المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكانة حقوق الانسان في مشروع قانون الإطار رقم 51-17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي
نشر في العمق المغربي يوم 31 - 10 - 2019


مقدمة:
جاء مشروع قانون الإطارالمتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي رقم 51-17، في ظل إجماع وطني وقناعة مشتركة بين مختلف المتدخلين والفاعلين والمعنيين، على أن منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب، تعرف أزمة حقيقية عميقة ومتداخلة، تستوجب التدخل السريع، ومعالجة شاملة تهم الجوانب الهيكلية والوظيفية والبنيوية، مع الوقوف على كل الإخفاقات التي عرفها القطاع في السابق. أملا في تجاوزها، وعدم تكرار هفواتها. بدءا باللجنة العليا للتعليم سنة 1957 التي تأسست على حطام التعليم الاستعماري الذي اعتمد أربعة مبادئ (المغربة – التعريب – التوحيد – التعميم)، تلتها اللجنة الملكية لإصلاح التعليم سنة 1958، والتي ارتكزت على ثلاث مبادئ(إجبارية، ومجانية التعليم، وتوحيد مناهجه وبرامجه)، مرورا بإحداث المجلس الأعلى للتعليم سنة 1959، الذي جاء بمبدأين اساسيين(مجانية التعليم وتعميمه)، وصولا الى مخرجات مناظرة المعمورة سنة 1964،والمخطط الثلاثي لسنة 1965الذي استمر حتى سنة 1967، فمناظرتي إفران لسنة 1970 وسنة 1980، اللتين أكدتا مغربة الأطر التربوية، وانتهاء إلى المخطط الاستعجالي، فالرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2030/2015، اخيرا مشروع قانون الإطار رقم 51.17 المنبثق عن هذه الأخيرة.
لا يشك أحد أن قطاع التعليم في المغرب أصبح من أكثر القطاعات استنزافا للجهد والمال العام دون تحقيق النتائج المرجوة منه. كما أن هناك اجماع على وجود أزمة في المنظومة التعليمية، وهي أزمة تتخذ أبعادا ومظاهر متعددة، كان من نتائجها تدني المستوى المعرفي والعلمي للطلبة بشكل لا يبشر بمستقبل أفضل.
وبحكم أن الانسان هو محور أي مشروع قانون مهما كان نوعه وتصنيفه وتراتبيته، فإن الهدف من صياغة القانون هو خدمة الإنسان وحمايته، وأن تكون هذه الصياغة مبنية على القواعد التي كرستها مبادئ وقيم حقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا. لذا اعتمدنا مجموعة من المداخل المكرسة في المنظومة الحمائية الدولية باعتبارها حقوق أساسية، وباعتبارها أيضا ضمانة لحماية الكرامة الإنسانية. وإن هذه المداخل يمكن اعتمادها كمحك حقيقي لقياس مدى ملاءمة وتجانس القانون الوطني مع القانون الدولي لحقوق الانسان ومبادئه وقيمه.
المحور الأول: مدخل الحرية
لقد جاء في ديباجة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن الدول المصادقة “ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وإذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه، وإذ تدرك أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”1. ربط العهد الدولي حرية الانسان بالكرامة الإنسانية، التي تحرر من الخوف والفاقة، كما ربطها بتمتع الفرد بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجعل من هذه الحرية سبيلا لسيادة العدل والأمن والسلم الدوليين. مما يعني أن الحرية ترتبط ارتباطا وثيقا مع كل مجالات الحياة، فبدونها لا تتحقق الكرامة الانسانية، كما لا يسود الاستقرار في حياة الأفراد ولا يحدث التطور في المجتمعات.
