مجموعة IGMA SCHOOL بالجديدة تحتفي بالمتخرجين وذكرى 30 سنة على تأسيسها    وصول 30 مهاجرا ينحدرون من الريف الى ألميريا    لقاء يجمع عامل إقليم الحسيمة مع ممثلي قطاع الطاكسيات    اصطدام بين دراجتين ناريتين على الطريق بين امزورن وتماسينت يخلف إصابات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا جراء عدوى أصابته في المسالك البولية    داخل جمعية!!.. محاولة فتاتين وضع حد لحياتهما بمادة سامة تستنفر السلطات بطنجة    الماص يقلب الطاولة على الوداد في البطولة الاحترافية    منتخب الكراطي يحصد 20 ميدالية في البطولة العربية    بعد لقاء الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني.. الرباط ونواكشوط يتجهان لإحياء اللجنة العليا المشتركة بينهما    بوتين يعتذر عن حادثة تحطم الطائرة الأذرية دون تحميل روسيا المسؤولية    إحداث 7912 مقاولة في جهة الرباط    ارتفاع مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان تؤدي مهمتها على أكمل وجه    زياش يشترط على غلطة سراي مستحقاته كاملة لفسخ العقد    حيار: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة لا تتعدى حدود الشريعة الإسلامية    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    خنيفرة تحتضن المهرجان الدولي للقصة القصيرة    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    القضاء يدين محمد أوزال ب3 سنوات ونصف حبسا نافذا    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    المغرب داخل الاتحاد الإفريقي... عمل متواصل لصالح السلم والأمن والتنمية في القارة    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إجلال للمؤمنات القابضات على الجمر، أمام مغريات الرذيلة في عصرنا
نشر في العمق المغربي يوم 12 - 03 - 2018

تحية ود و سلام إخاء إلى بنات حواء، إلى كل من صفا قلبها من أمهاتنا وأخواتنا، فصفا ليلها مع الله، تناجي ربها في أحب أوقاته أن يستر عوراتنا و يؤمن روعاتنا جميعا.. راجية من الله أن يفتح لها الأبواب، و يؤمنها من الفزع الأكبر يوم الحساب، مع طلاب الجنة وعشاق الفردوس، من المؤمنات و المؤمنين الذين تشوقت لهم الجنان وتزينت لقدومهم ..
تحية ود و سلام إخاء، إلى كل مؤمنة هل عليها هلال العفة و الستر رغم المحن، فكانت اليوم من الفائزين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون
تحية ود و سلام إخاء للمرأة عموما، لأنها هي أمي التي صنعت من التضحيات والبطولات حياةً مليئةً بالحب والفخر للأبناء، وهي الزوجة والحبيبة التي تنشر عبق الحب، والطمأنينة في أرجاء الحياة، وهي الأخت والجدة، إذاً فالمرأة هي أم الإنسانية جمعاء، وبدونها لا يكتمل المجتمع، ولقد حقّقت المرأة الكثير من الإنجازات على كلّ من الصعيد الاجتماعي، والاقتصادي، والعلمي متخطية كل الحواجز والعقبات التي كانت تواجهها في الماضي لتحمل رسالة مجدٍ، وفخر للعالم كله بما حقّقته من انتصارات متواصلة فلقد أصبح للمرأة دورٌ كبير في كلّ منصب من مناصب الحياة، ومن صور تكريم الإسلام للمرأة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً فإنهنّ عندكم عوان) لذا فقد منح الإسلام المرأة القيمة، بإقرار حقوقها الإنسانية الطبيعية، وأحاطها بالعناية والرعاية، ورفع مكانتها بين الأمم.
اليوم العالمي لتحرير المرأة أم تحريك المرقة
رغم ذلك لا تزال قضية ما يسمى بتحرير المرأة تمثل محوراً أساسياً في حوارات المثقفين والمثقفات خاصة في ديار الغرب، تخفتُ حيناً لتعود إلى الظهور مرة أخرى، مواكبة لحركات المد والجزر في التحولات السياسية الأخيرة في أقطار العرب المختلفات من المحيط إلى الخليج، لما لا و الاخبار أصبحت مؤكدة و تعاش و ترى مرئ العين، في العديد من عواصم العالم العربي، بمناسبة اليوم العالمي لحرية المرأة المزعوم، أو اليوم العالمي للمرأة ، نحن لن نناقش في هذه العجالة كيف وجد هذا اليوم ومن اوجده و ما هي خلفياته الحقيقة و أسبابه الموضوعية التي دعت كوكبة من النسوة للتظاهر، طلبا لمزيد من الحقوق المادية والمعنوية، و لم يعترف لهن رغم ذلك ببعض هذه الحقوق إلا في القرن الحالي، اعتراف لمزيد من العري و الفساد، و إلا كيف نفسر، الحرب المعلنة على المرأة المحجبة في فرنسا و غيرها من الدول الغربية، بقوانين وضعية لمنع الحجاب، ففيهن من ثبت و صبر، و فيهن من أفتتن في دينه فنزع كل شيء.
