أثارت وقائع الجلسة الافتتاحية لمؤتمر شبيبة المصباح ، و ما زالت تثير ، الكثير من النقع و السجال و الأفعال و الأقوال، بالنظر لفاعليها ، و لما جاء فيها و لظرفيتها . لم ينتبه كثيرون إلى أن الجلسة هذه ، لم يكن فيها بنكيران معزولا ، بقدر ما كان الجزء الظاهر من بنية عامة (ينخرط فيها حتى الصامتون: بصمتهم). لقد تناسقت الشعارات مع خطبة الإمام /المرشد العام مع كلام الأمين العام مع مخرجات الختام (القيادة الجديدة للشبيبة) .. لتعطينا الصورة الحقيقية لما هو عليه الحزب الجماعة. لذا كان طبيعيا و واجبا أن ترفع سبابة النقطة نظام عاليا ، و كان من غير الممكن و المعقول و المنطق و المقبول أن تمر تلك "اللحظة الاستعراضية" المتقنة الإخراج، و أقله تقديرا المثخنة بالتواطؤ ، مرورا عرضيا ، تحت أية مسميات : الانسجام ، الأغلبية، المؤسسات ، الاستقرار، الهشاشة … وقائع ما وقع ،، و ما استتبع ما قيل و ما وقع هو موضوع ملاحظاتنا اللاحقة : ☆ عند تناول الأستاذ العثماني الكلمة، و عند إنصاته لكلمة الأستاذ بنكيران، لم يأت على لسانه و لا على محياه ما يفيد بأنه غير موافق أو حتى غير راض عن بنكيران الذي صوب نحو كل ما يتحرك il a tiré sur tout ce qui bouge . لم يستثن الرجل الذي يتحول تدريجيا إلى إمام مرشد عام أحدا، ممن لا يوافقون هواه،أشخاص،أحزاب،مؤسسات ،سلط ، حتى بلغت البذاءة مدى يشك معه المرء في التوازن النفسي للرجل ، و في صدق "إسلاميته" التي تنهى عن التنابز بالألقاب . و في كل الأحوال فالحقيقة لا تخرج إلا من أفواه الأطفال و الحمقى ، و الأحمق ليس عند ميشيل فوكو سوى ذاك "الذي فقد كل شيء إلا عقله" Celui qui a tout perdu sauf sa raison. ☆ ركز كثيرون ،مغرضون و محايدون ، على طلقات بنكيران اتجاه أحزاب و زعماء أحزاب بعينها ، و أغفلوا مدخل الخطبة إياها الذي غرق في المرجعية العقدية (الإطار العام لكل تحرك) , فكانت الكثير من الإيحالات الحابلة بالسم في الدسم ، من قبيل واقعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، و واجب النصح لولي الأمر و موقع العلماء ؟؟ و كانت تلك لحظة الارتفاع إلى مقام الإمامة ( ستظل عقدة ما يسمى بالعلماء أبدية في بحثهم عن السطو على السلطان منذ عمر بن عبد العزيز إلى يوسف بن تاشفين إلى الحسن الثاني فمحمد السادس و قد انكشف ذلك جليا في رسالتي المرحوم عبد السلام ياسين "الإسلام أو الطوفان" و "إلى من يهمه الأمر " ، و في الفتوى الشهيرة لأحمد الريسوني..) . ☆ اعتبر السيد حامي الدين الذي تحدى و أهان بنكيران لأجله السلطة القضائية ،بأن خطاب كفيله هو " خطاب نصيحة للملك" و "تحذير لأخنوش" و "توييخ لادريس لشكر "و "تنبيه للعثماني" و "دعوة للجميع للانتباه إلى المخاطر البنيوية التي تتهدد استقرار الدولة " ، فيما قدر الأستاذ مصطفى السحيمي بأن "الازدواج الوظيفي بين بنكيران و العثماني مفيد للتصدي للخصوم " ، و أما العثماني فقد دشن كلامه بعد البسملة و الصلاة على الرسول و آله و صحبه و من والاه ، بتحية "الأخ عبد الإله " ، و بعده جاء الباقي (أمانة عامة، ضيوف، مؤتمرون…) ، هل يبقى للموقع التنظيمي معنى بعد كل هذا ؟؟، و بعدها كان العثماني مسهبا في الحديث عن "إفشال مهمة تشكيل حكومة الأخ عبد الإله" ، و "محاولة إفشال ترميم حكومة العثماني نفسه " ، و محاولة إجهاض "التحالف السياسي بين البيجدي و مكفوله التقدم و والاشتراكية " ، و "الحرب التي تشن على المصباح منذ مجيئه" ، " و النزاهة كشرط للنجاح و الانتصار في 2021 " ،( في إحالة خبيثة على أن باقي المنافسين الطامحين هم أيضا لتحقيق هذا المبتغى تعوزهم هذه القيمة الأخلاقية ) ،،، و لم ينبس الأمين العام الرسمي للبيجيدي بما يفيد أو حتى يوحي بأنه مختلف مع أو حتى متحفظ من كلام الإمام المرشد العام. ( ذكرتني هذه الواقعة بحجم الدمار الذي شهده الاتحاد ، و