منذ الإستقلال، ظل حقل التعليم “مختبر تجارب”، فرخ برامج “إصلاحية” متعددة المستويات، اختلفت سياقاتها وظروفها، قدمت كحبل نجاة لانتشال “منظومة تعليمية” من غرق وشيك، لكن الحبال جميعها، ظلت عاجزة عن الإنقاذ والانتشال، وبعد كل فشل أو كبوة أو إخفاق، تعاد الكرة مرة أخرى، لينتهي المطاف بعلماء المختبر، بتبني وصفة “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”(1999-2009)، الذي وبدل حلحلة واقع الحال وإحداث الطفرة والتغيير المأمول، وقف كما وقف حمار الشيخ في العقبة، ولم يقو على مواجهة الأزمة المستشرية، وبدل الإنقاذ، صار نفسه في حاجة إلى إنقاذ، فكان “المخطط الإستعجالي” (2009-2012) الذي بدا كقاطرة، تم الاستعانة بخدماتها، لتحريك عجلات قطار معطل، فلا هي تحركت ولا القطار واصل السير، والنتيجة هدر للمال العام وهدر لزمن الإصلاح، لتتأسس وضعية أليمة، عاكسة واقع حال “مدرسة عمومية”، تجاوزها الزمن، على مستوى البنيات والفضاءات والمناهج والبرامج والأطر المرجعية والمنظومة التقويمية، في زمن “تكنولوجيا الإعلام والاتصال” وما أحدثته وتحدثه من طفرة رقمية، لا تؤمن إلا بسنن التغير والتحول والمواكبة المستدامة … بعد “الميثاق” و”المخطط” طفت الأزمة على سطح الحقيقة، كاشفة بالملموس ما تتخبط فيه “المنظومة” من تراجع وانحطاط، ليأتي الدور هذه المرة على “الرؤية الإستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين”(2015-2030) التي بدت كنقطة ماء في صحراء قاحلة، أو بصيص أمل في سماء ملبدة بغمام اليأس والإحباط وانسداد الأفق وفقدان الثقة في مدرسة عمومية، أصيبت بالضعف والهوان في ظل سياسة “الترميم” المستدام، رؤية استراتيجية دخلت موسمها الرابع، يصعب تلمس آثارها ونتائجها، أخذا بعين الاعتبار المعطيات التالية : -أولا: كون واقع الممارسة لازال على حاله، ولايعطي أي انطباع بتواجد رياح مرسلة للإصلاح والتغيير، في ظل هيمنة حالة من الركود والرتابة وانعدام الرؤية، بشكل يعطي الانطباع “أن لاشيء تحقق ” وأن “دار لقمان لازالت على حالها”. -ثانيا: كون سقف الانتظار كان كبيرا، في أن تكون “الرؤية” بما حملته من رؤى وتصورات، دافعا قويا لإحداث “ثورة عميقة”، بشكل يغير من وجه المدرسة العمومية، على مستوى المناهج والبرامج وطرائق التدريس، والانفتاح الناعم على “الثورة الرقمية”، والتأسيس لحياة مدرسية، تطلق العنان لكل الملكات والقدرات والمواهب، بشكل يقوي لحمة المواطنة والقيم، ويسمح بالخلق والإبداع والمبادرة، في الشعر والقصة والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والرياضة والابتكار العلمي والتقني …إلخ. -ثالثا: أن تنزيل أولى تصورات ومشاريع “الرؤية الإستراتيجية”، تزامن مع توهج “جمرة الاحتقان” وسط الشغيلة التعليمية بكل فئاتها وانتماءاتها، لتشكل الشوارع ملاذا آمنا للاحتجاج ورفع المطالب والشعارات، وقد بلغ “الاحتقان” مداه، بتبني خيار “التوظيف بالتعاقد” الذي بدا -حينها- كرصاصة الرحمة التي اخترقت عنوة، جسد “منظومة” مصابة بالهزال. “رؤية استراتيجية” وبدل القطع مع الاحتقان، تعايشت معه على مضض، ليتأسس واقع هجين يجمع بين “المتناقضين” (الإصلاح والاحتقان) بشكل يمكن توصيفه بمباراة للملاكمة الاحترافية، كل ملاكم يريد إسقاط خصمه بالضربة القاضية، وكلما تقدم “الإصلاح” وكسب النقط، كلما وجد أمامه خصما عنيدا إسمه “الاحتقان”، وفي هذا الصدد، لا مفر من القول، أن “البعد الإستراتيجي” للرؤية، كان يقتضي : -أولا: تشخيص أمثل للتجارب الإصلاحية السابقة خاصة “الميثاق الوطني” و”المخطط الإستعجالي”، لاستخلاص الدروس والعبر، حتى لايتم إعادة إنتاج الفشل. -ثانيا: فتح نقاش أو حوار وطني يجيب عن سؤال: أي نموذج تعليمي نريد ؟ وما سبل بلورته وأجرأته وتنزيله ؟، وذلك على شاكلة “الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة” الذي أسس لإصلاح عميق وشامل في منظومة العدالة. -ثالثا: الارتقاء بالمستويين المادي والاجتماعي للشغيلة التعليمية، ليس فقط لأنها تشكل أساس الإصلاح ومفتاح نجاحه، ولكن أيضا، من أجل توفير مناخ آمن وتربة خصبة، تسمح بغرس ونمو شتلات الإصلاح. -رابعا: فتح نقاش موسع بتشارك وتشاور مع الفرقاء الاجتماعيين (النقابات) والفاعلين التربويين، من أجل تنزيل أمثل لخيار “التوظيف التعاقدي”، وفق إطار قانوني رصين، يضمن شروط الاستقرار المهني والأمن الوظيفي، ويكرس لمماثلة حقيقية بين مكونات الأسرة التعليمية، بشكل يقطع مع مفردات “الارتباك” و”اللخبطة” و”الاحتقان” وأخواته. -خامسا: التعجيل بتنزيل”نظام أساسي جديد” عصري ومحفز، يفتح أفقا للترقي المهني والتحفيز المادي والاستقرار الوظيفي. ونحن نبدي بهذه الملاحظات، لا نبحث عما تحقق من مشاريع وإجراءات، لأن ما أنجز أو تحقق لحد الآن، نكاد لا نعاين له أثرا على مستوى واقع الممارسة، باستثناء بعض المحاولات الإصلاحية المحدودة كما هو الشأن بالنسبة لتزايد الاهتمام بالتعليم الأولي والتربية الدامجة وتبني الباكالوريا المهنية والدولية وتأهيل البنيات والفضاءات المدرسية واعتماد برنامج اجتماعي للحد من الهدر المدرسي(برنامج تيسير) …إلخ، غير هذا، فالصورة تبدو غامضة والرؤية مشوبة بنوع من الارتباك وانعدام الثقة وانسداد الأفق، في ظل : – منظومة مدرسية لم تعد تشكل آلية للارتقاء الاجتماعي. – اكتساح “الاحتقان” وأخواته للمشهد المدرسي، وضبابية “ملف التعاقد”. – ارتفاع منسوب “العنف” و”الغش” المدرسيين في السنوات الأخيرة. – انعدام أية جرأة حقيقية في مساءلة ما تتخبط فيه المنظومة من ضعف وهوان، على مستوى المناهج والبرامج وطرق التقويم . – محدودية في الانفتاح على “تكنولوجيا الإعلام والاتصال”، التي لابد أن يتأسس عليها أي تصور مرتبط ببلورة وتنزيل مناهج جديدة، من منطلق أن الممارسة التعليمية، لابد أن تكون في صلب الطفرة الرقمية ومتناغمة معها، لا خارجها. – جمود “الحياة المدرسية” في ظل مناهج وبرامج، غارقة في أوحال “الكم”(العبرة في الكيف وليس في الكم) ، تكاد لاتترك أية فرصة أمام التلاميذ والأساتذة على حد سواء، للخلق والإبداع وإبراز الطاقات والمواهب والقدرات .. – احتلال المغرب لمراتب متأخرة عالميا في عدد من المؤشرات، ومن ضمنها “مؤشر التنمية البشرية” الذي يتأسس على ثالوث “التعليم” و”الصحة” و”الدخل الفردي”. – التراجع المهول للمكانة الاعتبارية والرمزية لرجل التعليم داخل المجتمع، مما جعله مثارا للشفقة والسخرية والاستهزاء . – فقدان المدرسة العمومية للثقة والجاذبية، بدليل أن الذين نظروا “للرؤية الإستراتيجية” أو صادقوا