القابضات على الجمر ..
المجتمع الإسلامي مجتمع يقوم – بعد الإيمان بالله واليوم الآخر- على رعاية الفضيلة والعفاف والتصون في العلاقة بين الرجل والمرأة، ومقاومة الإباحية والتحلل والانطلاق وراء الشهوات
وقد قام التشريع الإسلامي في هذا الجانب على سد الذرائع إلى الفساد، وإغلاق الأبواب التي تهب منها رياح الفتنة كالخلوة والتبرج، كما قام على اليسر ودفع الحرج والعنت بإباحة ما لا بد من إباحته استجابة لضرورات الحياة، وحاجات التعامل بين الناس كإبداء الزينة الظاهرة للمرأة. مع أمر الرجال والنساء جميعا بالغض من الأبصار، وحفظ الفروج: { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَفظظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ }، { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا… }.
هنا يبدو جليا الصراع بين مخافة البشر و مخافة رب البشر، بين العفاف و الرذيلة، و هنا تظهر القابضات على الجمر من بناتنا و أخواتنا، وهن نساء صالحات و قليلات ما هن .. تغض إحداهن بصرها عن النظر إلى الرجال .. بل وتغض بصرها عن النظر إلى من قد تُفتن بها من شهوات و نزوات .. ومن تساهلت بالنظر الحرام .. والخلوة المحرمة .. جرّها ذلك إلى كبيرة الزنا، أو السحاق عياذاً بالله.. { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً } ..
ومن تساهلت بالمعصية الصغيرة جرتها إلى الكبيرة .. وخشي عليها من سوء الخاتمة ..
والله يقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ} ..
حرب السفور على الحجاب متجذر في تاريخ فرنسا الاستعماري
و للتاريخ نذكر، أنه منذُ أكثرَ من نصف قرن، كان الحجاب أو ما يعرف حينها حسب الجهات في الجزائر ب" الحايك أو الغمبوز أو الملاية أو السفساري" في صَلبِ الانتِفاضة الجزائريّة التي أدَّت إلى سقوطِ الجمهوريّة الفرنسيّة الرابعة ووصول شارل ديغول إلى سدّة الحكم. كان خلعُ الحجاب قضيّة استراتيجيّة بالنسبةِ للجيشِ المحتل الفرنسيِّ الذي بسَط على الضفّةِ الأخرى من المتوَسِّط سلطةً لا تعلو عليها سلطة، وكان الهدفُ من هذه الاستراتيجيَّةِ تقريبُ فرنسا من قلوبِ مليونَي امرأةٍ جزائريَّة.. إذ بإيعاز من عسكر فرنسا وأذنابها، خلعَت مجموعةٌ من الجزائريّات المُسلمات الحجابَ او الحايك في الساحة الرئيسيّة في قلب الجزائر العاصمة، محاطاتٍ بالمصوِّرين وتحتَ حماية الجنود الفرنسيين الخفيّة ، رغم ذلك لم تكن العملية إلا فلكلور و مراوغة ساذجة، لأن ممن خلعنا الحجاب هن إما فرنسيات الأصل والفصل، او جزائريات "مستقورات" ، على حد تعبير بعض المؤرخين الفرنسيين.
