إن الحديث عن التيارات الاشتراكية بمختلف امتداداتها كمرجعية تنبني عليها المواقف وتؤسس من خلالها النظريات التي يشتغل عليها البعض ولا سيما في الحقل السياسي و الممارسة السياسية بأواسط الدول الإسلامية عامة و العربية خاصةهذا الحديث الذي أعتبرهضرورة لا بد منها فهو يحيلنا إلى فهم التناقض الكبير بين من يتخذ الاشتراكية سندا له و الدين الإسلامي كممارسة في الحياة اليومية العادية . قد يزعم بعض اليساريون المسلمون أو بالأحرى غالبيتهم أن الماركسية لا تعادي الدين فهؤلاء يعتبرون أن النظرية الماركسية ماهي إلا منهج لتحليل ومتابعة الأحداث والمتغيرات الحاصلة بالعالم ولا تمس الإسلام في شيء . لكن الكثير من التفاصيل المبهمة التي تحوم حول الماركسية تجعلنا نتخذ موقف رفض و قطيعة مع هذا التيار و لعل أبرزها ما يلي : المنهج الشيوعي في عمقهيرفض الدين والإيمان بالغيبيات والتصديقبمشيئة خارجة عن الكون الماديويرفض كل فكرة تقوم على وجود قوة الهية غير مرئية,فعلى سبيل المثال نذكر ما قام به ستالين وأتباعه حينما قاموا بالثورة على الكنائس و وانتفضوا على رجال الدين, فهذا التيار يرى في الدين مصدرا للرجعية وتكريس الظلم و الاضطهاد ولا شيء غير ذلك . الأمر الاخر هو أن غالبية مؤسسي التيار الاشتراكي و الذين عملوا على تطوير النظريات الشيوعية عبر الزمن وعلى رأسهم مؤسس فلسفة المادية الجدلية و المادية التاريخية الفيلسوف كارل ماركس وغيره من الشيوعيين لا يمتون للإسلام بصلة وهم أقرب ما يكون إلى الإلحاد فكيف نتخذهم مثالا يحتذى به ولا سيما أن التاريخ الدموي للشيوعية لا يشفع أن نتخذ هؤلاء مثال أو قدوة فتاريخ جرائم الشيوعيين الروس ضد المسلمين إبان نظام الاتحاد السوفياتي خير مثال. نحن في حاجة لمن فهم تعاليم الدين فهما صحيحا وأقام به على الحق قولا وعملا {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } سورة الأنعام. من جهة أخرى فالنظرية الشيوعية ما هي إلا وسيلة لخلق الصراع بين طبقات المجتمع وشرائحه فهي نظرية تنبني في عمقها أساسا على ضرورةإمتلاك الطبقة البروليتاريا (أي الطبقة العاملة ) لوسائل الإنتاج والسعي إلى اضمحلال الدولة و إلغائها , دونالإغفال عن ضرورة سحق الطبقات البورجوازية, نظرية لا تؤمن بالبث المطلق بالسلطة و إنما إن دعت الضرورة فالعنف و القمع قد تستخدم كأساليب لفرض الاشتراكية كنظام قائموأدعوكم مرة أخرى لقراءة التاريخ, كيف أن زعماء البروليتاريا انتزعوا الممتلكات و سحقوا الطبقات...الخ و الأمر الذي يعادي الإسلام جملة و تفصيلا ,فالإسلام يدعو للتكافل و التضامن بين أطياف المجتمع لا إلى خلق النزاعات فيما بينهم و الزكاة من بين أنجح الوسائل التي عملت على تقوية الاواصر...و التفصيل في الامر كثير . لنعد قليلا لواقعنا الحالي لاحظوا معي زعماء التنظيمات و الهيئات التي تتخذ من الاشتراكية غطاءا لها ستجدون أن أغلب هؤلاء الزعماء المسلمين على حد قولهملهم مشاريع خاصة ويستثمرون بالقطاعات الخاصة بمعنى أن لهم ملكيات فردية على عكس المرجعية التي يتبججون بها و التي تقوم أساسا على الملكية الجماعية ولا عذر لهؤلاء سوى أن شعارات الاشتراكية ما هي الا فتات يسكتون به قواعدهم و التناقض يشوب ممارستهم. الحديث عن الماركسية و الإسلام يحتاج لأبحاث و دراسات أكثر تعميقا ولعل ما ذكرته لا يغدوا أن يكون لمحة قصيرة. وما يمكن أن نخلص إليه هو أن الرجوع لمبادئ الإسلام أمر لا مفر منه لمن يريد أن يخدم أمته كما يجب أما النظريات الغربية ما هي إلا وسائل لتوسيع الهوة بين شرائح المجتمع كما قال الدكتور مصطفى محمود في كتابه "أكذوبة اليسار الاسلامي " لا تعلموا شبابنا الأباطيل ,بمعنى لا تلقنوهم نظريات منافية لمبادئ الإسلام كي لا نخرج جيلا يشعر بالغربة من عقيدته و يجد في النظريات الغربية كنفا له.