أشار مشروع قانون الإطار المغربي رقم 51-17 إلى الحرية في المادة 3 التي نصت على : ” احترام حرية الابداع والفكر، والعمل على نشر المعرفة والعلوم، ومواكبة التحولات والمستجدات التي تعرفها مختلف ميادين العلوم والتكنولوجيا والمعرفة”2. وهذا التصور التقليدي والمجزئ حول الحرية، والذي يأسس لقطاع حيوي ومركزي، لا يرقى لأن يكون ضمن الحقوق والحريات الأساسية المتعارف عليها والتي لا تقبل التجزئة والتصرف. فهذا المفهوم الذي قدمه المشرع مجردا وعاما ومجوف المضامين، ولا يقدم أية ضمانة، كما لا يؤسس لأية آلية. فالحرية يجب أن تكون الإطار الذي يحكم القوانين والمعاملات سواء في علاقة الفرد بالمؤسسات أو في علاقة الأفراد فيما بينهم. فالحرية يجب أن تخضع للاعتبارات التالية:
– أن يؤسس القانون على قاعدة الحرية، لأن هذه الأخيرة ليست قواعد قانونية فقط، بل هي ثقافة تسود كل الطبقات الاجتماعية.
– أن تحكم الحرية عمل المؤسسات وممارساتها، ومن ضمنها قاعدة إشراك النخب والمعنين في صناعة القرارات ووضع القانون.
-أن تكون الحرية قناعة تترسخ في أذهان أصحاب القرار والقائمين على تنفيذ القوانين.
– أن ينظر إلى الحرية على أنها لصيقة بالإنسان ككائن يسمو بكرامته وتميزه عن كل الكائنات الأخرى.
– أن تكون الحرية خيار استراتيجي للدولة، وحق فوق دستوري، غير قابل للتصرف.
– أن تؤطر الحرية في إطار “شرعة الحقوق والحريات الأساسية”، وليس في إطار الحريات العامة.
لذا فمشروع القانون لم يتأسس على قاعدة الحرية، التي تقتضي جعل الأستاذ والطالب وأفراد المجتمع المدني، شركاء في صياغة هذا المشروع. بل اكتفى هذا الأخير بالإشارة إلى مبدأ الحرية كفكرة مجردة وكمنحة من السلطة3 – في إطار الحريات العامة التي هي تصور وممارسة تقليدية – بهذا يكون قانون الإطار المغربي قد انحرف عن التوجه الذي رسمته المبادئ والقيم المعمول بها دوليا.
فعلى أقل تقدير حينما نربط الحرية بالإصلاح التعليمي، يستوجب الأمر استحضار الاعتبارات التالية:
أولا: فهم الواقع التعليمي وتشخيصه بناء على اتصال مباشر مع العاملين في الميدان، والتواصل والحوار معهم، بحيث يكون تشخيص مشكلات الواقع التعليمي مبنيا على مشاركة ديمقراطية للمجتمع التعليمي. مع تبني الحرية كمرجعية لكل إطار معياري وثقافة تؤسس لقواعد العيش المشترك.
ثانيا: لا يجب أن يكون الإصلاح مجرد تعليمات بيروقراطية مفروضة من الأعلى، إنما هو إنخراط واعي عقلاني ووجداني يتطلب إشراك الأفراد في القرارات والاستراتيجيات والسياسات بحيث يصبح جزءا من تاريخية الذات التي تقاوم من أجل انجاحه4.
ثالثا: اعتماد مبدأ الحرية في الإصلاح التعليمي كمدخل أساسي من المداخل التي تحترم حقوق الإنسان، وجعله خيار استراتيجي يشمل الهيكل البنيوي للدولة، حتى لا نسقط في التجزئة والتصرف في قطاع يتطلب التكامل والشمولية.
رابعا: المطلوب من أصحاب القرار مواكبة التطورات التي يعرفها حقل حقوق الانسان، وهذا التوجه والخيار له تأثير كبير على مردودية الأفراد في تفجير الطاقات، خصوصا إذا ارتبط بالتربية على المواطنة والانتماء القومي والهوية الحضارية… وهذا ما قامت به الدول الديمقراطية التي تجاوزت ما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية لحقوق الانسان، وأبدعت مفاهيم وممارسات حقوقية وانسانية فوق المألوف والمعتاد في المنظومة الحمائية الدولية خدمة للبلاد والعباد.
خامسا: لا يمكن للمشرع أو صاحب القرار الغير المتحرر من الاعتبارات المصلحية والشخصية والحزبية، وغير متشبع بثقافة حقوق الانسان، أن يخطط لمشروع قانون يرقى لمستوى التطلعات وللمستوى الإنساني القائم على قاعدة الكرامة الإنسانية والانصاف، والقيم النبيلة، فنحن في هذه الحالة نعيد انتاج ممارسات فاشلة.
