أخشى من تقديم بطاقة تعريفية عن واحة كلميمة أن أظل بوصلة الأفكار التي تراود مخيلتي، كما أخاف أن يؤدي بي الغوص في سرد تاريخ المدينة أو ذكر خصائصها الجغرافية أو حتى مميزاتها الثقافية إلى الابتعاد عن هدفي. وحتى لا أسقط في هذه المنزلقات سأحاول تركيز سهم مقالي هذا صوب الإجابة عن سؤال: لماذا توقفت عجلة التنمية بالواحة ؟ بمعنى آخر أكثر بساطة، لماذا أصبح الوضع بكلميمة يتأسف له الجار قبل صاحب الدار؟ من منطق سياسي، نحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالواحة لساكنتها بالدرجة الأولى ، كون كلمة انتخاب نوابهم ترجع لهم وحدهم دون سواهم ، فاختيار أعضاء المجالس المنتخبة وبالتالي رؤسائها أمر مكفول بقوة الدستور للساكنة ، وهي تتحمل مسؤولية أي شخص يعمر طويلا في كرسي لا يناسب شخصه. الرجل السياسي بطبيعة الحال هو شخص عقلاني بطبعه، فهو يدرس المواقف التي يحملها كما يدرس المواقع التي يحتلها ، والدراسة هنا ترتكز أساسا على المنافع و الأضرار التي يمكن أن تنتج جراء هذه وتلك . من منطق سوسيولوجي، نحمل مسؤولية ركود التنمية بالمنطقة للأفكار المتجذرة في عقول الأفراد المكونين للمجتمع الكولميمي، باعتبارها أفكارا رافضة مبدئيا لمنطق التنمية التي تبتدئ من المواطن العادي نفسه قبل المواطن المسؤول والمنخرط في تسيير الشأن المحلي ، هذا دون إغفال مخلفات الإثنية والقبلية والصراعات الايديولوجية والترسبات الثقافية. يصف الزميل محمد آيت حساين في إحدى مقالاته الصحافية المنشورة على جريدة هسبريس واحة كلميمة ب”مدينة الأدمغة” لاعتبارها مشتلا للأطر والكفاءات ، طبعا نحن لا ننكر الوصف لكننا سنضيف صفات قد تضايق البعض دون البعض الآخر. فالواحة بالنسبة لنا موطن للأدمغة الغير مسؤولة…موطن أدمغة تم تخدير إرادتها لتنمية بلدتها…موطن أدمغة تنقصها الاستقلالية كما تفتقد الشجاعة لقول لا أمام الفساد الذي ينخر الواحة ، طبعا ، أنا هنا لا أعمم هذه الصفات لكن و للأسف الشديد مبدأ “أنا ومن بعدي الطوفان” هو الذي يحكم نوايا أغلب الساكنة حتى لا أقول شيئا آخر. قد يقول قارئ إن كاتب هذه الاسطر يحمل نظرة تشاؤمية بعيدة عن منطق العقل والأرقام، كما قد يدرج قراء آخرون مقالي هذا ضمن خانة الخواطر. وأنا بدوري أدعو كل من يقول شيئا من هذا إلى زيارة الواحة لكن دون الاكتفاء بالمرور من شارعها الرئيسي بل التجول في أحيائها ، وله أن يختار منها ما يشاء حتى يقف على كلامي هذا كما كتبته. يتحدث البعض عن غضبة ملكية وموقف دوائر القرار من المنطقة منذ أحداث 1981 . أطمئن المتحدثين عن هذه الفرضية بالقول : إن الدولة رفعت غضبتها هذه وكان عربون مصالحتها هو الزيارة الملكية للواحة وافتتاح قاعة مغطاة للرياضات خلال سنة 2010، فضلا عن إعطاء انطلاقة لعدة مشاريع بالمنطقة في تلك الفترة ، وبالتالي لا مجال لوضع هذا السبب كذريعة أمام غياب التنمية بالمنطقة فالتأكيد كل التأكيد بالنسبة لنا أن مفتاح تنمية المنطقة بيد سكانها . مفتاح يتطلب اشتغاله وصفة قائمة على إحياء ضمير أبنائها المثقفين وكوادرها الغائبين، فالأمر يستدعي المسؤولية والوقوف أمام هوس الكراسي وشغف جمع المال الذي يسيطر على مسيريها .