بعد أن قضوا أزيد من 20 عاما في زنازين جبهة "البوليساريو" الانفصالية في تندوف على الأراضي الجزائرية، خرج أسرى حرب مغاربة ليرووا مشاهد مروعة عاشوها أثناء سنوات الاحتجاز، بين تعذيب وقتل من طرف عناصر الجبهة، وذلك في فيلم وثائقي تحت عنوان "معجزات قسم"، ضمن المهرجان الوطني للفيلم 18 المقام حاليا بمدينة طنجة. الأسرى المغاربة المفرج عنهم كشفوا طيلة 100 دقيقة من عمر الفيلم، مشاهد تعذيبهم لأزيد من 20 سنة، بعد أن وقعوا أسرى لدى "البوليساريو"، وذلك عبر شهادات حية ومشاهد تمثيلية تحاكي ما وقع لهم في صحراء قاحلة تصل درجة حرارتها إلى الخمسين. الفيلم الوثائقي روى مشاهد تعذيب بشعة تعرض لها الأسرى المغاربة، وجلهم ضباط وطيارون وجنود، خلفت في صفوفهم عاهات مستديمة وجراح نفسية، فضلا عن الأسرى الذين قُتلوا تحت التعذيب. مخرجة الفيلم لبنى اليونسي، أوضحت في تصريح لجريدة "العمق"، أن فكرة الفيلم استقتها من مقال "الوقت الميت" الذي كتبه الضابط المغربي علي نجاب، الذي قضى 25 سنة أسيار لدى الجبهة، لتقرر تصوير الفيلم بالتنسيق مع الأسير المذكور بعد الاتصال بأسرى آخرين في مختلف المدن المغربية. وأشارت إلى أن هذا الفيلم "يحمل رسالة القضية الوطنية الأولى، من خلال إبراز قصة أزيد من 2000 شخص تعرضوا لمختلف أشكال التعذيب في مخيمات تندوف"، لافتة إلى أنها تهدف إلى إلى إثارة انتباه المنظمات الدولية لإدانة هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، وإطلاع الجمهور على حقائق قاسية مدعومة بأدلة دامغة للضحايا وعائلات المفقودين، وفق تعبيرها. وأضافت المتحدثة، أن الفيلم تأخر في عرضه عدة سنوات نظرا لأن الأفلام الوثائقية لم تكن تشارك في المهرجان الوطني للفيلم سابقا، كما أن الفيلم كان سيعرض على القناة الثانية لكنه لم يمر، حسب قولها. الأسير المغربي السابق، الضابط علي نجاب، أوضح أنه عاش رحلة تعذيب دامت 25 عاما، قائلا: "رأيت الموت يعانق رفاقي في الأسر، وتلقيت جميع أنواع سوء المعاملة، لقد عشنا هذه المأساة ونحن الآن على قيد الحياة بإرادة الله بكل بساطة". واعتبر أن الهدف من هذا الفيلم هو "القيام بواجب الذاكرة تجاه جميع الجنود الذين ضحوا بحياتهم لاسترجاع الصحراء المغربية"، مشددا على أن "الوقت حان لتكريم ضحايا الواجب الوطني الذين عانوا كثيرا وعانت معهم أسرهم وزوجاتهم، ولاسيما نساء المحتجزين اللواتي عانين الأمرين من أجل تربية الأبناء"، حسب قوله. ويتنافس فيلم "معجزات قسم" على جوائز المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، المستمر إلى غاية 11 مارس الجاري، حيث يشارك 15 فيلما في مسابقة الأفلام الطويلة، و15 فيلما في مسابقة الأفلام القصيرة.