المحور الثاني: مدخل الكرامة الانسانية
إن الدستور العالمي لحقوق الانسان5 اتخذ من الكرامة الإنسانية أساسا وأرضية لكل الحقوق سواء الواردة في بنوده أو التي نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الانسان. فقد جاء في ديباجة الإعلان العالمي “لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم”6. ولما كان الكرامة الإنسانية هو محور اهتمام المجتمع الدولي والعالمي، فقد جاءت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الانسان مكرسة لهذا المبدأ حيت نص على “يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء”7
فمبدأ كرامة الإنسانية هي أولى من الحقوق وهي فوق القانون، لأنها مرتبطة بشخص الانسان ككائن يسمو بعقله عل كل الكائنات الأخرى. فالكرامة الإنسانية هي الأساس المركزي لكل إيمان بحقوق الإنسان، وذلك لأن الإيمان بحقوق الإنسان هو الإيمان بأن للإنسان، كونه إنسانا، مجموعة من الحقوق التي نريد حمايتها من المجتمع، الدولة والآخرين. تمنح هذه الحقوق للبشر، لا لأن مجتمعا معينا اختار أن يمنحهم إياها، ولكن لأنهم يستحقون هذه الحقوق بسبب كرامتهم الإنسانية.
ويتحقق ذلك بالاستقلال الذاتي لإرادة الفرد، وحريته في الاختيار، والتصرف. إن كرامة الإنسان هي حرية الفرد في تشكيل حياته وتطوير مهاراته وفق رغباته. يكمن وراء الكرامة الإنسانية الاعتراف بالكمال الجسدي والروحي والثقافي والفكري وقيمته الانسانية.
وإذا وضعنا مشروع قانون الإطار المغربي رقم 51-17 على محك المعايير الحقوقية للكرامة الإنسانية فإننا سوف نرصد الملاحظات التالية:
1- إن مصطلح الكرامة الإنسانية لم يرد في مشروع قانون الإطار قطعا، مما يعني أنها خارج اهتمام واعتبار المشرع المغربي. وهذا مؤشر دال عن ضياع باقي الحقوق الواردة في مشروع قانون الإطار، التي لم تؤسس على القواعد الانسانية الصحيحة والارضية المناسبة.
2- غياب الإشارة للكرامة الإنسانية في مشروع قانون الإطار، مؤشر حقيقي على أن القائمين على الشأن العام يفتقرون للتكوين الحقوقي والثقافة الإنسانية، وهذا له تداعيات على احترام حقوق الانسان، التي سوف تمس حتما بحق المتعلم وحق المدرس والأسر.
3- ارتكاز مشروع قانون الإطار على مبدأ واحد هو نظام التعاقد كخيار استراتيجي قائم على أساس استبعاد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمدرس8، هو مس مباشر بالكرامة الإنسانية، كما يمكن اعتباره مؤشر على تدني المستوى التعليمي في البلد.
4- رهان الدولة على القطاع الخاص في استعجاب تكاليف قطاع التعليم وأعبائه المادية، هو مس مباشر بالمبادئ الأساسية لحقوق الانسان القائمة على المساواة وعدم التمييز وهذه المبادئ هي الضمانة الأساسية لحماية الكرامة الإنسانية.
5- تخلي الدولة مستقبلا عن دعم وتعميم الدراسة في مرحلة التعليم الثانوي التأهيلي، والمرحلة الجامعية، مؤشر أخر ينذر بخلق جيش من المشردين والمنحرفين، ووضع اجتماعي كارثي، يكون أرضية خصبة لارتفاع نسبة الجريمة، وغياب الأمن بكل أشكاله.