لا ننسى فقضية صراع بين السفور والحجاب متجذرة في تاريخ فرنسا الاستعماري، ففي عامِ 1871، مع حلولِ الجمهوريّة الثالثةِ وتقسيمِ المستعمَرة أي أرض الجزائر إلى ثلاثِ محافَظاتٍ (قسنطينةوهرانالجزائر) بعدَ أن تمَّ التخلُّصُ من العَسكر، بات كلُّ السكّان مُواطِنين فرنسيّين وبالتالي – كان المفروض – لهم الحقُّ نظريّاً بانتِخابِ ممثِّليهم في مجلسِ النواب. رفضَ الأوروبيّون ذلكَ بشراسة، مشتَرِطين على المُسلمين التخلّي عن قانون الأحوالِ الشخصيَّةِ إن أرادوا أن يصبحوا مواطنين لهم حق الانتِخاب، عِلماً أنَّ قانونَ الأحوالِ الشخصيّة عادي للغاية هو عبارةٌ عن مجموعةِ قوانينَ لإدارةِ شؤون الزواج والإرثِ والقانونِ العائليِّ، تستنِدُ إلى الشريعة الإسلامية، عموما وفق مذهب الإمام مالك السائد في ربوع دول المغرب العربي. و قصد التعبيرِ عن رأيِهم الحادِّ والترويجِ له، رفعَ المستعمِرون شعارَ ضرورة نزع الحجابِ أو "الحَايك" الذي يغطّي الجسم وأحينا والوجهَ والذي طالما رَمَز في أوروبا إلى "الآخر": "سيكون بمقدورِكم الانتِخابُ حين تخلعُ نساؤكم الحِجاب". انصاعَت باريس للأمرِ الواقعِ ومنعت المسلمات من حقِّ الانتِخاب الكامل للجزائريات، أما الجارة تونس فركبت الموجة، بكل عنترية و عرت نساءها، واستفحل هذا العري، حتى بعد استقلالها في عهد الهالك بورقيبة، ولازال المشاهدون العرب يذكرون تلك اللقطة التلفازية التي ينزع فيها بورقيبة خمار نساء تونسيات مسلمات أمام الملأ
..
هذا اليوم العالمي للمرأة، لم يعد له وزن حتى في الغرب
فالمسلمة في بعض الدول بما فيها العربية ممنوعة من الحجاب بشكل أو بأخر، وكذا في الغرب التي تدعي الديمقراطية ممنوعة من ممارسة عملها في العديد من الوظائف كالتعليم بالحجاب مثلا في جل الدول الأوروبية إلا نادرا، وهي مشكلة تتعرض لها العائلات في الغرب يوميا، مما حدى بأحد الاخوة المشايخ الجزم بقوله " إن المحجبة الملتزمة قابضة على الجمر في عصرنا هذا " وحكى لي تجربته الشخصية دون تردد، في مجابهة المشكلة هو وزوجة بالتضحية براتب شهري بدل راتبين، حيث أخبرني أن زوجته الأستاذة المدرسة سرحت من عملها بسبب حجابها منذ سنوات واشترطت عليها الإدارة خلع الحجاب للعودة للشغل، علما أن حجابها لباس ساتر للجسم لا غير، و ليست منقبة و لا مجلببة – على حد قوله- بينما وظفت بدلها أستاذة متدربة ليست فقط متبرجة، بل متزوجة مثليا!! فأي قدوة تكون هذه السيدة لطلبتنا وللأجيال مقارنة بمؤمنة متحجبة؟ فأضطر هذا الأخ لقسمة راتبه مناصفة مع زوجته، إلى يوم الناس هذا، قائلا لي "من الناحية المالية شددنا أحزمتنا لأبعد حد و ما زلنا، أما من ناحية راحة البال فأنا مرتاح للغاية.. داعيا الله أن يبارك لنا فيما أعطانا على قلته"، و هناك أمثلة عديدة يضيق الوقت لشرحها.
وأمام ما تتعرض له النسوة من تحرش جنسي حيواني، على كافة الأصعدة، وما الحملات الأخيرة او " هاشتاقات" الفنانات ونسوة الموضة والاعلام، الاتي استيقظت مؤخرا من سباتها العميق، للإبلاغ عن عمليات اغتصاب وقعت لهن منذ سنوات مقابل وظيفة أو دور في فيلم أو مسرحية ما،جعل للعديد منهن هذا اليوم العالمي، يفقد رمزيته و وزنه في الغرب و لا ذكر له حاليا إلا في بعض المؤسسات الرسمية..
لماذا هذه الحرب على المرأة العفيفة
فلماذا هذه الحرب على المرأة العفيفة، حتى في دولنا العربية.. أكيد، لا يختلف إثنان أن المرأة نصف المجتمع. هذه حقيقة يعرفها العقل، ويؤيدها الواقع. يا ريت لو يرجع حكام العرب في تونس و السعودية و الجزائر و غيرها إلى القرآن الكريم، ليجدوا أنه قد رسم للمرأة شخصية متميزة، قائمة على احترام الذات، وكرامة النفس، وأصالة الخلق، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "النساء شقائق الرجال" فإنه يستمد هذا من هدي القرآن الكريم، فإنَّ آيات كثيرة منه تشعرنا بالمساواة البشرية في الحقوق الطبيعية بين الرجل والمرأة، فهو يتحدث عنها بما يُفيد مشاركتها للرجل، وتحملها للتبعة معه، فيقول عن النساء والرجال: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ..} (البقرة: 228 ). ويقول: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: 195). ويقول أيضًا: { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ، وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ، وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ، وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ، وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ، وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ، وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } (الأحزاب: 35).
