تطرح الامتحانات الإشهادية بالمغربتساؤلات، يدور قطب رحاها حول سؤال وجيه: ماذا بعد الامتحان الإشهادي؟ نعم، ماذا بعد الامتحانات؟ ما الإجراءات التقييمية التي تليها؟ إن المهتمين بالحقل التربوي، لا أحد منهم سيجد عناء في الإجابة عن هذا السؤال، لأن الامتحانات أضحت إجراء روتينيا لا يعقبه إلا التصريح بنسبة النجاح ونسبة المستدركين، وكل وزير يسعى إلى جعل الامتحانات التي مرت في ولايته أفضل امتحان شهدته المملكة، من حيث نسبة النجاح والنزاهة والشفافية، وهنا تضيع الغاية من التعليم، وتتلاشى وظيفة الامتحانات الإشهادية، التي يفترض أن تقيس مدى حصول الكفايات عند هؤلاء المتعلمين، إن واقع الحال ليؤكد أن آخر ما يتم التفكير فيه في الامتحانات الإشهادية هو تحقق الكفايات، ليتم تعويضه بهاجس تمكن أغلب المتعلمين من الحصول على المعدل، وهو الأمر الذي ندفع ثمنه، أو سندفعه مستقبلا، في ظل التباين الحاصل بين الشهادات وكفايات المتعلمين، في وقت تسير فيه الدول المتقدمة نحو اقتصاد المعرفة، إلى جوار التباين الحاصل بين الشهادة والكفاءة في نظامنا التعليمي، هناك أعطاب أخرى نذكر منها: غياب المواكبة التربوية لهذه الامتحانات؛ حيث إن الأمر يقتضي تشخيص الاختلالات التي حالت دون بلوغ المتعلمين للحد الأدنى من الكفايات، ولا ينبغي توقف الأمر عند التشخيص، بل ينبغي طرح سبل المعالجة، كما ينبغي تجنب الفوقية وإشراك الأطر التربوية والإدارية، وتشجيع البحوث التربوية بالجامعات في هذا الشأن. عدم اطلاع المتعلمين على أوراقهم، لتطمئن قلوبهم، ولوأد خطاب المظلومية،بوقوف المتعلم على إنتاجه، تكريسا للتقييم الذاتي. تغليب منطق الأرقام على منطق التحصيل (لجنة أربعين في المئة نموذجا) غياب التجديد في الامتحانات الإشهادية، سواء أتعلق الأمر بمضامين الامتحانات، ويزكي هذا الرأي الأطر المرجعية التي لم تحين منذ ما لا يقل عن أربع سنوات، إضافة إلى استمرار نمط التقويم نفسه في جل المواد وبالطريقة نفسها، ألم يحن بعد أن نجرب التكنولوجيا كأداة لتمرير الامتحانات، في قاعات مجهزة بالكاميرات، كما هو الحال، على سبيل المثال، في الحصول على رخصة السياقة. استمرار نظام التقويم نفسه، على مستوى المضمون والمعامل، في كثير من المواد، رغم الاختلالات المرصودة، أمثل هنا باللغة الفرنسية، التي تقف حجرة عثرة أمام حصول أغلب متعلمي الأولى بكالوريا على المعدل، وهو الأمر الذي يشغل بال أغلبهم في الثانية بكالوريا ويحطم معنوياته. السؤال الذي يطرح نفسه هل المتعلمون الفرنسيون، مثالا لا الحصر، تقف اللغة العربية أو غيرها من اللغات حجرة عثرة في طريقهم؟ هذا مع استحضار ان اللغة العربية نفسها تشهد تضعضعا. عناصر الإجابة ينبغي تدقيقها وطنيا، بالتفصيل في معايير التنقيط، ولاسيما مواد الآداب والعلوم الإنسانية. ليست تعمى عيوننا أن ترى الندى فوق الورود إكليلا، ولكن نلفت الانتباه إلى الأشواك التي تحجب عنا الرؤية، فهل من مشذب؟