تنصَّل رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، من مسؤوليته عن تكرار حوادث الاعتداء على قوات الجيش المتواجدة في سيناء، وأرجعها إلى ما اعتبره "اختيار المصريين" منذ تفويضهم له يوم 26 يوليوز 2013؛ للقضاء على "العنف والإرهاب المحتمل"، وفق تعبيره. جاء ذلك في مداخلة هاتفية أجراها في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، مع الإعلامي المفضل لديه، وفق مراقبين، في تلقي مثل هذه المداخلات الليلية، عمرو أديب، عبر برنامجه "كل يوم"، بفضائية "أون إي". وتأتي هذه المداخلة بعد ساعات من حدوث أعنف هجوم على قوات الأمن المصرية في شمال سيناء، منذ بداية عام 2017، استهدف حاجزا أمنيا في مدينة العريش (حاجز المطافئ بحي المساعيد)، بسيارة مفخخة، وتلاه إطلاق نار كثيف من قِبل مسلحين، ما أدى إلى مصرع تسعة من عناصر الشرطة، فضلا عن إصابة عشرة جنود. وفي بداية مداخلته، قال السيسي: "أذكر المصريين: طلبت يوم 24/ 7 تفويضا من المصريين والشعب بمواجهة العنف المحتمل، الأمر الذي تعجب له البعض، وأردت من هذا التفويض أن أطلع أبناء الشعب المصري على أن مواجهة الإرهاب وحجم التحدي ليس على مدار اليوم أو الأسبوع، لكنه سيكون على مدار سنوات، وستكون هناك تكاليف كبيرة جدا من أولادنا.. ليست أموالا، ولكنها دماء وأرواح وخسائر، ثم الكلفة المالية التي تكلفتها الدولة المصرية على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة". واستدرك السيسي قائلا: "لكن حجم التحدي الذي كان موجودا، وما زال، يدل على أن مصر تواجهه (الإرهاب) وحدها .. وهنا أقول إن حجم التحدي كان كبيرا، لأنكم اخترتم يا مصريين اتجاها ثانيا خالص.. الدنيا كلها في منطقتنا كانت تتحرك في اتجاه، وكان هناك تصور معين يُنفذ (يقصد حكم الإخوان)، وأنتم قلتم: "لا مش هيتنفذ عندنا في مصر". وأضاف: "دولة فيها تسعون مليونا قالت: "لا.. مش هنعمل ده.. طب أنتم عارفين اللي أنتم بتعملوه ده إيه.. كان التفويض علشان كده.. اللي أنتم بتطلبتموه ده مطلب خطير جدا، وسيترتب عليه حجم كبير جدا من الخسائر.. هذا ما رأيناه في السنوات الثلاث والنصف، واللي بنشوفه لحد دلوقتي، وسيترتب عليه خسائر". وخاطب السيسي المصريين بالقول: "تفتكروا يا مصريين، التكلفة المالية بعيدا عن البشر الذين لا نستطيع وضع أرقام لهم.. حجم الخسائر والتكلفة المالية في خلال الثلاث سنوات كانت كبيرة". وكشف في مداخلته أن سيناء وحدها فيها 41 كتيبة تحتوي من 20 إلى 25 ألف جندي، بخلاف قوات الأمن، الأمر الذي يحتاج إلى حركة حياة كاملة لجيش يقاتل، من إجازات ومعيشة وتوفير معدات، وفق وصفه، مشيرا إلى أن هذا العدد من الجنود بخلاف المتواجد على الحدود الغربية، وباقي الحدود والمناطق. وتابع بأن هناك حجما ضخما جدا من الموارد تم حشده لهذه المواجهة، مردفا بأن آخر مؤتمر للشباب وقف فيه ضابط مصري فقد إحدى ذراعيه، وقال: "أنتم مش حاسين بينا"، في نداء للشعب المصري أن حجم التحديات كبير، والتضحيات كبيرة. وعقد السيسي مقارنة مثيرة وغريبة بين مصر في عام 1967 والآن، فقال: إن الواقع الذي نعيشه الآن غير واقع حرب 67؛ حيث إن الإعلام عام 1967 كانت لغته لغة واحدة، ومتحدا للغاية على قلب رجل واحد بالتعاون مع أجهزة الدولة، ومصطفة في اتجاه دولة واحدة". واستطرد