كان من الواجب على المشرع اعتبار الكرامة الإنسانية اللبنة الأساسية التي يؤسس عليها مشروع قانون الإطار والقانون المنظم للتعليم العالي، لكن رهان المشرع على نظام التعاقد وتنصل الدولة من مسؤوليتها في النهوض بقطاع التعليم بتوجهها نحو التخلي عن مجانية التعليم، ووضع جزء منه تحت تصرف القطاع الخاص. يجعل مضمون الجودة، والمردودية، والانصاف، والمساواة، الواردة في نصوصه شعارات بلا مضمون وبلا نتيجة. كما يؤشر على استبعاد الكرامة الإنسانية في علاقة المدرسيين بالمؤسسات التعليمية.
المحور الثالث: مدخل الانصاف
الانصاف ليس حق من حقوق الانسان، وإنما هو ثقافة إنسانية تسعى للرقى بالفرد والمجتمع إلى مستوى الفضيلة والكمال. كما أنه يسمو على العدالة والقانون، وقناعة نابعة من القيم الإنسانية المجردة من الاعتبارات الشخصية والمصلحية. فهو أرقى أنواع العدل النابع من الضمير المنفتح والوعي المتزن الذي يستحضر كل الجوانب المرتبطة بالحقوق الفردية والجماعية بنوع من الشمولية، ويساعد على سد الفراغ في مجال سيادة القانون9.
لقد حدد مشروع قانون الإطار رقم 51-17 مفهوما للإنصاف، يختلف عما جاءت به المبادئ والقيم المتعارف عليها دوليا، ويرجع ذلك إلى تقيد المشرع بأهداف مشروع القانون، والتوجهات السياسية للدولة التي أرادة لقانون التعاقد أن يكون من الأهداف الاستراتيجية الكبرى في هذا المشروع، والذي اعطى حجما كبيرا للواجب على حساب الحق، مما أفقد المعنى الحقيقي للإنصاف. فالإنصاف الذي يتحدث عنه المشرع في مشروع قانون الإطار هو الانصاف المعكوس وغير واقعي. بمعنى أن ينصف المواطن المغربي الدولة المغربية بتحمله أعباء وتكاليف قطاع التعليم بشكل تدريجي في أفق التخلي عن مجانية التعليم بشكل تام. ويتحقق ذلك بأداء الأسر المغربية لرسوم التعليم الثانوي التأهيلي والجامعي، وأن يتحمل المدرس الأجر الزهيد والشروط المذلة التي يفرضها نظام التعاقد. ويستشف ذلك من خلال الرسائل المباشرة وغير المباشرة الواردة في هذا المشروع ونلخصها فيما يلي:
1- كيف يمكن الحديث عن الانصاف في منظومة التعليم بشكل عام، دون الحديث عن العنصر الرئيسي في هذه المنظومة وهو المدرس؟ فقد أشار مشروع قانون الإطار إلى المدرسين كجزء من مجموعات، حيث لم يذكر اسم “معلم” أو “أستاذ” ولو مرة واحدة، مما يعطى الانطباع على أن المدرس يعتبر نكرة في هذا المشروع.
2- لم يشر مشروع قانون الإطار إلى أي حق من حقوق المدرس بشكل مطلق، وبالمقابل وضع على عاتقه مجموعة واجبات أشار إليها في المواد ” 3 و24 و29″ وهنا يطرح التساؤل حول مدى انصاف هذه الفئة المركزية في قطاع التعليم10؟
3- اعتبرت المادة 37 من مشروع القانون الإطار، التعاقد ضمن التوجهات الاستراتيجية الكبرى لسياسة الدولة في مجال التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي. مما يعني أن الدولة ماضية في تكريس مبدأ واحد في هذا المشروع هو التعاقد11، الذي يستهدف بالأساس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمدرس، إلى جانب الرهان على جيوب الأسر المغربية للنهوض بقطاع التعليم.
4- هل من مبادئ الانصاف فرض اللامركزية في قطاع التعليم دون تحقيقها في الوحدات الترابية كالجهات والجماعات والاقاليم؟ علما أن هذه الأخيرة هي المعنية الأولى بالاتمركز الإداري، كما أنها الوصية على قطاع التعليم. هذا بالنظر لما تعيشه الجماعات الترابية من فوارق مجالية ضخمة، وشح على مستوى الموارد المالية وتعثرات تدبيرية وتسييرية، وبالتالي الرهان عليها في تمويل ورش إصلاحي كبير من حجم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، يبقى ضرب من الخيال.
