اختتم مؤتمر مقاومة التطبيع في الخليج العربي أعماله مساء (الجمعة 17 نوفمبر 2017) بالتأكيد على ضرورة توحيد الجهود الشعبية للتصدي لعملية التطبيع المتزايدة بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني بما فيها أنظمة دول مجلس التعاون الخليجي. وأوصى المؤتمر الذي انطلقت أعماله في دولة الكويت وشارك فيه ممثلون عن حركات المقاطعة ومقاومة التطبيع في دول الخليج العربي وعشرات الناشطين بإطلاق حملة موحدة في دول الخليج ضد شركة جي فور اس (G4S) لتورطها مع الاحتلال الصهيوني وانتهاكاته في القدسالمحتلة من خلال المشاركة في إدارة وتدريب أكاديمية الشرطة، كما كان للشركة دور في نقل وتركيب البوابات الإلكترونية أمام بوابات المسجد الأقصى في شهر يوليو/تموز من العام الحالي أثناء الأحداث الأخيرة في القدس. ودعا المؤتمر إلى تطوير القوانين والأنظمة المحلية لإقصاء الشركات الأجنبية المتورطة في جرائم الاحتلال، مثل جي فور اس (G4S) وايتش بي (HP) وآلستوم (Alstom) وهيونداي (Hyundai) وغيرها، من المناقصات والعقود العامة وأن تتولى المجالس التشريعية في المنطقة مسؤولية صياغة قوانين لمناهضة للتطبيع وتفعيلها. وشدد المشاركون على سحب الاستثمارات الخليجية، لاسيما استثمارات الصناديق السيادية، من الشركات العالمية التي تعمل في الاراضي المحتلة، مطالبين بتعميم لائحة بأسماء الشركات المستمرة في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني على مؤسسات الدولة والمؤسسات الاستثمارية، ليتم استبعادها من المناقصات العامة. وكان قد تخلل أعمال المؤتمر ورشتي عمل هدفت إلى وضع استراتيجية وآليات عمل عملية وفعالة لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج العربي، لاسيما على المستوى الثقافي والرياضي والأكاديمي. وناقش المؤتمرون في عشرة أوراق عمل توزعت على ثلاث جلسات ومحاور، أشكال التطبيع ومعايير مناهضته ومخاطره، وتجارب المقاطعة الشعبية في الخليج، واستراتيجيات المقاطعة ومدى تأثيرها. كما تخللت أعمال المؤتمر ورشتي عمل نوقشت فيها استراتيجيات عمل حركات (BDS) في الخليج العربي للفترة المقبلة. وفي كلمة اللجنة المنظمة الافتتاحية للمؤتمر، أكد الدكتور سعد عكاشة على ضرورة "إبراز الصوت الشعبي في الخليج الرافض للتطبيع، وتكثيف حملات المقاطعة كأحد أدوات مقاومة الاستعمار الصهيوني ودعم نضال الشعب الفلسطيني". ولفت إلى أن "تركيز الكيان الصهيوني على محاولات تطبيع العلاقات مع بعض دول الخليج العربية مستغلة الظروف الإقليمية المحتقنة قد دعا الحاجة إلى عقد هذا المؤتمر"، مشيراً "لقد أصبح من الواضح أن الحركة الصهيونية العالمية كرست جهودها على محاربة حركات مقاطعة النظام الصهيوني وفرض العقوبات، خاصة حركة (BDS)، لنجاحها المطرد في كشف الممارسات العنصرية وامتدادها العالمي". وشدد على "ضرورة إبراز الصوت الشعبي في الخليج الرافض للتطبيع، وتكثيف حملات المقاطعة كأحد أدوات مقاومة الاستعمار الصهيوني ودعم نضال الشعب الفلسطيني"، لافتاً إلى أن "أهداف المؤتمر تتلخص في تقوية الصوت الشعبي الرافض لمحاولات التطبيع والتصدي لها عن طريق حملات المقاطعة المنهجية والفعالة". من جهته، اعتبر عمر البرغوثي، أحد مؤسسي حركة (BDS) أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يشكل "خطراً على قضية فلسطين، قضية العرب المركزية وحسب، بل