بأن حجم العمليات التي تمت في عهد الرئيس عبدالناصر قبل التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النيران، وقبول مبادرة روجرز، يماثل عدد العمليات التي تعرضت لها الدولة المصرية خلال الثلاث سنوات الماضية، بما يبرهن على أننا في حالة حرب حقيقية"، بحسب قوله. وأضاف: "خلوا بالكم من اصطفاف الدولة المصرية". وأشار إلى أن الإدارة الأمريكيةالجديدة تقول: "الدولة المصرية تحارب الإرهاب وحدها بكل جرأة وصدق، ونحن نتركها ونتخلى عنها فيما سبق، ولكننا لن نتركها مرة أخرى"، مردفا بأن الإدارة الأمريكية أكدت ذلك؛ لأن لديها أجهزة تقوم برصد ما تقوم به الدولة المصرية في مجال مكافحة الإرهاب، بالنيابة عن العالم"، وفق قوله. وأضاف: "المنطقة التي نعيش فيها كانت ستتحول إلى أكثر اشتعالا مما نراها الآن لولا تصدي الدولة المصرية للإرهاب". وزعم أن الإجراءات كافة، التي تم اتخاذها اقتصاديا، وكانت قاسية للغاية، كانت للخروج من الحصار الذي خُطط له للدولة المصرية، وهذا ما تفهَّمه أبناء الشعب المصري"، بحسب زعمه. وأشار إلى أن حجم العمليات الإرهابية التي تم إحباطها في شهر أكتوبر الماضي، وقبل دعوات التظاهر في "11 - 11" كانت 53 عملية إرهابية، وهذا يعني، وفق وصفه، أن "كل الدنيا قامت بإجراءاتها قبل تلك الدعوات بقصد أو عن غير قصد لإسقاط الدولة المصرية.. نعم لازم نخلص من الدولة دي.. مش مني.. أنا إنسان اخترتوه، وقلتم له عدَّينا من المرحلة دي". وزعم أنه كان مخططا في 11/ 11 أن "الدولة تضيع". وتابع: "نعم.. كان الهدف أن يتم الخلاص من الدولة المصرية، لأني أنا مش نظام.. أنا رجل تم اختياره من الشعب لأعبر هذه المرحلة، وليس نظاما أتى ليؤسس ديمومة، والشعب يعرف هذا جيدا"، حسبما قال. وعن تأمين قوات الشرطة والجيش في سيناء، أكد أن الإرهاب لا ينتهي في يوم وليلة. وزعم أن الوضع في سيناء مختلف للغاية، وأن هناك مخططا وأموالا من دول يتم دفعها، وأجهزة تعمل، أطلق عليها وصف "أهل الشر"، قائلا إن حجم الأموال التي تم ضبطها خلال الأشهر الثلاثة الماضية يُقدر بملايين الدولارات والجنيهات، فضلا عن ضبط ألف طن من المتفجرات، بالإضافة إلى العدد الهائل من المخازن التي تم تدميرها تحت الأرض في سيناء، وتحتوي على آلاف الأطنان من المتفجرات، والتي تم جمعها على مدار سنوات سابقة، بحسب قوله . وشدَّد السيسي على أن "الرئيس عندما يتحدث لا يمكن أن يقول للناس كل شيء، ولكن، هناك نسق ينبغي الانتباه إليه"، بحسب تعبيره. وعاد لمغازلة المصريين بقوله: "الرسالة التي أكررها دائما هي أن كل التحديات بسيطة جدا داخليا وخارجيا، ولكن ما ليس بسيطا عندي هو وحدتكم أنتم يا مصريون، ووقوفكم على قلب رجل واحد، فكل ما شفتموه خلال السنوات الثلاث الماضية والنصف سنة لا يساوي شيئا، وما ينفعش أقول أسماء دول (يتهمها بدعم الإرهاب بسيناء) على الهواء". من جهته، قاطع عمرو أديب السيسي، قائلا: "هتجيب لنا حقنا يا ريس من الناس اللي بتقتل عيالنا والأجهزة؟"، فأجاب السيسي بامتعاض: "هو كل ده وما جبتش حقكم والا إيه؟". واختتم خطابه قائلا: "أنتم اللي هاتجيبوا الحق بالصمود والنجاح"، مضيفا: "المعركة ليست معركة رئيس وحكومة وجيش وشرطة بس.. دي معركتنا كلنا"، مبشرا: "بكرة تشوفوا مصر، واللي هيتعمل في مصر"، حسبما قال. عربي 21