على “القانون الإطار”وطبلوا له، نكاد نجزم أنهم يدرسون أبناءهم في البعثاث الأجنبية وفي المدارس والجامعات الخصوصية داخل المغرب أو خارجه. – نسبة كبيرة من الطبقة المتوسطة وما فوقها، تدرس أبناءها في التعليم الخصوصي، ومن ضمنها نساء ورجال التعليم، بكل ما يحمله ذلك من أعباء مادية مهمة على ميزانية الأسر (ليس معنى هذا، أن “المدرسة الخصوصية” أجود وأفضل، وأن “المدرسة العمومية” متواضعة وفاشلة). لسنا من دعاة التبخيس، ولا من حاملي خطاب العدم والتيئيس، لكننا في نفس الآن، ومن منطلق ما نعاينه من مظاهر الغموض والإبهام في المشهد التعليمي، نتساءل بحرقة وألم : لماذا لازالت “رؤية الإصلاح” مشوبة بنوع من الغموض بعد مضي أربع سنوات من زمن “الرؤية الإستراتيجية”؟ لماذا ظل الشأن التعليمي ولا يزال، مثار جدل متعدد المستويات؟ لماذا ظلت المدرسة العمومية على الدوام، فاقدة للجاذبية والثقة؟ لماذا لم نتملك بعد، الجرأة في بلورة وتنزيل “مشروع تعليمي حقيقي”، بمعزل عن الأهواء السياسية والمصالح الضيقة والنعرات الحزبية والفكرية؟ أسئلة مشروعة وغيرها، تجعلنا نجازف في القول أن “أزمة” المدرسة العمومية، لن تتوقف عند عتبة “الرؤية الإستراتيجية”، ولن تفك عقدتها، بعد المصادقة على مشروع القانون المثير للجدل (القانون رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي)، وبدون شك، لن يقو هذا القانون بكل ما حمله من تطبيل وتصفيق، على التأسيس لإصلاح حقيقي، يجعل المدرسة العمومية، فضاء مشتركا يتقاسمه ابن الوزير والبرلماني والسفير والمدير العام والطبيب والمهندس والأستاذ الجامعي والموظف البسيط والعامل والمياوم، بشكل يحقق العدالة والإنصاف بين أبناء الوطن الواحد ، إذا لم يتم تحرير “الشأن التعليمي” من الأهواء والمصالح والنعرات، ويصبح “مشروعا ” للدولة ومدخلا أساسيا لامحيدة عنه، لكسب رهانات النمو الاقتصادي والإقلاع التنموي وتحقيق الارتقاء الاجتماعي . وعليه، وبناء على ما سلف، لن تتوقف رياح الجدل التعليمي المتعدد المستويات، ولن تنحبس أمطار السؤال حول واقع “منظومة التربية والتكوين” وآفاقها المنتظرة، رغم المصادقة البرلمانية على مشروع القانون الإطار الذي يعد -كما وصفته الوزارة الوصية في بلاغ لها- “أول قانون-إطار، يعتمد في تاريخ التشريع المغربي في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، من شأنه تمكين المنظومة التربوية من آلية تشريعية ملزمة، ستعطي نفسا قويا لتفعيل الإصلاح العميق للمدرسة العمومية”، وما يقوي حتمية الجدل ويزكي مشروعية السؤال، ما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى العشرين لعيد العرش المجيد، من مضامين حاملة لرسائل متعددة المستويات، رسمت ملامح “مرحلة جديدة” قوامها “المسؤولية والإقلاع الشامل” سيشكل “مشروع النموذج التنموي المرتقب” مدخلها الأساس، وهي مرحلة جديدة، سيتحكم فيها هاجس اللحاق بركب البلدان المتقدمة، وهذا المسعى المشروع، لن يتحقق إلا في ظل توافر مجموعة من الشروط الموضوعية، يعد “التعليم الناجع والفعال” محركها وخيطها الناظم . وفي هذا الصدد، ورغم تبني “الرؤية الإستراتيجية” والمصادقة على “القانون الإطار”، فهذا لا يمنع “لجنة النموذج التنموي ” المرتقب تنصيبها خلال الدخول السياسي