5- حديث الدولة عن دور الجماعات الترابية سيجعل هذا المشروع معلقا ومرتبطا بإمكانيات وإرادة وديمقراطية كل جماعة ترابية، التي تختلف لا محالة من جماعة إلى أخرى ومن جماعة قروية إلى جماعة حضرية، ناهيك عن الإشكالات العميقة التي تتخبط فيها الجماعات الترابية والتي ترتبط بإشكالية تمويل السياسات العمومية الترابية.
6- أمام التوسع الكبير لقطاع التعليم الخاص الذي تشجع عليه الدولة ضمن استراتيجياتها الكبرى للتملص من أعباءه وتكاليفه، يبقى التساؤل مشروعا حول نوع المساواة وعدم التمييز والانصاف المقصود.
7- لقد جعل مشروع قانون الإطار مرحلة الابتدائية والإعدادية الزامية ومجانية، لكن ذهب عكس ما نصت عليه المواثيق الدولية عندما اتجه نحو فرض الرسوم على التعليم العالي وبعده التعليم الثانوي التأهيلي بالتدرج12. مما يحرم أغلبية الطلاب المغاربة من استكمال دراستهم العليا بسبب فقرهم وغياب احتضانهم، وهذا يتناقض مع مبدأ الانصاف والمساواة وعدم التمييز الواردة في مشروع قانون الإطار وفي المواثيق الدولية.
المحور الرابع: مدخل المساواة
إن المساواة ارتبطت بجميع حقوق الانسان ارتباطا عضويا ووظيفيا، مما جعلها تتحول من حق إلى مبدأ عام، ومعيار من المعايير المعتمدة في القياس.
لقد ورد مصطلح المساواة في المشروع أعلاه خمسة مرات، وإذا حاولنا تقييم التعليم بالمغرب بمستواه ونتائجه على جميع الأصعدة ووضعناه على محك معايير حقوق الانسان، فالحقيقة أن القانون المنظم لقطاع التعليم السابق أو مشروع قانون الإطار الحالي، لا يظهر على هيكله حلة العدل، وبالأحرى تناغمه مع مبادئ العدالة والمساواة والانصاف. مما يعطى الانطباع أن نصوص مشروع قانون الإطار المغربي رقم 51-17 ليس إلا استنساخا لفقرات قانونية مجردة من تصور واضح حول المعايير المعمول بها في الدول الناجحة، أو اعتماد معايير حقوق الانسان كما هي معمولا بها دوليا. كما يغيب عن فقرات هذا المشروع الترابط والتماسك بين ما ورد فيه من مبادئ والأهداف الحقيقية لوضع هذا الإطار المعياري، حيث تغيب القناعات المبدئية والإرادة الحقيقية للرقي بقطاع التربية والتعليم للمستوى الإنساني والحقوقي المنشود، لذا فقد اسقطت بعض المبادئ المنصوص عليها في المعاهدات الدولية أو الواردة في بعض التجارب الناجحة، في بنود مشروع قانون الإطار بشكل ميكانيكي.
ويفسر ذلك ضبابية المفاهيم الوارد في هذا المشروع، وعدم تجانسها مع مضمون بنوده، وتعارضها مع الواقع المعاش والمتطلبات الاجتماعية، إلى جانب تكريس المعالجات الأمنية للملفات المطروحة على طاولة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي.
فالحق في المساواة يكفل:
أولا: أن يكون جميع الأشخاص متساوين أمام القانون وهو ما يعني وجوب صياغة القانون بعبارات عامة تنطبق على كل فرد وتراعي المبادئ الدولية المعمول بها، وإنفاذ القانون بطريقة تقوم على المساواة.
ثانيا: من حق جميع الأشخاص التمتع على قدم المساواة بالحماية بموجب القانون من المعاملة التعسفية والتمييزية من جانب الجهات الخاصة. ويجب في هذا الصدد أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص التمتع بحماية تتسم بالمساواة والفعالية13.
