في جو الانتقال السياسي المستمر الذي تعيشه بلادنا والذي يطرح حوله أسئلة كثيرة بالخصوص زمن التعثرات وعند بروز بوادر النكوص، تظل النخبة السياسية فاعلا حاسما في سيرورته، بين نخبة تعانق منطق التاريخ وتنزاح لجبهة الاصلاح والتحديث السياسي وبين تجمع نخبوي للمصالح، مندمج ومتحالف مع الفساد والاستبداد يبيع الانتقال الديمقراطي بعرض من الدنيا زائل. في الصنف الثاني من ممارسي السياسة، وفي عين الشق بالدار البيضاء بالتحديد ابتلي الشأن العام بشخصيات أقرب الى الملاك الكبار في النظام الفيودالي منها الى النخبة السياسية المثقفة، البرجوازية العصرية التي تدبر "المدينة" بمنطق حديث بغض النظر عن إديولوجيتها، يجمعها بالإقطاع القديم تملك الأرض وتابعه في الهامش الاجتماعي الإنسان أو حيازة بنك من العقارات والنفوذ، المال والتنشئة الاجتماعية وصورة حديثة منمقة لعمق تقليداني يجد نفسه وضالته داخل أحزاب إدارية صنعت لأداور وظيفية معروفة. تقترح هذه القوى التقليدية نفسها أعيانا سياسية قادرة على الاسهام في الضبط الاجتماعي والسياسي حتى لأنها تنافس الادارة الترابية في مهمتها الأصلية فتدعي أن لها نفوذ عند أحزمة الهوامش، تأمر وتنهي فتطاع، وفي الحقيقة فإن لها شيئا من ذلك، بل ساهمت في تشكل هذا الهامش على حزام عين الشق، ألم تتورط مباشرة في تفريخ السكن العشوائي كما يشير الى ذلك الكثير من المتتبعين؟ ألا تلعب دور المؤسسة الاجتماعية في كل فرح وحزن؟ ألا ترعى مؤسسات مدنية بأموالها الكثيرة التي لا يعرف من "أين لك هذا"!! إستراتيجية هذه القوة القرب الاجتماعي الانتخابوي، من محطات بيع الوقود، دار ندوتهم ورأس ما وصلت إليه حداثتهم، حتى من الفيلا الجميلة، ترعى بيادقها في كل دوار، قريبة دائما وخاصة عند قرب الانتخابات، إنها وبكل خسة تستغل الفقر وتنظر للدوار كخزان أصوات ينفع للصعود على رأس المدينة مدفوعا من الهامش، لا يهمها بعد ذلك إلا حماية العقار والرصيد الرمزي المزيف، أليست السياسة في هذه البلاد تصلح لمثل هذا؟ المحزن في القصة أن السلطات المحلية تقف عاجزة عن فرملة هذا النموذج، ليس من باب الانتصار لدورها التحكمي ولكن إعمالا للقانون، إن تواطئها مع هذه النماذج يساعد على توسيع الهوامش ويضرب في العمق مقومات عهد جديد قال إنه "تواق لنموذج حداثي"، السلطة بحيادها السلبي تساعد على نمو نموذج سيتعبها فيما بعد، لا ضير فهو يسهم حاليا في فرملة أو على الأقل يقتسم الساحة مع قوى إصلاحية لم ينفع معها الضبط والتحكم. عين الشق ستدفع هذه القوى للإنقراض لا محالة، لقد أتعبت المنطقة ولم تدافع في مواقعها عنها كما تستحق، كل المؤشرات تشير إلى ارتفاع الوعي السياسي حتى في الهوامش الاجتماعية، عين الشق تستحق كفاءات وشباب لتدبير المرحلة بمنطق عقلاني حديث وبالتزام سياسي أخلاقي، شرط كل ممارسة سياسية خلاقة.