المقبل، من إعادة فتح ملف التربية والتكوين، وتشخيص واقعه ووضع الأصابع عند مظاهر القصور والمحدودية، بكل تجرد وموضوعية، واستحضار حجم الجدل المتعدد المستويات الذي شاب ما تمت مباشرته من إصلاحات، وأن ترفع “الحقيقة” إلى الملك، حتى ولو كانت قاسية أو مؤلمة، وأن تتحلى بالشجاعة والابتكار في اقتراح الحلول التي من شأنها أن تبلور نظرة شمولية لإصلاح التعليم، من شأنها أن تفرز “نموذجا تعليميا متوافقا عليه”، يؤسس لقواعد ودعامات الإصلاح “المأمول”، الذي سيشكل الخيط الناظم “للنموذج التنموي الجديد” و”للمرحلة الجديدة” التي لايمكن تصورها وكسب رهاناتها، إلا بإصلاح حقيقي للتعليم. وحضور مقولات “الصراحة” و”المكاشفة” و”الحقيقة” في الخطاب الملكي، معناه أن “السيل بلغ الزبى”قياسا لحجم الفوارق الاجتماعية والمجالية، واعتبارا لما أصبح ينخر البلد من أحاسيس اليأس والإحباط وانسداد الأفق والانفلات والانحراف، ومن ضعف في مؤشرات المواطنة وانعدام الثقة في الدولة والمؤسسات، ومن انتشار ناعم لممارسات العبث والريع والفساد، وهي وضعيات من شأنها التأثير على ما ينفرد به البلد من أمن واستقرار وطمأنينة، وبالتالي، فلم يعد مقبولا أن نبني برامج ومخططات ومشاريع كبرى، اعتمادا على أرقام ومعطيات ومؤشرات فيها نوعا من “التضليل” ولا تمت للواقع أو الحقيقة بصلة، من منطلق أن القواعد أو الدعامات الهشة، لا تفرز إلا سياسات وقرارات “هشة”، مثيرة للجدل والرفض والارتباك واللخبطة، وكلها معطيات، تفرض توجيه البوصلة نحو “التعليم” باعتباره حجرة الزاوية في أي بناء تنموي جديد. رهان جلالة الملك محمد السادس على “الإقلاع الشامل” و”الالتحاق بركب البلدان المتقدمة” عبر بوابة “نموذج تنموي جديد”، يقتضي -أولا- “لجنة”منفتحة على كافة التخصصات والحقول المعرفية، وعلى الكفاءات في القطاعين العام والخاص، والتي تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا، ويقتضي -ثانيا- نخبا وكفاءات جديدة في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة، على مستوى المؤسسات والهيآت السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة”، تتملك الجرأة في قول الحقيقة حتى لو كانت مؤلمة، لأن كسب رهان “المرحلة الجديدة” لن يتحقق إلا بنخب جديدة، لاتجد حرجا في قول الحقيقة، وتتملك القدرة الهائلة على تقديم الحلول والمبادرات الخلاقة في القطاعات الإستراتيجية، وفي مقدمتها “التعليم” و”الاقتصاد”، دون أن يتحكم في عملها أي هاجس، إلا هاجس المواطنة والدفاع عن المصلحة العليا للوطن. من زاوية أخرى، لامناص من القول، أن أية “مرحلة جديدة”، إلا وتفرض نخبا جديدة من الطاقات والكفاءات المشهود لها بالخبرة وحسن الاستقامة والمواطنة الحقة واستحضار الصالح العام، والقدرة على تلمس نبض المجتمع وإيجاد الحلول الناجعة وتقديم البدائل الصائبة، وهنا وجب التذكير أن “النخب” تمر حتما عبر بوابة “التعليم”، إذ كلما كان “التعليم ناجعا وفعالا”، كلما أمكن صناعة “نخب” قادرة على إغناء وإثراء وتجديد المناصب الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والجدارة والاستحقاق، ومرة أخرى، نؤكد على “محورية” التعليم في تحريك عجلات الاقتصاد والارتقاء بمستوى التنمية البشرية، على مستوى