ثالثا: تقتضي مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، أن يكون التعليم موحدا وذا جودة واحدة، سواء كان في البوادي أو في المدن. لكن السماح بجعل جزء منه بيد القطاع الخاص، هو ضرب مباشر لمبدأ المساواة وعدم التمييز، إلى جانب غياب أية إشارة أو مبادرة، إلى التمييز الايجابي الذي يجب أن تتمتع به القرى النائية نتيجة الهشاشة والتهميش، والامكانيات الضعيفة.
وبما أن حقوق الانسان منظومة مترابطة ومتكاملة ومتداخلة، فإن عدم تحقيق العدالة هو مؤشر على عدم وجود مساواة.
فمثلا “المساواة هي الكلمة الأكثر أهمية في التعليم الفنلندي. تتفق جميع الأحزاب السياسية من اليمين واليسار على ذلك”. هكذا يؤكد أولي لوكنين رئيس الاتحاد الفنلندي للمعلمين، وهذا التصريح لا يأتي من فراغ، وإنما مبني على أسس من تكافؤ الفرص والعدالة والمساواة مترسخة في نظام التعليم في فنلندا تجعل من الطلاب الفنلنديين سواء كانوا في مناطق ريفية أو حضرية، فقيرة كانت أو غنية على جودة تعليم متساوية، ذلك النظام الذي يمنع المدارس في فنلندا من أن تتحول إلى بزنس وأعمال تجارية، كما أنها تبتعد أيضا عن الأدلجة السياسية أو الطبقية، لأن كل المدارس في فنلندا تمول شعبيا، ويتم توزيع المال بالتساوي على المدارس إلى حد كبير، كما أنه لا يوجد تصنيفات وترتيبات ومنافسة بين المدارس، فجميعها تعمل وفقا لأهداف قومية واحدة. كما عمدت دولة اليابان في توحيد اللباس المدرسي الخاص بالطلاب وتوحيد زي المدرسين كذلك. كما منعت الأساتذة من تناول وجبات غذاء تختلف عن التي يتناولها الطلاب، وبهدف تحقيق المساواة في الوجبات الغذائية فإن الحكومة اليابانية هي التي تمول المطاعم المدرسية والجامعية، وتمنع دخول الأطعمة من خارج المدرسة حرصا عن عدم التمييز، وحفاظا على سيادة مبدأ المساواة بين أسرة التعليم. وتعتمد دولة اليابان هذه التدابير لضمان خلق عقيدة لدى الأجيال على احترام الهوية الوطنية والحفاظ على المقدسات واحترام القانون وخدمة الوطن بتفاني وروح المبادرة. عكس ما جاء به مشروع قانون الإطار المغربي، الذي يفرض على المتعلمين والمدرسين احترام الرموز الوطنية، والهوية الوطنية، وخدمة الوطن، في غياب لاحترام الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة، وسيادة التمييز وفرض نظام تعاقدي، تغيب فيه ضمانة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمدرسين والعمل في ظروف وشروط مذلة.
المحور الخامس: مدخل عدم التمييز
يعني عدم التمييز في التعليم أن يكون التعليم متاحا للجميع، ويجب أن يكرس هذا المبدأ في الإطار القانوني، وأن يفعل على أرض الواقع، وبأن يأخذ بمبدأ التمييز الإيجابي الخاص بالفئات الهشة، وأن تراعي المنظومة القانونية الوضع والخصوصية الوطنية. كما يجب على القائمين على تنفيذ القانون من السلطات، والمدرسين، التشبع بثقافة حقوق الانسان، والتسلح بالقيم الأخلاقية والوطنية، إلى جانب العمل بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن الميثاق التأسيسي لليونسكو والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، يجسدان كلاهما مبدأ عدم التمييز. وقد اعتمدت اليونسكو عام 1960 اتفاقية مكافحة التمييز في مجال التعليم كجزء من رسالتها لتحقيق “المساواة المثالية فيما خص الفرص التعليمية بغض النظر عن العرق، والجنس، وأية فروقات اقتصادية أو اجتماعية”. لهذا حرصت كافة المواثيق الدولية بدون استثناء، على وجه الخصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على ترسيخ مبدأ المساواة وعدم التمييز في التعليم الجيد، كحق أساسي لكل فرد، يحصل عليه في ظروف توفر فرصا متكافئة.
