ما فعله خوان كارلوس جاريدو قبل وبعد نهائي كأس العرش الأخير شيء يندى له جبين كل غيور على الكرة المغربية التي تنشد العالمية وتشق طريقا وعرا نحو الاحتراف، ما أقدم عليه مدرب الرجاء الرياضي من أفعال يستدعي منا كثيرا من التوقف، ويقتضي منا التأمل بعمق مع النهج الاحترافي لهذا المدرب الإسباني القادم إلى المغرب وبالضبط إلى أعتى الفرق الوطنية تاريخا وتجربة في سبيل البحث عن النجاح وتلميع صورته كمدرب له سيرة متواضعة في سجلات التتويج في عالم الساحرة المستديرة. التتويج الأخير رفقة "النسور" بكأس العرش يوم السبت الماضي،وقبله مع نادي الأهلي المصري بكأس الإتحاد الافريقي قبل ثلاثة أعوام، لم يشفع له من إزالة الصورة الضبابية التي أحاط بها مقامه كمدرب لفريق عالمي اسمه الرجاء، ولم ولن يكن هذا التتويج ليحيدنا عن حقيقة و فكرة طبعها في أذهاننا منذ أن فقد اتزانه وصوابه وارتكب جرمين عن سبق إصرار وترصد في حق كرة القدم المغربية التي تعيش أزهى لحظاتها في هذه المرحلة. الحادثان وإن انفصلا في الوقائع،إلا أنهما اتصلا في الزمن وتوحّدا في علة الاعتداء على جسد الرياضة المغربية واحدى مكوناتها،رياضتنا التي ظننا أنها هجرت زمن الخيبات والنكسات هجرا بعد ما أنجزه الأسود وقبله ما فعله الوداديون،إن ما فعله جاريدو في حق موظف بسيط في الجامعة المغربية للعبة لا ذنب له سوى أنه يقوم بعمله بكل تفان ومسؤولية من اعتداء مشين ،يجعلنا نسائل ولنا الحق في ذلك والعهدة عليه بالجواب؛ هل يجهل المدرب القادم من اسبانيا أن زمن "السيبة" قد ولّى بغير رجعة في المغرب؟،أو ربما أن هذا المدرب قد تعَوّد على مثل هذه الممارسات والتجاوزات في مصر وألِف أن يمر عليها الإتحاد المصري لكرة القدم مرور الكرام –مع كامل احترامنا لهذا الإتحاد-،أم ربما لم يتأقلم بعد مع أدبيات وقوانين الاتحاد المغربي للعبة،هل غاب عنه –ياترى- أن هذه القوانين تطورت كثيرا وأقفلت جميع الثغرات والفجوات التي قد تجعل كل متجاوِز يفلِت من أي محاسبة أوعقاب؟ الحادث الثاني المرتكب في حق جسم الصحافة الرياضية لا يقل اهتماما عن الحادث الأول،وهو مقاطعة أقلام الرياضة الوطنية خلال المؤتمر الصحفي الذي يعقب كل مباراة كرة قدم ،بهذا الفعل يكون المدرب جاريدو قد عاد وأسقى كل المتتبعين من رجال الصحافة والإعلام من نفس كأس المهانة والذل،بعد إهانة موظفي جامعة "لقجع". لا أحد ينكر الأداء الذي ظهر به الرجاء منذ تولي جاريدو زمام العارضة الفنية للنسر الاخضر سواء في منافسات الكأس الفضية التي توجت مسار الفريق باللقب الثامن بعد خمس سنوات عجاف،أو في مسار البطولة الوطنية،إلا أن ربان سفينة الرجاء عليه أن يعلم أن المدرب الناجح هو من يضبط أعصابه في أوقات الشدة كما في لحظات الرخاء،عليه أن يعلم أن المدرب الناجح هو يستمع للنقد الحقيقي والعملي الحاد،ويتقبل الرأي السلبي والإيجابي على حد السواء ولا يشعر باستياء منه ولا يطلب مقاطعته أومنعه،لأنه في الأخير يعرف أن لاأحد يستطيع تكميم الأفواه والأقلام. على جاريدو أن يتعلم كيف يحترم الصحافة ويتعود على النقد ،ويطّلع جيدا أن من حق الصحافي – كما له الحق في حرية التعبير- الوصول إلى المعلومة ،والصحافة في الأخير أداة لتطوير وإثراء النقاش العمومي في عديد من القضايا ومن ضمنها القضية الرياضية،على جاريدو أن يتجرّد من ثوب النرجسية ويعتذر من الموظف الذي اعتدى عليه وهو يمارس مهامه وعليه أن يخلع رداء الأنانية ليعتذر من الصحفيين الذين أهانهم،حتى ينال مزيدا من المحبة التي مازال يحظى بها،ويستعيد شيئا من الإحترام الذي مازلنا نُكنّه له كمدرب للرجاء. وفي انتطار ردكم تقبلوا منا أيها المدرب فائق التقدير والإحترام.