حروب وحقوق مهضومة، إتجار في البشر، وألغام في الأرض “مدفونة”، وجماعات متطرفة تجول طولا وعرضا، ودول تبحث عن الاستثمار ونهب ما بقية من خيرات المنطقة، ودول أخرى تبحث عن إستقرارها وتأمين حدودها ، وسلامة مواطنيها. هي صورة مختزلة للشرق الأوسط الثاني بالمنطقة المغاربية، خاصة الوضع في ليبيا. ففي الوقت الذي يبحث فيه ليبيين عن أرض آمنة والتي لم تعد آمنة منذ سقوط كرسي “معمر القذافي”، وإنقسام الشعب ليبي إلى شعب “حفتر” و شعب ينتمي إلى خريطة “السراج” و شعب آخر لا زال ينتمي إلى جمهورية “القذافي”، ومن كل هذه الشعوب لازال من يحن إلى زمن صاحب الكتاب الأخضر. مجموعة من الدول اليوم تتغلغل وسط التراب ليبي جاعلة من المنطقة “سجل تجاري” كما يقول المغرب، بإعتباره دولة من دول المنطقة، وأمن ليبيا هو أمن دول المنطقة المغاربية ككل، في حين أنكرت الجزائر عدم التدخل في شؤون أشقاء “مائدة مراكش” المنعقدة سنة 1989، لأن التدخل في شؤون الغير مخالف للدستور الجزائري كما تقول الخارجية الجزائرية. في الوقت الذي وقفت فيه تونس محايدة. ودول أخرى رقصت في مؤتمر برلين بلا نتيجة تذكر من أجل حل الأزمة، رامية مخرجات إتفاق الصخيرات في سلة المهملات، هادفة من ذلك إلى جعل المنطقة “الشرق الأوسط الثاني”، وجاعلة الخريطة ليبية مقسمة إلى دويلات صغيرة مصغرة. دول تدعم وتبحث عن السلام، وأخرى تبحث في المنطقة عن كنوز البترول ولا يهم ماذا يجري على الساحة الليبية. فتركيا تقف بجانب حكومة الوفاق الوطني برئاسة “فايز السراج”، في حين تدعم كل من الإمارات والسعودية ومصر “قوات الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير خليفة حفتر، وهو نفس السيناريو الذي وقع في اليمن وسوريا، ترغب هذه الدول في نقله إلى المنطقة المغاربية، جاعلة منها “الشرق الأوسط الثاني”. فتركيا تحن إلى زمن “الامتداد العثماني”، وتحتاج إلى الغاز والنفط، في حين تحن دول أخرى إلى زمن تمزيق ما بقية من الخريطة العربية، ونهب ما تبقى من خيرات ليبيا، هذا الصراع سيؤثر لا محالة على دول المغرب العربي، التي وقفت موقف محايد ولم تنجر بعد إلى المعركة، رغم أنها تعتبر هي التي يرجع إليها الحل من أجل تجاوز الأزمة، وتطبيق إتفاق مراكش الذي ينص على أن دول أن دول إتحاد المغرب العربي تساهم في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، ولكن هذه الدول بنفسها تعيش أزمات. *مدون وكاتب رأي في مجموعة من الصحف ، وباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية – المغرب جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة