المكسيك دولة الخمسة وخمسين مليون فقيرا سنة 2014 ،دولة تعيش على المخدرات والدعارة ، دولة تعاني الامرين بعد تصعيد الحصار من طرف الجارة الامريكية و مفاوضات بناء سور ترامب العظيم ، رُصدت فيها هزة أرضية ، الى هنا لا يبدو الأمر غريبا ،ولكن سبب هذه الهزة ، هو هدف في مرمى احفاد هتلر في كأس العالم ، بعد قفزة فرح هائلة لشعب منكوس الأعلام ! شناوا هذا ؟ هل هذه اللعبة لعبة عادية ؟ هل يمكن أن يحدث هذا في مباراة للبيسبول او كرة السلة ؟ هل يمكن ان يحدث هذا في اي شيئ آخر الا كرة القدم ؟ حرب المائة ساعة بين الهندوراس والسيلڤادور التي نشبت بسبب مقابلة التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالمكسيك سنة 1970 دليل آخر على ان كرة القدم امست دينا أكثر منه رياضة ، اعتنقها الملايين عبر تاريخها الحافل و المليئ بالقصص والملاحم الأسطورية ، كانت منبرا لمقاومين حاربو به الاستعمارات الامبريالية ، و كانت أملا لشعوب الجنوب لتذوق طعم الفخر بشيء ما ، بعد ان عاشو الذل في كل شيئ آخر . كرة القدم تستطيع رفع منسوب الوطنية في شعب جف ، تجعله ينسى مآسيه و همومه بل تعطيه النشوة ، النشوة التي لا يمكن ان تحصل عليها في أي شيئ آخر في هذا الوجود ؟ هل تفهم هذا ، هل تتفهم من يسجن او يموت لا في سبيل شيئ الا حب كرة القدم . كرة القدم تحتفل بعرسها الأكبر ، عرس طالما انتظرته كل الدول كل الجماهير العاشقة المدمنة لهذا المخدر الشرعي الذي لا يعاقب عليه أي قانون و لا يحرمه أي دين . ولكن للأسف ، أظن أنها آخر أيام الشغف ، بعد أن أضحى المال ، الذي أفسد كل شيئ ، هو كل شيئ في كرة القدم ، وماتت قيم طالما تغنينا بها كمشجعين ، كالوفاء للقميص وللجمهور ، والتضحية الغير مشروطة من أجل الشعار ، و الانتماء الذي لا أجده منطقيا ، ولكني اضع المنطق جانبا وانا اشاهد فريقي المفضل ، اشعر بالشفقة على الاجيال القادمة ، التي سترى نايمار في ملصقات الاساطير بدل مارادونا وبيلي ، والتي قد لا تستمتع بفيديوات رونالدينهو ، وتمريرات بيرلو ، و گرينتا روما ، بل اصبحت اشعر بالشفقة على جيلنا الذي صارت فيه كرة القدم حكرا على من يملك اشتراكا في قنوات بين سبورت .