على كل شعوب المنطقة التي يشكل المشروع الصهيوني الاستعماري والعنصري نقيضاً لها ولاستقرارها ورخائها". وقال البرغوثي في كلمة مسجلة القاها باسم اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة "رغم أن الغالبية العظمى لشعوب المنطقة مناهضة للتطبيع بالفطرة وتتبنى المقاطعة كأسلوب حياة إلا أنه بات ملحاً اليوم وأكثر أي وقت مضى ترجمة هذا الدعم الشعبي إلى حملات عملية ومستدامة ومؤثرة تناهض التطبيع بحزم وتقاطع الشركات المتورطة في الجرائم الإسرائيلية". وأضاف أن الكيان الصهيوني يعتبر التطبيع من أهم أسلحته لفك عزلته المتصاعدة بسبب المقاطعة، وهو يحاول من خلال استقبال الوفود الرسمية والرياضية والتجارية الصهيونية في بعض دول المنطقة إلى اعتباره، أي الكيان، ليس العدو الأول للشعوب العربية. واستعرض البرغوثي في نهاية كلمته النجاحات التي حققتها حركة (BDS) في الدول العربية خلال السنوات القليلة الماضية، وقال "إن كل هذه التحركات والنجاحات الشعبية تعزز من صمود شعبنا وتعطينا بريقا من الأمل للاستمرار في نضالنا". وانطلقت الجلسة الأولى للمؤتمر بورقة الدكتورة دانة الكرد عن مخاطر التطبيع مع الكيان الصهيوني وأدوات النضال ضد منظومة الاستعمار والاحتلال، فيما سلطت الناشطة غادة عبدالرحمن الضوء على تطورات الخطاب التطبيعي في منطقة الخليج العربي، بينما ركزت المحامية هديل كمال الدين على الجانب القانوني لمقاومة التطبيع والتراجعات التي تتم في هذا الإطار نتيجة للضغوطات التي تمارسها بعد الدول الداعمة للكيان الصهيوني على دول المنطقة. وفي الجلسة الثانية التي عقدت تحت عنوان "تجارب المقاطعة الشعبية في الخليج، تاريخا وحديثا" استعرض الدكتور طلال الرشود الجذور التاريخية لمقاطعة إسرائيل في الكويت في الفترة الزمنية من 1936 لغاية 1964، في حين تحدث كل من مريم الهاجري وهاني الخراز عن تجربة الحراك الأهلي في قطر لنصرة القضية الفلسطينية. وحول التجربة البحرينية، قدم أحمد عبد الأمير قراءة في تجربة الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، تلتها ورقة حول نجاحات حملة المقاطعة في الكويت قدمها مشاري الإبراهيم. وفي الجلسة الأخيرة للمؤتمر، تحدثت إسراء المفتاح عن حملة المقاطعة والشركات المتواطئة في جرائم الاحتلال الصهيوني، بعدها استعرض الدكتور عبدالله العودة الحراك الطلابي في الولاياتالمتحدة المساند للقضية الفلسطينية والنجاحات التي حققها الطلاب في فضح ممارسات الكيان الصهيوني ومساهمته في إيجاد نظرة أخرى للقضية الفلسطينية تختلف عن الرواية الصهيونية في الاوساط الامريكية. واختتم المؤتمر جلساته بورقة نقابية قدمها خليل بوهزاع حول انتهاكات حقوق العمل الفلسطينيين والتضامن النقابي العمالي معهم، داعياً إلى استثمار المعايير الدولية التي صادقت عليها حكومة الكيان لفضحها في المحافل الدولية وحشد الدعم من المنظمات النقابية لحملات المقاطعة. يذكر أن مؤتمر مقاومة التطبيع في الخليج العربي، والذي تنظمه حركة مقاطعة إسرائيل في الخليج، والتي تضم تحت مظلتها مؤسسات ولجان مقاطعة ومقاومة التطبيع في دول الخليج العربي، سعت من خلال تنظيم المؤتمر إلى تعزيز وتكثيف حملات المقاطعة بشكل فعال وممنهج، بالإضافة إلى توعية شباب المنطقة بالنضال العربي الفلسطيني المشترك وأهمية المقاطعة وكيفية المساهمة فيها، وإبراز مخاطر التطبيع.