مراكش: حجز 6934 قرصًا مخدرًا وتوقيف شبكة إجرامية تضم صيدليًا    الحكومة تنقل مدير أكاديمية التعليم بجهة الشرق إلى الدارالبيضاء    مجلس جماعة تزطوطين يرصد أزيد من 270 مليون سنتيم لتزفيت الطرق خلال دورة فبراير    إسرائيل تدعو لتسهيل مغادرة سكان غزة وحماس تطالب بقمة عربية عاجلة    رئيس النيابة العامة يتباحث مع رئيس ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية    التهراوي يكشف الخطة المعتمدة للحد من انتشار "بوحمرون"    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية    فوزي لقجع يتفقد ورش تأهيل مركب محمد الخامس ويعلن موعد إعادة فتحه (صور وفيديو)    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    بايتاس يكشف الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بشأن لقاح التهاب السحايا    الحكومة: نسبة الإضراب في الخاص 1.4% والقطاع العمومي 32 بالمائة    تقرير يدق ناقوس الخطر إزاء الوضعية الحرجة للأمن المائي والغذائي والطاقي بالمغرب ويدعو لتوحيد الجهود    مقاولات: مناخ الأعمال "غير ملائم"    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب وسط استمرار المخاوف من حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة    الأرصاد الجوية تكشف استقرار الأجواء وتترقب تساقطات محدودة بالشمال    تخفيضات تصل إلى 5%.. تفاصيل امتيازات "جواز الشباب" في السكن    خبراء إسرائيليون يزورون المغرب للإشراف على وحدة تصنيع طائرات بدون طيار    شركة الطيران تطلق خطين جويين جديدين نحو المغرب الاقتصاد والمال    عرض الفيلم المغربي "طاكسي بيض 2" في لييج    مجلس المستشارين يعقد جلسة عامة لمناقشة عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    وزير الداخلية الإسباني يكشف مستجدات فتح الجمارك في سبتة ومليلية    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    افتتاح معرض اليوتيس 2025 بأكادير    رونالدو يطفئ شمعته الأربعين..ماذا عن فكرة الاعتزال؟    اخشيشين يؤكد دور الدبلوماسية البرلمانية في توطيد التعاون بين الدول الإفريقية المنتمية للفضاء الأطلسي    بدر هاي يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل اعتقاله    السلطات تمنع جماهير اتحاد طنجة من التنقل إلى القنيطرة لدواعٍ أمنية    البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل    إشاعة إلغاء عيد الأضحى تخفض أسعار الأغنام    "جواز الشباب" يخدم شراء السكن    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    برامج رمضان على "الأولى": عرض استثنائي وإنتاجات درامية وكوميدية بحلة جديدة    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    تفاصيل المصادقة على اتفاقية لتهيئة حديقة عين السبع    كيوسك الخميس | إسبانيا تمنح تصاريح إقامة لأزيد من 11.500 عاملة مغربية    الاتحاد الأوروبي: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية"    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    القوات الإسرائيلية تخرب 226 موقعا أثريا في قطاع غزة    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أحداد: والدي حارس عين ماء بالحسيمة والصحافة كانت اختيارا
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 06 - 2017

نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون "في عمق" المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان.
التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح.
ضيف الحلقة الثامنة مع ابن مدينة الحسيمة، محمد أحداد الصحفي بيومية "المساء".
ما الذي تتذكره عن طفولتك؟
قذفت بي والدتي إلى الحياة يوم 7 ماي 1989. أمضيت جزء كبيرا من طفولتي في حي سيدي منصور بمدينة الحسيمة. كانت المدينة المتوسطية تعيش في الهامش المنسي جدا بسبب حسابات السياسة والتاريخ وقسوة الجغرافيا، وكنت أنا أتلمس الخطوات الأولى مع أقراني.