ثم نجد القرآن الكريم من إشعاره لنا بشخصية المرأة وكيانها الذي يجب أن يُصان ويرعى يُسمي سورة من أطول سوره باسم " النساء "، يتحدث فيها عن كثير من شئونهن، وها هو ذا القرآن يُسمي سورة أخرى باسم " المُجادلة " يفتتحها بالحديث عن استماع الله من فوق سبع سماوات إلى امرأة تجادل النبي وتحاوره، فيقول في بدء هذه السورة: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ، وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } (المجادلة: 1).
القرآن الكريم عرض علينا نماذج رائعة سامية لفُضْليات النساء
وقد عرض علينا القرآن الكريم نماذج رائعة سامية لفُضْليات النساء في تاريخ البشرية، فهو يُحدثنا عن نساء ضربن المثل في الإيمان والصبر والعفة والاعتصام بحبل الله المتين، فكان لهن على الأيام تاريخ مُخَلَّد، وذكر مُمَجَّد. فلنستمع إلى قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ، وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } ( التحريم 11، 12).
ويعود القرآن في مواطنَ كثيرة إلى الحديث عن مريم البتول العذراء، وتكريمها بطهارتها وعِفَّتِهَا وصيانتها لنفسها، فيقول عنها مثلًا: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ..} (آل عمران: 37).
ويُحَدِّثُنا القرآن عن "أم موسى" التي تمثلت فيها عاطفة الأمومة بأجلى معانيها، وفي القرآن الكريم إشارة إلى أن المرأة استطاعت أن تبلغ في بعض العصور السابقة منازل مرموقة سامية. فهو يُحدثنا عن " مَلِكَة سَبأ " التي تحلَّت بالذكاء وبُعْد النظر، كما قص القرآن علينا مواقفها مع سليمان تنتهي ملكة سبأ إلى الإيمان، وتُرَدِّد قولها كما حكى القرآن: { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَان للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (النمل: 44 ).
الام مدرسة، إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق .. فإذا علمت بنتا فقد علمت أمة
إن المرأة تستطيع بشخصيتها الأصيلة، وأخلاقها الطيبة، وأعمالها الجليلة، أن تُقيم البرهان على أنها شطر المجتمع الذي لا يُستهان به بِحَالٍ من الأحوال، وهذا شاعر النيل، حافظ إبراهيم، في قصيدته البليغة، التي يجب أن نقرأها بعين و نبكي يعين بل أن نحفظها و نُحَفضها للعام و الخاص، حيث أنشد يقول:
من لي بتربية النساء فإنها .. في الشرق علة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعباً طيّب الأعراق
الأم روض إن تعهّد بالحيا .. بالري أوْرَقَ أيّما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الأُلَى .. شغلت مآثرهم مدى الآفاق
أنا لا أقول دعوا النساء سوافراً .. بين الرجال يَجُلْن في الأسواق
يَدْرُجن حيث أردن لا من وازع .. يحذرن رِقْبته ولا من واق
يفعلن أفعال الرجال لواهياً .. عن واجبات نواعس الأحداق
في دُورِهن شئونهن كثيرة .. كشئون رب السيف والمزراق
ويأتي آخر بيتين في القصيدة ليشدو بعظَمَته المألوفة في الشعر ليقول :
ربّوا البنات على الفضيلة إنها .. في الموقفين لهن خير وِثاق
وعليكمُ أن تستبين بناتكم .. نور الهدى وعلى الحياء الباقي
و هذا كلام أخر من ذهب للشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله، للذين يلهثون وراء الغرب قصد تعرية بنات المسلمين، والذي قال ذات يوم من عام 1929، كلمته الخالدة الذهبية لحكام فرنسا عن بنات حواء الجزائريات: " إذا أردتم ‫ إصلاح المرأة الحقيقي ارفعوا حجاب الجهل عن عقلها قبل أن ترفعوا حجاب الستر عن وجهها، فإن حجاب الجهل هو الذي أخرها، فأما حجاب الستر فإنه ما ضرها في زمان تقدمها، فقد بلغت بنات بغداد وبنات قرطبة وبنات بجاية مكانا عليا من العلم وهن محجبات"
وها هو أيضا، يفحم من ينسبون خطأ أمورا ليست من الدين في شيء يطالب بتعليم الاثنين البنين والبنات على حد سواء، بل و يفضل تعليم البنات على البنين بقوله : "إذا علمت ولدا فقد علمت فردا، و إذا علمت بنتا فقد علمة أمة"، ما أروعها من بلاغة و ما أطيبها من حكمة، و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.