لذا فمن خلال ما تكرس في المناهج التعليمية المغربية السابقة إضافة لما جاء به مشروع قانون الإطار الخاص بالتربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي رقم 51-17 نرصد الاختلالات التالية:
1- رغم أن المغرب قد صادق على جميع المواثيق الدولية التي توصي بعدم التمييز في التعليم وضمنها في دستور 2011، إلا أن الواقع التعليمي للمملكة يظهر تفاوتات واسعة في الحصول على التعليم بدون تمييز.فعدم التكافؤ في الحصول على التعليم الجيد، بخاصة في المستوى الابتدائي والاعدادي الثانوي، يؤدي إلى ما يسميه باحث الاجتماع بيير بورديو، «معاودة الإنتاج»، حيث تصبح المدرسة وسيلة لتكريس النظام الطبقي الذي يحكم المجتمع.
2- انتشار المدارس الخصوصية بشكل تصاعدي، إذ انتقل الرقم من %4 سنة 1999 ليصل في عام 2015 لحدود %15 من الأسر التي تدرس أبناءها في المدارس الخاصة والرقم مرشح للارتفاع الى نسبة %25 بحلول 2025.ووفقا لدراسة أنجزت في هذا الإطار فإن الأسر المغربية تنفق ما يصل إلى 40 % من مدخولها السنوي على تعليم أطفالها14.
3- إن ما بين %70 و%80 من التلاميذ في المدن الكبرى يدرسون في مؤسسات خاصة، بديلا عن التعليم العمومي بعد أن اعتراه الإفلاس، وفي هذا الصدد انتقدت منظمة «أوكسفام» الدولية بشدة الخصخصة المتزايدة للتعليم في المغرب، معتبرة أن هذه السياسة تزيد من الفروقات بين الطبقات الاجتماعية، وتكرس اللامساواة بين التلاميذ المغاربة، وتجهض حق آخرين في التعليم، إذ أن الأطفال المتعلمين في المؤسسات الخاصة يسهل عليهم تطوير قدراتهم واكتساب مهارات إضافية، كتعلم اللغات، عكس تلاميذ التعليم العمومي الذين يبقى مستواهم محدودا مقارنة مع أقرانهم في التعليم الخاص
4- خلو جميع برامج الأحزاب السياسية عند خوضها للحملات الانتخابية، من أي تصور أو إشارة إلى الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم، يعتبر مؤشرا على فشل هذا القطاع الذي ينظر إليه بنظرة الربح والخسارة، وليس حقا أصيلا، ومطلبا وطنيا. مما يجعل قطاع التعليم خاضعا لاعتبارات سياسية ومصلحية تكرس اللامساواة والتمييز.
5- ليست هناك اية آلية أو ضمانة وطنية تحمي أبناء اللاجئين والمهاجرين النظامين أو غير النظامين15، للاستفادة من حق التربية والتعليم بنفس المستوى الذي يتلقاه المواطن المغربي. مما يجعل إهمال هذه الفئة التي تتزايد في المجتمع المغربي بشكل تصاعدي، مؤشرا على وجود التمييز في المنظومة التربوية والتعليمية.
6- عبرت اللجنة الدولية المعنية بالتعليم عن قلقها خلال تقديمها ملاحظاتها إلى المفوضية السامية لحقوق الانسان، في إطار الاستعراض الدوري الشامل. إزاء الإخفاق التحصيلي فضلا عن رداءة التعليم العمومي المغربي نتيجة انتشار خصخصة التعليم التي من شأنها أن تحدث نوعا من التفرقة يجعل التعليم الجيد حكرا على الفئة القادرة على تحمل تكاليف التعليم الخاص النخبوي16.
ويمكن أن نرصد مدى تكريس مشروع قانون الإطار لمبدأ التمييز في قطاع التعليم، من خلال جعل القطاع الخاص شريكا وجزء مهما في المنظومة التعليمة بالمغرب، إضافة الى تكريسه لقانون تخلى الدولة عن مجانية التعليم الجامعي وبعده التعليم الثانوي.