توفير”الخبرات” و”الكفاءات” التي بدونها لايستقيم إصلاح. قبل الختم، من الواجب التذكير، أن كل المحاولات “الإصلاحية” السابقة التي طالت قطاع التربية والتكوين، بما فيها “الرؤية الإستراتيجية” و”القانون الإطار”، كلها مارست تهميشا متعدد المستويات في حق نساء ورجال التعليم، الذين تراجعت وضعيتهم الاعتبارية داخل المجتمع، بشكل مثير للقلق وللشفقة في نفس الآن، وبلغة الصراحة والمكاشفة، يمكن القول، محدودية التجارب الإصلاحية السابقة، جزء منها يفسر بالتحطيم المستدام لرمزية رجل التعليم الذي سار مثارا للنكتة والسخرية والاستهزاء، وبلغة الجزم، لايمكن كسب رهان أي إصلاح تعليمي أو تنموي، إلا عبر إعادة الاعتبار لأسرة التعليم على المستويات المادية والاجتماعية والمهنية، وعليه، فلجنة “النموذج التنموي الجديد”، أمامها تحديات صياغة “نموذج تعليمي” يضمن شروط النجاعة والفاعلية وتكافؤ الفرص، ومن أولوياتها، إعادة الاعتبار لرجل التعليم، والرهان عليه كمحرك لعجلات الإصلاح في ظل “النموذج التنموي الجديد”، والرهان أيضا، على الارتقاء بمهنة التدريس التي سارت “مهنة لكل من هب ودب”، دون أي اعتبار لحساسيتها (صناعة العقول)، وقبل هذا وذاك، الجرأة في إحداث “ثورة عميقة وناعمة” تؤسس لمدرسة عمومية عصرية على مستوى المناهج والبرامج وأساليب التقويم وطرائق التدريس الفعال والانفتاح على “تكنولوجيا الإعلام والاتصال”.. أخيرا وتأسيسا على ما سبق، لايمكن تصور أي “إصلاح تعليمي” بمعزل عن “النموذج التنموي الجديد”الذي يعد “لبنة جديدة في المسار التنموي في ظل الاستمرارية”، و”مدخلا” للمرحلة الجديدة التي ستتأسس على ثنائية “المسؤولية” و”الإقلاع الشامل”، وهي مرحلة جديدة، ستكون حبلى بالعديد من التحديات والرهانات الداخلية والخارجية، التي يتعين كسبها، وفي مقدمتها -كما ورد في الخطاب الملكي- “رهان تو طيد الثقة والمكتسبات” ( لكونها أساس النجاح، وشرط تحقيق الطموح : ثقة المواطنين فيما بينهم ، وفي المؤسسات الوطنية، التي تجمعهم، والإيمان في مستقبل أفضل) و “رهان عدم الانغلاق على الذات” (خاصة في بعض الميادين التي تحتاج للانفتاح على الخبرات والتجارب العالمية، باعتبار ذلك عماد التقدم الاقتصادي والتنموي، بما يتيحه من استفادة من فرص الرفع من تنافسية المقاولات والفاعلين المغارب) و”رهان التسريع الاقتصادي والنجاعة المؤسسية” ( لبناء اقتصاد قوي وتنافسي، من خلال مواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وخلق المزيد من فرص الشغل)، وكذا “رهان العدالة الاجتماعية والمجالية” (لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع..)، وهي رهانات وتحديات متعددة المستويات، تقتضي -ليس فقط- نخبا جديدة ذات كفاءة عالية، ولكن، تقتضي أيضا “تعليما عصريا” يعكس “إرادة دولة” و”مشروع أمة”، يحرك عجلة الاقتصاد، ويؤثر إيجابا في التنمية، ويكرس العدالة الاجتماعية والمجالية والثقة في المؤسسات، ويصون لحمة المواطنة والقيم، ويفتح أفقا رحبة للانفتاح على المبادرات والتجارب الدولية الناجحة، وقبل هذا وذاك، يرجع الاعتبار لرجل التعليم ويسترجع الثقة المفقودة في المدرسة العمومية، التي لامحيدة عنها، لبناء الإنسان الذي يعد أساس التنمية المستدامة وغايتها المنشودة .. [email protected]