لا أنسى إطلاقا كيف أن الصدمة الأولى مع المدرسة كانت في السنة الأولى من التعليم الابتدائي: الأستاذة تتحدث بلغة لا نفهمها، وكنا ننطق أسماء الأشياء بطريقة مضحكة جدا. استمرت الصدمة لسنتين متتاليتين، غير أن تجربة الطفولة ترتبط عندي دائما ب"سوق ياشان" وهي سوق معروفة بالحسيمة.
السوق لم تساعدني فقط على شراء مستلزمات الدراسة، بل هناك فهمت- حتى وإن كان الفهم بسيطا وقتذاك- العلائق الاجتماعية وأمزجة الناس، وفهمت بعمق أيضا ما معنى البقاء للأقوى في هذا "المختبر" الاجتماعي الصغير. لا أنكر أن هذه التجربة رافقتني طويلا، حتى إني صرت أفسر بها سلوكات الناس وتعاملاتهم.
وهنا أتذكر كيف أني كنت أرافق والدي الصباغ إلى ميناء الحسيمة- الآن يشتغل حارس عين ماء مشهورة-، وكنت أرى عن كثب قسوة الحياة في عيون البحارة وفي عيون "خياطي الشبكة"..في هذا الجو قضيت طفولتي بيد أن الدراسة كانت بصيص أمل لتغيير الظروف .. هكذا فهمت الأمور على الأقل يومها.
كيف جاء التحاقك بالصحافة؟
أنا لا أدين للصدفة في أنني صرت صحافيا، وكل زملائي الذين درسوا معي يعرفون ذلك. ففي المرحلة الإعدادية كنت معروفا بين أقراني بتقليد معلقي المباريات ومذيعي قنوات الأخبار. ما كان محاكاة في مرحلة الإعدادي بدأ ينمو شيئا فشيئا في مرحلة الثانوي، حيث وجدت أساتذة ساهموا بقسط كبير في صناعة محمد أحداد على ما هو اليوم، منهم سعيد الغزواني أستاذ الفلسفة، الذي كان رئيس تحرير جريدة محلية. نشرت محاولاتي الأولى، ولا يمكن أن أقبض اليوم على ذلك الشعور وأنت ترى اسمك جنبا إلى جنب مع أساتذة كبار بالمدينة.
إنها لحظة أخرى مفصلية في عمري القصير، إذ بدأت أولي اهتماما بالجرائد وأقرأ مواضيع ذات صلة بالإعلام. بعد صدمة اللغة، اختبرت صدمة جديدة فبعد تفوقي في البكالوريا وحصلت على أول معدل جهوي في شعبة العلوم الإنسانية، اكتشفت أن الملف الذي بعثته إلى معهد الصحافة بالرباط كان ناقصا ولم أجد اسمي ضمن الأسماء المرشحة لاجتياز المباراة.
اضطررت أن أسجل نفسي في كلية الحقوق بوجدة، ودرست بها سنة واحدة قبل أن أعود لاجتياز مباراة المعهد العالي للإعلام والاتصال بنجاح. ربما أنا محظوظ جدا لأن مؤسسة من حجم جريدة "المساء" احتضنتني ابتداء من السنة الثانية، إذ صرت صحافيا متعاونا- مع كثير من المزاح أصبحت طالبا برجوازيا-، وأنا ما أزال أشتغل فيها إلى حدود اليوم وفي نفس الوقت أتابع دراستي في ماستر التواصل السياسي.
ألا تشعر بالندم أنك لم تختر طريقا آخر غير الصحافة؟
من اختار هذه المهنة عليه أن يعي جيدا أنه سيضحي بالكثير من وقته وجهده وصحته ومن حياته الشخصية كذلك. ومع ذلك، فإني أجد بعض المساحات للقراءة، وأعتقد أني لازلت أمارس هذا الطقس بذات النفس مع ميل شديد إلى الرواية.
