يشارك مجلس الجالية المغربية بالخارج مرة أخرى في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، والذي فرض نفسه كموعد ثقافي أساسي في الأجندة الثقافية العربية والإفريقية وحتى الدولية. وقد تمحورت مشاركات المجلس الأخيرة على إشكالات عميقة تواجه الهجرة المغربية في المجتمعات الغربية. طرحنا للنقاش والتحليل تحديات العيش في مجتمع متعدد والفرص التي تتيحها هاته المجتمعات، وناقشنا قبلها إشكالات التوترات الهوياتية في مجتمعات الاستقبال، وحاولنا تعميق التفكير بإشراك كافة الفاعلين والمؤسسات المعنية في المغرب وفي دول الإقامة، وقمنا ببلورة مقترحات أجوبة للأسئلة الجديدة التي تطرحها مجتمعات الاستقبال. ومن خلال مراكمة التفكير والبحث في الإشكاليات والتحديات التي يطرحها السياق الغربي خلصنا إلى قناعة راسخة بأن الجاليات المغربية أصبحت فاعلا حيويا في دول أوروبية مثل فرنسا وبلجيكا واسبانيا وايطاليا وهولندا؛ وهو ما جعلها مدعوة بالتالي إلى الاطلاع بدور أكثر فاعلية في النقاشات المجتمعية البنيوية التي تطرحها السياقات الثقافية والسوسيواقتصادية والسياسية لهذه المجتمعات، أولا بالنظر لما أبان عنه مغاربة العالم من تشبع بالقيم الأساسية للثقافة الغربية وانخراطهم بكل سلاسة في البنيات المؤسساتية لدول الإقامة، وثانيا لكون الجاليات المغربية أصبحت جزء لا يتجزأ من التحديات المعاصرة المطروحة على هاته المجتمعات في الحاضر وفي المستقبل، وبالتالي فمصيرها من مصير هذه المجتمعات. أما المسألة الثانية التي خلصنا اليها من خلال دراسة خصائص الهجرة المغربية، هي أن الاندماج السلس للجاليات المغربية في مختلف دول الاستقبال مرده بالأساس إلى المساحة التي تتيحها هويتهم المغربية المتعددة لاستقبال مختلف الثقافات، والتعايش مع الآخر، من دون أن يشكل هذا الاحتكاك الثقافي أي صدام هوياتي، بل يصبح هذا الالتقاء عاملا إيجابيا يتيح إثراء وإغناء ثقافات دول الإقامة والاستفادة من العناصر الثقافية التي توفرها هذه الدول دول من أجل تطعيم وإثراء الهوية الأصلية. من هذا المنطلق تبحث مشاركة مجلس الجالية المغربية بالخارج في الدورة 25 للمعرض الدولي للنشر والكتاب فتح النقاش حول حضور الثقافة المغربية خارج الحدود عبر مغاربة العالم، واكتشاف مكوناتها وتعميق المعرفة في التحديات التي تواجهها، من أجل استشراف وسائل استثمارها في تعزيز مساهمة مغاربة العالم في تنمية ثقافات مجتمعات الاستقبال؛ وكذا بحث الأدوار التي يمكن أن يلعبها مغاربة العالم المبدعين في وتقوية مكانة الثقافة المغربية ضمن الثقافية العالمية عبر انتاجاتهم الثقافية بمختلف اللغات؛ بالإضافة إلى فتح المجال أمام الثقافة المغربية من أجل الاستفادة من من الفرص التي توفرها العولمة لتسهيل نقلها إلى الأجيال الجديدة لمغاربة العالم وتبسيط إيصال روافدها إلى غير المغاربة. وكعادته في مختلف مشاركاته في هذا الموعد الثقافي العالمي يقترح رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج على زواره برمجة غنية ومتنوعة تعكس تنوع إبداعات مغاربة العالم. فبين النقاش والتبادل في الموائد المستديرة التي سوف تتطرق إلى مختلف تمظهرات الثقافة المغربية في الخارج والقضايا المرتبطة بها، سيكون هناك تسليط الضوء على نجاحات مغاربة العالم وإبراز مساراتهم الفريدة كسفراء فوق العادة للمغرب وللثقافة المغربية في الخارج. وبين عرض آخر إصدارات مجلس الجالية المغربية بالخارج التي تتناول مختلف جوانب الهجرة المغربية، سيكون زوار الرواق والقارئ المغربي على موعد مع تقديم عدد من الأعمال الأدبية لكتاب مغاربة في الخارج، تبرز إبداعاتهم ونظراتهم المتقاطعة للثقافة وراء الحدود. وبين هذا وذاك هناك برمجة خاصة بجمهور شباب المدارس في صباحيات الرواق، تتمحور حول ورشات تأطيرية لفهم قيم الانفتاح والتعدد والتسامح. كل ذلك بين جدران رواق تفاعلي تؤثثه معارض تشكيلية تقدم لوحات حول المسيرة الخضراء من إبداع فنانين من مغاربة العالم، وأخرى مخصصة للخط العربي تبسُط مضامين الخطب الملكية التي تناولت موضوع الهجرة. سنكون سعداء باستقبال جمهور المعرض الدولي للنشر والكتاب، في رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج من أجل التبادل والتفاعل وتقاسم تجارب الهجرة.