جلس كالعادة في مكانه المعتاد، فأوجست في نفسها نوعا من الرهاب والسعادة، الكل في آن واحد... تشعر بالرهاب، لأن جليسها أنعم الله عليه بأشياء تعجز وصفها...ميزات لا ارتباط لها بالماديات ...كلما سألتها، تشرد وتشرد، لتجيبني، إنها قداسة الأحاسيس... وما شأن سعادتك؟ إنها سعادة اللقاء...سعادة الأفكار التي سيروي بها جليسي، ظمأ فكري وعطش الانتظار. تسترسل الحديث... أعلم أن القواعد الاجتماعية في مجتمعنا فرضت ما فرضت، ليرتبط الشباب فيما بينهم ارتباطا شرعيا، ومن أرادت أن تدخل في زيجة يكون فيها الشريك من جيل الأمس، فإن أصابع الاتهام تؤشر إلى الطمع ورغبة الإثراء... أصرت أن الوفاء سيطبع حياتها لمن علمها ورباها على أسس المسؤولية...ستظل حبيسة ذاك المكان وذاك الرقم... فكثيرا ما نحس بالإحباط ورغبة الاستسلام حينما تتوالى الإخفاقات ونفشل في تحقيق أحلامنا وطموحاتنا، نرغب بالتوقف، لأن اليأس تمكن من عزيمتنا واستطاع أن يتحكم في أحاسيس الرغبة في الانتصار وتحقيق الذات، في مجتمع أغلبية أفراده لا يستطيعون في أقصى الحالات أن يساعدونك معنويا. أحببت أن أحكي عن تجارب الفشل التي عشتها في حياتي ولا زلت إلى الآن، في الحقيقة أنا لا أعتبرها فشلا بقدر ما أراها تجارب جيدة من خلالها استفدت وأفدت وفهمت أشياء لم يكن في وسع أمي أو أبي أن يعلماني إياها. تعلمت في الماضي أن الحياة مثالية، وأناسها ملائكة، لا مجال للحقد والكراهية وحب الذات، ليس هناك جروب ولا قروح. لم أكن أدرِ ما الحياة؟ وكيف أعيشها؟ كنت أعيش يومي ببراءة ولا مجال لبغض الناس وكره نجاحاتهم في الحياة. بالأمل سائرة في الحياة فأنا لا أكثر أبدا لذاك الحزن الذي جمعته السنين في قلبي، لا يهمني أبدا جفاء الآخر أو قسوته معي ورفضه أحيانا الأخذ بيدي، لا تستطيعون أن تذمري دواخلي، والسبب أن الأساس شيد بأمر من الله وبرحمة منه. سأبتسم رغم قساوة الخيانة...سأظل هكذا، لكن بشخصية عنوانها: هكذا كان أستاذي ... تعلمت منه، الآداب والأخلاق والجدية والصدق في الكلام...تلقيت في جلساتة، الشدة والصرامة في الأمور التي تتطلب ذلك... أعتذر أستاذي، الصرامة والشدة لم أوفق في اجتيازهما بنجاح..لكن، سأحاول أن أعبر جسر التأهل، لأرضي نفسي...لأكون كما يجب، حتى لا أصبح موضع استغلال تربيتي... لا أعلم، لماذا أنا هكذا؟؟ الغدر من أقرب الناس عشته، فما الذي يلزمني، لاتعظ؟؟ ربما أحتاج إلى صدمات مؤلمة متوالية...حتى أكف العيش في المثالية... وأغوص في بحر، لا أحد غير الرحمان أرحم..