توجه عشرات المحتجين على تردي الأوضاع المعيشية في السودان إلى القصر الجمهوري بالعاصمة الخرطوم، اليوم الاثنين، للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع عليهم، وأدى ذلك إلى إغلاق عدد من المصارف الكبرى وسط الخرطوم قبل انتهاء دوامها الرسمي. وقال شاهد عيان ل”سبوتنيك” إن اشتباكات عنيفة وقعت بين الشرطة والمتظاهرين في ميدان جنينة الجندول، بوسط العاصمة الخرطوم استخدمت فيها قوات الأمن قنابل الغاز والرصاص المطاطي لمنع المحتجين من الدخول إلى الشوارع المؤدية للقصر الجمهوري. فيما أفاد مصدر ميداني في العاصمة السودانية الخرطوم، إن قوات الأمن السودانية قامت منذ الساعات الأولى صباح اليوم بإغلاق جميع المحال التجارية بالقوة في السوق العربي وسط العاصمة، وتم سحب الأجهزة الأمنية والشرطية ونشر عناصر الأمن الشعبي في زي القوات المسلحة وعناصر من أجهزة سيادية للتصدي للتظاهرات المعلن عنها. وزعم المصدر في اتصال مع “سبوتنيك” اليوم الاثنين، أن “الجزء الأكبر من تلك القوات تنتمي للمؤتمر الوطني الحاكم ويرتدون الزي المدني وبعضهم في زي عسكري لاختراق التظاهرات وبث الرعب والخوف بينهم، وهم من يقومون أيضا بعمليات تخريبية وعمليات مخالفة للقانون والدستور” على حد قوله. وأضاف المصدر أن “هناك تخوفات كبيرة من الدعوة لتظاهرات اليوم والتي تبنتها النقابات المهنية في السودان والتي تطالب القيادة السياسية بالرحيل”. ونشرت الحكومة السودانية اليوم الاثنين، عشرات الجنود في وسط الخرطوم، للحيلولة دون قيام موكب دعا له تجمُّع المهنيين السودانيين، للمطالبة برحيل النظام. وارتكزت عربات عسكرية كثيرة بالقرب من منطقة صينية القندول المكان المحدد لتجمُّع المحتجين. وأفاد شهود عِيان، أن سيارات بدون لوحات، عليها أفراد يتردون أزياء مدنية، جابت شوارع وسط الخرطوم. وكان تجمُّع المهنيين السودانيين قد دعا الثلاثاء الماضي إلى موكب سلمي لتسليم مذكرة إلى القصر الجمهوري تطالب برحيل الرئيس البشير، إلا أن قوات الأمن منعت تسيير الموكب، ما جعل الآلاف يتظاهرون في وسط الخرطوم. والتقى البشير عددا من كبار الضباط في الخرطوم، وأمر الشرطة ألا تستخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجا على زيادة سعر الخبز. ويأتي ذلك بعد أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة إلى “الهدوء وضبط النفس”، وطلب من السلطات السودانية “إجراء تحقيق شامل حول القتلى والعنف”، بحسب بيان للمتحدث باسمه. وأعلن جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان، اليوم الاثنين، إطلاق سراح معظم الموقوفين أثناء المظاهرات الأخيرة، بعد اكتمال الإجراءات الأمنية اللازمة حيالهم. وأوضح مدير إدارة الإعلام بالجهاز وفقا لوكالة السودان للأنباء، أن الذين تم إطلاق سراحهم أقروا خلال التحقيقات أن الهالة الإعلامية بالخارج كانت أكبر من الحجم الحقيقي للمظاهرات، وأن بعض الأحزاب السياسية استغلت مهنيين وطلابا لتحقيق أجندتها الخاصة. ويشهد السودان صعوبات اقتصادية متزايدة مع بلوغ نسبة التضخم نحو 70% وتراجع سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي وسائر العملات الأجنبية. ويبلغ سعر الدولار رسميا 47.5 جنيه، لكنه يبلغ في السوق الموازية 60 جنيها سودانيا، كما يعاني 46% من سكان السودان من الفقر، وفقا لتقرير أصدرته الأممالمتحدة سنة 2016. وتقول الحكومة إن 19 شخصا على الأقل قتلوا منذ 19 ديسمبر/كانون الأول خلال الاحتجاجات التي أشعلها قرار الخرطوم برفع أسعار الخبز. لكن حسب منظمة العفو الدولية فعدد القتلى قد بلغ 37. ولقد خرج المتظاهرون إلى الشوارع بعد أن قررت الحكومة زيادة سعر رغيف الخبز من جنيه سوداني إلى ثلاثة جنيهات. وفي اليوم السادس من الاحتجاجات، وعد الرئيس السوداني عمر البشير المواطنين، الاثنين، بإصلاحات حقيقية “لضمان حياة كريمة” لهم. وأضاف خلال خطاب جماهيري، أن “ما يحدث من ضائقة هو ابتلاء سنصبر عليه حتى ينجلي لأن الحكم والقوة والأرزاق بيد الله وهو أمر تأمرنا به عقيدتنا”، بحسب صحيفة “الانتباهة”. وزاد: “الأزمة الاقتصادية الله بحلها (سيحلها). الناس في عهد الصحابة أكلت صفق الأشجار”، وفقا لصحيفة “التيار” الورقية. وقوبلت هذه التصريحات باستياء لدى كثير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، فقال أحدهم “يعني من الواضح أنه لا يملك حلا للأزمة الاقتصادية”. كما قال البشير إن السودان يتعرض، ودولا عربية، لمحاولات الابتزاز الاقتصادي والسياسي من الدول الكبرى. وأوضح في خطاب ألقاه في حفل لتخريج قادة عسكريين في الخرطوم، اليوم الخميس، أن تلك الدول تسعى “لفرض التبعية على الشعوب والذات الوطنية وتركيع الأنظمة ودفعها تجاه تحقيق مصالحها في السيطرة على موارد الشعوب”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية. وسخر البشير ممن يطلقون شائعات حول هروبه والقبض عليه، مؤكدا أنه باق في مكانه ولن يرحل إلا بأمر الشعب. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية بشارة جمعة أرور أن “الأمور ماضية في الانفراج”، موضحا أن أزمة الخبز والنقود والوقود ستنجلي بعد 15 يناير القادم عبر إجراءات وتدابير تقود لاستقرار اقتصادي في البلاد.