لا يمكن تصور عنف مشروع ضد أطفال خرجوا للاحتجاج على أمر أقض مضجعهم وأربك حياتهم وحياة ابائهم وأمهاتهم وفتنهم في معيشهم اليومي وحرك فيهم الشعور بالدونية وحول صباحهم تعبا ومساؤهم أرقا وحديثهم وحديثهن كله حول الساعة. ساعةً سوداء دست خلسة دون مشورة ولا تفكير في مرسوم مشئوم. لا يمكن القبول بنعت اطفالنا مجرد كراكيز يتحكم في خيوطها مبنيون للمجهول وأنهم غير ناضجين ولا مؤطرين وان نزوعهم إلى الفوضى معطى يستوجب الصد والقمع وإراقة الدماء و”الشتف” على أجسادهم الطرية وقمع حقهم التلقائي في الاحتجاج وفي التعبير عن السخط والرفض لساعة لا أحد منا يستطيع أن يحل محلهم في الشعور بقساوتها والمها وثقلها لأننا نحن الكبار تكلست معنوياتنا أجسادنا ونفسياتنا فأصبحنا نعاني من كلل فظيع في الإحساس بالكرامة التي تعودنا عليها بالتنقيط وفي حدودها الدنيا حيث لا يعني لنا اقتطاع ستون دقيقة بشكل يومي من عمرنا شيئا. أن ينزل اطفالنا جماعات الى الشارع متراصين متضامنين ذكورا وإناثا ويقطعون المسافات الطوال يهتفون بما أبدعوا من شعارات لإسقاط الساعة وما ترمز اليه من حاضر معناه أنه لم يعودوا قادرين على تحمل هذا الحاضر بمشاكله وتعقيداته. كل تحريض أو تبخيس أو تحقير لهؤلاء الأطفال وكل نزوة أو قرار غير محسوب لإفراط في الغرور أو سوء في التقدير يجنح للعنف والتنكيل بفلذات أكبادنا ستكون عواقبه وخيمة و”الأطفال لعبهم خايب مع اللي حكرهم” إلى غاية الساعة تدخلات معزولة فيها كثير من الرعونة والتجاوز لعدم وجود أي تهديد للامن والنظام العام أو للممتلكات العامة والخاصة وحتى ان حصلت فالتعامل مع الأحداث له إجراءاته وتدابيره الخاصة التي ينبغي أن تكون وبالضرورة تحت الإشراف المباشر والميداني للنيابة العامة حتى لا يبقى اطفالنا تحت رحمة جزمات حاقدة ومجنونة احيانا. قد نرى ما لا يعجبنا وقد نقدس أمورا نعلي من شأنها ونقدمها على إنسانية أطفالنا ونحاسب أولادنا نحن الجبناء محاسبة الوطنيين الأتقياء الأصفياء ونقرب كل الخطوط الحمراء إلى أعناقهم لنبرر تعليقهم وشنقهم على نغمات نشيدنا الوطني! قد نسمع منهم ما لم نسمعه من قبل من كلام ات من “قاع المزيودة” الممتلئة حكمة وقبحا قد نفرح وقد نتقزز قد نصدم وقد نفتخر لكن لا ينبغي أن تمر هذه اللحظة دون يتحمل الجميع مسئوليته فهي حبلى بالرسائل والرموز والمخاوف والانتظارات. اتمنى صادقا أن تتواضع حكومة السيد العثماني وأن تقدر وتتفهم وتستجيب لأصوات أطفالنا جميعا … انه جيل جديد لا نريد له أحقادا كبيرة مع الدولة نريده أن يعود الى أقسامه .. وأن تتراجع الدولة عن مرسومها المسموم. * حقوقي ومحام بهيئة الرباط