كاتبه الأول آنذاك سي عبد الرحمان يحارب على كل الجبهات من أجل وحدة اتحادية شاملة في الموقع و الموقف ). ☆ لا يمكن بأي حال من الأحوال عزل ما وقع عما سبقه من تحرشات بيجيدية ببعض مكونات الأغلبية( نواب و وزراء) ، في البرلمان و الإعلام ، و لهذا كان لزاما من باب حفظ العهود، و تجديد العقود؛ و من باب أن النصح ، و الإنذار و التوبيخ و التنبيه(كلشي كيعرف إيديرو ) أن يرد الصاع ، و أن تعاد الرصاصة إلى صدر مطلقها ، و في هذا الإطار نضع السلوك الاحتجاجي المسؤول الصادر عمن مسهم الضرر و هيئاتهم المتمثل في مقاطعة أشغال المجلس الحكومي الأخير،و قبله مقاطعة جلستي البرلمان ليومي الإثنين و الثلاثاء 5 و 6 فيراير 2018 (و هو ما لم ينتبه له كثيرون ) . إن مؤسسات البلاد و ثوابتها محمية بقوة الدستور و نصه ، و البلاد و استقرار الدولة ليسا بوهن خيوط عنكبوت ، حتى يركن الجميع إلى الصمت أو الخوف. ☆ عندما انبرى بنكيران للحديث عن مخاطر زواج المال و السياسة بعد أن تساءل بخبث عن الشوافة ، و عطفا عليه قال العثماني لحشود المريدين "ما تخافوش من هاذوك اللي كيقولوا غيربحوا الانتخابات ف 2021″، فلعله العقل السياسي الباطن الذي يستشعر بداية الأفول أو التراجع في أدنى الحالات، و لهذا كان هذا الإصرار على إطلاق استراتيجية تتفيه و تسفيه و تشويه أي منافس محتمل ،و لو كان" شريكا " لا زال الطريق معه نحو 2021 طويلا (اللهم إذا كانت استراتيجية التأزيم قد حلت محل استراتيجية المظلومية )… ☆ قد نشاطر السيد بنكيران الرأي بخصوص مخاطر التداخل غير المشروع بين الثروة و السلطة ، عندما تصبح السلطة وسيلة للإثراء ، كما عندما تصبح الثروة أداة لاختراق السلطة و توظيفها من أجل مزيد من الإثراء. لقد قدم دستور 2011 بعضا من معالجات لهذه القضية عندما تحدث عن تضارب المصالح ، و شفافية المنافسة ، و قد انخرطت بلادنا في كثير إجراءات لتنظيم مجال و مناخ المال و الأعمال، و هناك مؤسسات حكامة و رقابة خاصة بهذا المجال ( مجلس المنافسة، الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، اللجنة الوطنية للاستثمار و يترأسها رئيس الحكومة.. ) ، و معنى ذلك أن هناك كثير مقومات مؤسساتية ، تشريعية و قانونية لمنع الاحتكار و ضمان المنافسة؛؛ و كل خارج عن إطار القانون وجب على القانون أن يلاحقه. لقد كنا كاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية دائما من دعاة و حملة الآية القرآنية الكريمة من سورة النساء " و من كان غنيا فليستعفف ، و من كان فقيرا فليأكل بالمعروف " ، كما حملنا دائما في جيناتنا المعنى السامي ل" كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته " ، لأن الآية و الحديث معا يعنيان من ضمن ما يعنيانه التضامن الاجتماعي و المسؤولية المشتركة في تحمل أعباء الوطن و كلفة الانتماء إليه و الحفاظ عليه موحدا مستقرا و متجها دائما نحو المستقبل . من هنا إذن واجب وأد كل النزعات و النزوعات الفاشية . و ما دام للشيء بالشيء يذكر، ماذا عن عجن الدين بالسياسة، و هي حرفة الأخ عبد الإله و من والاه ؟ أين الدولة المدنية التي ألف و قال بصددها الكثير السيد سعد الدين ؟ ، و إذا كنتم تعيبون زواج المال بالسياسة(و هو مال وطني على أية حال ما لم تبلغوا درجة تخوينه هو الآخر ) ، فماذا عن ذاك المال الوهابي ، الخليجي ، "الإخواني" الذي سارت بذكره الركبان ، و عجنتموه بالدعوة و العقيدة و الدين ، حتى كاد الولاء للوطن و المذهب يزدوج عندكم Double allégeance, و لعله ازدوج غير ما مرة؟؟ ☆ لعل التوصيف الأنسب لواقعة الجلسة الافتتاحية لمؤتمر شبيبة المصباح هو رب ضارة نافعة ، إذ مكنتنا اللحظة إياها بكل توابلها و توابعها من أن نزيح بعضا من الغشاوة التي كادت تحجب عنا حقيقة "الإخوان ديالنا " و ازدواجية الوظائف و وحدة المواقف عندهم .. و هو دأبهم الدائم .