خاتمة:
إذا كان من أبرز ما يميز حقوق الانسان هو ترابطها وتكاملها وعدم قابليتها للتجزئة. فإن قطاع التعليم هو من أبر القطاعات التي ترتبط ارتباطا عضويا ووظيفيا وإداريا وهيكليا وبنيويا واستراتيجيا بكل المؤسسات وقطاعات الدولة والمجتمع. لأن قطاع التعليم هو العقل المدبر والقلب النابض الذي يوفر الموارد البشرية المؤهلة للعمل والإنتاج والابداع والتسيير والتفكير… ولا يمكن تصور حدوث أي تطور داخل المجتمعات والدول، إلا بتطوير قطاع التعليم. ولقد أشار مشروع قانون الإطار رقم 51-17 إلى ذلك نظريا في المادة 15 حين أكد على أنه “تقوم منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي على أساس قاعدة إقامة الجسور والممرات بين مكوناتها ومستوياتها من جهة، وبينها وبين المحيط الاقتصادي والاجتماعي والمهني والعلمي والتقني والثقافي من جهة أخرى، وذلك استنادا للمبادئ والأليات…”17.
كما أن قياس تطور الدول يرتكز بالأساس على مدى اعتناء الدولة بهذا القطاع، وترتبط جودة التعليم بحجم الموارد المالية المخصصة له ضمن ميزانية الدولة، وتشير كل الأرقام إلى أن الدول التي تخصص ميزانية مهمة لقطاع التعليم والبحث العلمي هي الدول المتقدمة والدول الصناعية الكبرى. لذا فإن التعليم رغم أنه حق من حقوق الانسان، إلا أنه دعامة أساسية لبناء الوطن وتحقيق الرفاه للمجتمع.
فإذا حاولنا قياس مدى ملاءمة مشروع قانون الإطار مع القانون الدولي لحقوق الانسان، ومدى تجانسه مع المبادئ والقيم المتعارف عليها في المنظومة الحمائية الدولية. وارتقائه الى مستوى تجارب الدول الناجحة. فيمكن القول على أن هذا المشروع لم يوفق في تكريس المبدأ الإنساني والحقوقي في مضامين نصوصه، ولم يوفق في اصلاح منظومة التعليم، رغم ورود بعض الحقوق في نصوص المشروع التي جاءت من باب الاستئناس فقط، ويعود ذلك بالأساس إلى طغيان هاجس التملص من الأعباء والتكاليف التي يتطلبها قطاع التعليم، كما طغى على المشرع هاجس تكريس قانون التعاقد الذي فرضته المؤسسات المالية الدولية، واعتبر من الأهداف الاستراتيجية الكبرى للحكومة، التي أصبحت أسيرة في يد سياسات البنك الدولي الذي أغرق الدولة في أوحال القروض التي فاقت 555 مليار درهم. وهذه التحديات تحكمت في ارادة المشرع وقيدت إرادته، وارغمته على صياغة مشروع قانون يخدم بالأساس أهداف المؤسسات المالية الدولية قبل أن يخدم الوطن والمواطن. دون أن نغفل سيادة الفساد والمحسوبية والمصالح الشخصية والحزبية بشكل بنيوي.
Résumé :
La loi peut être formulée selon plusieurs approches, et elle est influencée par plusieurs dimensions, notamment sociale, historique, culturelle, religieuse et politique, de sorte que chaque Etat a sa propre loi, qu'elle soit constitutionnelle, administrative, publique ou privée. Cependant, les droits peuvent être exclus de cette règle et de ces considérations, car les droits ne peuvent pas être convenus et violés et qu'ils sont proches de la personne humaine et donc communs à tous les individus, peuples et Nations. Pour cette raison, des conventions internationales protégeant les droits de l'Homme et fondées sur des considérations humanitaires ont été trouvées.
Nous devons donc attendre que les règles fondamentales des droits de l'Homme soient évaluées pour mesurer la compatibilité des règles juridiques avec les principes des droits de l'Homme, afin que cette loi puisse être jugée compatible avec la logique des droits de l'Homme fondées sur des principes fondamentaux tels que la liberté, la dignité humaine, l'égalité. , Non-discrimination, équité …
* باحث في القانون الدولي لحقوق الانسان / كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.