القراءة هي رأسمال حقيقي في هذه المهنة، فأمام سعار الأحداث اليومية التي لا تنتهي وأمام ماكينة الأخبار تضيع ملكة التحليل وقراءة الأحداث بشكل استباقي، وأنا لست متفقا مع من يقول إن مهنة الصحافة هي نقل الخبر. لا أبدا، إنه كائن، بالاستناد إلى كمية المعطيات التي يتوفر عليها- لا ينشر جزء منها- يمتلك زاوية نظر ليست متاحة للجميع، وهذه الزاوية تعضدها القراءة. وهنا أريد التأكيد أن الصحافة بالنسبة لي مجال ينتمي إلى حقل العلوم الإنسانية حيث تمتزج الذات والموضوع.
هل أنت كاتب أم صحافي؟
أنا لم أدع يوما أني كاتب، أنا صحافي في نهاية المطاف. قد يصفني البعض بأني كاتب، لأني ألجأ على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحديث عن الأدب لكن الكتابة مجال آخر قد يتقاطع مع الصحافة في أشياء كثيرة لكنها تختلف عنها أيضا..
ألا تظن أن دور الصحفي ليس هو دور السياسي؟
كتبت يوما محاولا إقامة التمايز بين الصحافي والسياسي وأعتقد أن ما كتبته ما يزال صالحا.. الصحافي لم يولد يوما ليكون مناضلا في حزب مناهض للدولة أو في تجمع سياسي مؤيد لها، وليس من وظائفه بتاتا ممارسة المعارضة السياسية أو التأييد الأعمى..
الصحافي ليس رمزا حزبيا، أو زعيما سياسيا أو قائدا نقابيا أو ثائرا يريد قلب النظام بأجندة سياسية، أو يؤبد سلطة بمسوغات ثقافية أو دينية.
الصحافي ليس مهمته أن يكون بوقا للدولة أو "حاكي الصدى"، أو أن يتخندق ضمن فصيل سياسي أو طائف معين، لكن هذا لا يعني إطلاقا أن يكون مؤمنا بهاته التنظيمات ومدافعا عن رؤيتها ولا ينفي عنه صفة المنخرط في قضايا المجتمع المصيرية..
الصحافي ليس موظفا تكنوقراطيا، يسير بنظام معلوماتي: يحفظ القواعد، ويكررها كل صباح، ويحرر الأخبار في قالب جاهز لا يتغير، وليس موظفا يخيط السراويل أو يُعلب الأسماك في معمل يفتح في الثامنة صباحا ويغلق في السادسة مساء..
الصحافي كائن، يتوفر على حرفة، لكنها حرفة صعبة، لأنها سلطة، والسلطة تخضع للتأويل وللتعسف أيضا، وهو إلى ذلك ينتج تراكما معرفيا، وليس غريبا أن يصفه الكتاب بأنه عدو للمؤرخ لأنه ملتقط اللحظة، ومنافس للمفكر لأنه يخوض في قضايا تؤرقه – وإن كان عبد الله العروي يقول إن الصحافي يبحث عن الأجوبة السريعة-.
ماذا تمثل لك هذه الكلمات؟ الحرية / الوطن / الحب
الحرية: أسمى ما يناضل عليه المرء في الحياة
الوطن: الشيء الوحيد الذي نحبه في الربح والخسارة
الحب: مرادف للتعايش والسلام
ما رأيك في هؤلاء: العروي / محمد بن عبد الكريم الخطابي / ميلان كونديرا
العروي: مفكر كبير أثر في طبيعة قراءاتي، وأرى أن تأملاته في ديوان السياسة والسنة والإصلاح كان من أعمق ما كتب.
محمد بن عبد الكريم الخطابي: الخطابي ليس مجرد اسم، إنه رمز وفكرة تضوع بين الأطفال والشيوخ والنساء، الخطابي جزء موغل من ذاكرتنا الجماعية، ولا أحب من يقرنه فقط بالحرب والسلاح: إنه فقيه ومفكر ومربي وداهية في السياسة والتفاوض..
ميلان كونديرا: فتح لي آفاقا شاسعة لأفهم تيمات البغض والكراهية والحقد والشر، وفتح لي آفاقا كذلك لأعرف الجزء البشع من دكتاتورية الحكم الاشتراكي.. روائي كبير يعد بالنسبة إلى جانب جيمس جويس وساراماغو وماركيز من عظماء البشرية الكبار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.