين الاختيار … والاضطرار… شتان بين الالتزام… والاستهتار… شتان بين أمر مؤقت في زمن محدد… وآخر لا مفر منه لكنه مؤكد… شتان بين التوعية …والتلهية… شتان بين التشجيع …و التحبيط… شتان بين من تلقف الرسالة وشرب الدواء المر… وبين من لم يستسغ الدواء ولفظه وهو يعلم أنه دواؤه… شتان بين الساهر على الأمن والسلامة والهدوء… وبين من يخرق الأمن ويعمق الأزمة في هدوء… شتان حينها بين النتائج ومن ساهم إيجابيا فيها … وبين من كرسها وكان سببا سلبيا فيها … فلكُم يا من فُرض عليهم الهجر المنزلي نرفع القبعة عاليا… اعترافا بجهودكم في كل ثغور وتخوم هذا الوطن – وهذا جهد المقل- ستبقى ذكراكم في البال…وسنحدث عنكم أبناءنا وأحفادنا… سيسجل التاريخ بأنكم مثلتم بكل تفان أنفسكم ومهنكم أفضل تمثيل ، وأثبتتم وطنيتكم بكل بساطة ودون تصنع ، ولبيتم نداء الوطن عندما احتاج إليكم الوطن… وقريبا بحول الله ،سيرفع الله البلاء ،وتعود المياه الى مجاريها ،ويختفي الوباء، “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال” -الرعد/17. نعم ،لقد مكثتم في الأرض ، ومكثتم في المكان بل الأمكنة التي أمرتم بالمكوث فيها ،وذهبت أقاويل السفهاء جفاء، لأنها زبد وسراب ومآله الى خراب ،حينها ستنقشع الغيوم ويظهر النور، حينها، ستتوجون بوسام الوطنية. وما أغلاه من وسام! “فاعتبروا يا أولي الأبصار”-الحشر/2