دخل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان على خط الجدل الذي أثارته ظروف إقامة الحجاج المغاربة بمكة المكرمة أثناء موسم الحج لهذا العام، موجها رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها، تحت عنوان “الحجاج المغاربة بين الحديث الشريف: الحج عرفة.. وحديث الشارع: فضيحة عرفة”. وطالبت المنتدى من رئيس الحكومة بفتح تحقيق فوري ونزيه حول معاناة الحجاج المغاربة، وذلك “بحكم الدور المنوط بمؤسسة الرئاسة دستوريا وأخلاقيا داخل النسيج الحكومي”، داعيا إلى إسناد مهمة التحقيق إلى جهة محايدة، مشيرا إلى أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، “تظل جزءا من المشكل وطرفا رئيسا في هذه الفضيحة، ومتهما أولا”. واعتبر المنتدى أن وزارة التوفيق “ما فتئتْ تتجه إليها الأصابع في شخص أعضاء البعثة المغربية، خاصة عندما نعلم أن الحجاج المغاربة قد فُرِضَ عليهم توقيع التزامات قبل السفر، تدخل في خانة “عقود الإذعان”، مردفا بالقول: “فاسألوا أهل القانون، يخبرونكم عن سلبيات هذه العقود، إن كنتم لا تعلمون”. اقرأ أيضا: حاج يروي للعمق مشاهد "رهيبة" من معاناة الحجاج المغاربة.. وهيئة تدعو للتحقيق (فيديو) وشهد موسم الحج الحالي تقديم المغرب احتجاجه لدى "المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية على ما وصفه ب"اختلالات" تعرض لها الحجاج المغاربة هذا العام، فيما أجرى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، اتصالا بهذا الشأن مع وزير الحج والعمرة السعودي، محمد صالح بنتن، تبعه اجتماع طارئ بين بعثة الحج المغربية والمؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية، في مقر الأخيرة بمكة المكرمة. رئيس المنتدى الحقوقي محمد أنين، دعا العثماني إلى ضرورة الإسراع بإعطاء تعليماته إلى الجهات المختصة، بفتح قنوات للتواصل الحقيقي مع الحجاج المتضررين، خاصة منهم الذين لم يتمكنوا من استكمال الركن الأكبر للحج وهو الوقوف بعرفة، مع دراسة ”إمكانية جبر الضرر” بتعويض المتضررين، وإرجاع المبالغ التي دفعوها بغية حج لم يكتب له التمام، “طالما أن شروط الالتزام الضمني بين الحاج المغربي ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لم تُحترم من جانب هذه الأخيرة”. وأشار الحقوقي إلى أن مراسلة رئيس الحكومة قصد التدخل العاجل، تأتي تفاديا لعملية اللجوء إلى القضاء الإداري في إطار دعاوى التعويض لإرجاع الحقوق إلى أصحابها، وذلك ضمن طلبات الحجاج المعنيين للدعم والمؤازرة، لافتا إلى أن ما تعرض له الحجاج المغاربة “تمتزج فيها الحسرة بالشعور بالحكرة، وبدموع تكعس الإحساس بالتحقير، وبالمس بسمعة المغرب على مستوى الكرة الأرضية بكاملها”، وفق تعبيره. اقرأ أيضا: دعوات للحجاج للاحتشاد أمام وزارة الأوقاف بثوب الإحرام ردا على الإهمال وشدد أنين على أن ما وصفها ب”المهزلة لا يمكن السكوت عنها أو تجاهلها لما تشكله من استهتار بالمسؤوليات، ومساس بالجنسية المغربية وتحقير للمواطن المغربي وضرب لحقه في ممارسة شعائره الدينة، والأهم من كل هذا وذاك، عدم الامتثال لتعليمات أمير المؤمنين، التي أكد من خلالها على ضرورة العناية الكاملة بشؤون الحجاج المغاربة، وخدمتهم على أحسن وجه، حتى يؤدوا مناسكهم في أحسن الظروف”. وأضافت المراسلة: “ليكن في علم من يريد التشويش على حق حجاجنا الميامين في المطالبة بحقوقهم المشروعة، سواء أشخاص ذاتيين أو معنوين، مُوظِّفين الآيات الكريمات: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )، أن الرد عليهم تأتي به آيات كريمات أخريات تاليات: (لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا)، كما نحيل هذا ”المَنْ” على الحديث النبوي الشريف الشهير، حديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لنشاطر حجاجنا الميامين المحتجين، والذين زودونا بفيديوهات في الموضع حينها، أنهم كانوا على حق، بكشفهم لتلاعبات يتم وضع السيناريو والحوار لها خلف الكواليس”. وكان حاج مغربي ضمن وفد الحجيج المغربي بمكة المكرمة، قد كشف لجريدة "العمق" مشاهد من معاناة الحجاج المغاربة خلال موسم الحج لهذا العام، واصفا وضعهم ب"الكارثي"، مكذبا ما أوردته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في بلاغها من أن معاناة الحجاج "مجرد أكاذيب من السنوات الماضية". اقرأ أيضا: اجتماع طارئ بمكة لتحديد المسؤولين عن معاناة الحجاج المغاربة.. والأوقاف تعترف بالاختلالات وتوصلت جريدة "العمق" بمقاطع فيديو تظهر حجاجا رجالا ونساءً وهم يخرجون من نوافذ حافلات قديمة، كما كشفت مقاطع فيديو أخرى حجاجا مرضى يفترشون الأرض في غياب أي عناية طبية، فيما حكى حجاج عن تخلي البعثة المغربية للحج والعمرة عن 1500 حاجا وحاجة بعد إخلاء خيامهم بمشعر منى، ما جعلهم عرضة للتشريد والتيهان ليلا في غياب أي مخاطب لهم، في حين قضى آخرون ليلة المبيت في منى قرب المراحيض، وفق تعبيرهم. المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية، كانت قد نفت مسؤليتها عن معاناة الحجاج المغاربة، كاشفة أن مشكل المبيت في منى هو وضع عام ولا يخص حجاج المغرب فقط، وأن تحسين ظروف التنقل يتطلب من البعثة المغربية مصاريف إضافية، بينما اعتبرت أنه من المستحيل الاستجابة لطلبات الحجاج بالنسبة لعاداتهم الغذائية. وأثارت مقاطع الفيديو التي توثق معاناة الحجاج المغاربة، غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى درجة مطالبة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بتقديم استقالته، فيما أطلق نشطاء حملة غير مسبوقة تدعو الحجاج إلى العودة لبلدهم بثوب الإحرام والتوجه صوب مقر وزارة الأوقاف للاحتجاج على ما تعرضوا له من معاناة. اقرأ أيضا: الأوقاف تقر بتأدي حجاج مغاربة وتنفي مسؤوليتها والتوفيق يتصل بوزير سعودي القضية وصلت إلى البرلمان أيضا، حيث وجه 3 برلمانيين عن حزب العدالة التنمية سؤالا شفهيا إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، وذلك "جراء تردي ظروف الإقامة والتنقل والتغذية والتأطير خلال أداء الحجاج لمناسك الحج لهذه السنة"، مطالبين الوزير باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الوقوف على حقيقة ما وقع وترتيب القرارات اللازمة على كل إخلال ترتب عنه معاناة الحجاج المغاربة.