ونحن في شهر رمضان المعظم، الذي أنزل فيه القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي لم يبق من أيامه إلا القليل، إلا أن به ليلة من أعظم ليالي السنة، ليلة من أدركها وصام نهارها وقام ليلها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ليلة القدر أفضل ليالي السنة، لقوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر)، أي العمل فيها من الصلاة والتلاوة والذكر، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر). وسميت بليلة القدر، لعظم قدرها وشرفها. ويستحب طلبها في الوتر، من العشر الأواخر من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر. وأخرج الشيخان، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) أخرجه البخاري ومسلم. قال العلماء، إن الحكمة في إخفاء ليلة القدر، ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لأقتصر عليها. وروى ابن ماج, والترميذي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني). محمد الساخي