بضع أيام تفصل المغاربة على نشاط تصرف فيه الملايير ويستفاد منه الملايين، هدفه هو إدخال التوازن إلى البلاد من خلال ما يقدمه من فن راقي وتعريف جيد بالمغرب، ويأتي هذه السنة في ظل الإمتحانات العلمية للتلاميذ وللطلبة، وكذا قبيل الشهر العظيم شهر رمضان، فهل حقا سنعيش أجواء التوازن بين الروح والعقل والغريزة؟ أم سنكون أمام نشاط كعادته يمر ويرجع الناس إلى أصلهم القيمي؟ وتعود حليمة إلى عادتها القديمة؟ لا شك أن موازين سحر مجموعة من الناس، حيث تجد مجموعة من المنتقدين له يتابعونه، فهل من باب القيام بدورهم كناقدوا للفن، أم البحث على التوازن. فالمجتمع اليوم غير متوازن، هل لقلة موازين؟ أم لفراغ روحي؟ أو هما معا؟ هذه الأسئلة وغيرها تحتاج منا الجرأة التامة لكي نجيب عليها ونعالجها بدقة. فموازين اليوم أصبح من الثوابت الوطنية، لا يُقبل أن يتحدث عنه عامة الناس، وخاصة العلماء والفقهاء، ولهذا نجد مجموعة من الفقهاء توقفوا عن عملهم لأنهم قالوا رأيهم في هذا المهرجان، حيث صار مختلف عليه فقهيا، كما جاء على لسان الوزير الوصي على الشأن الديني في البرلمان، حينما كان يجيب على أسئلة ممثلي الشعب، قائلا، لا يجوز لفقيه أن يتحدث فيما اختلف فيه الفقهاء، أو عدم وجود إجماع مجتمعي، وأعطى نموذج بموازين، حيث قال أن هناك خلاف بين الفقهاء والمجتمع بشأن المهرجان، فبالتالي ممنوع منعا كليا الحديث على الحدث بأنه مشجع للفساد والخراب، ومن تحدث في ذلك لا ينتظر سوى التوقيف أو المتابعة. فانتقاذي لموازين ليس من باب الشرع فقط، فلا يمكن أن أكون كالوزير، أحرم حلالا، وأحلل حراما، وأقول بأن موازين عليه اختلاف فقهي بين الفقهاء والعلماء، أكيد لو سألنا حتى متتبعيه سيكون جوابهم عكس جواب الوزير، لكن انتقاذي يأتي من باب فرضه على القنوات العمومية التي تشتغل بضرائب المجتمع، وكذلك التوقيت الذي يأتي فيه، إضافة إلى الملايير التي تصرف فيه بغض النظر عن مصدر التمويل، فإذا كان التمويل من جمعية أجنبية؟ فما الغرض من المسخ، وإذا كان من جمعية وطنية؟ فلماذا لا تصرف هاته الأموال في تشغيل الشباب العاطلين عن العمل؟ أو مساعدة الفقراء والمحتاجين؟ أما إذا كان التمويل من الدولة فكارثة كبيرة، وتكون أكبر من ذلك حينما تستدل الدولة بعجز في الميزانية، فالمهرجان المذكور لم يحترم العلم، فيأتي دائما في الوقت الذي يكون فيه التلاميذ والطلبة في خضم الامتحانات، فبدل أن نعمل بتشجيع الناشئة على الجد والاجتهاد، نقول لهم بأن الشطيح والرديح هو البديل، فارقص خمس دقائق تربح الملايين، أما إذا استمرت في التعليم فسترقُص طول حياتك ولا تربح ولو خمُس الراقصة الحقيقية والراقص الأصلي، فلا وجود للعلم اليوم، فاليوم زمان العري وإخراج البطون والكُروش، أما زمن استعمال العقل فقد ولى؛ وهذه السنة سيأتي قبيل شهر رمضان المعظم عند كل المغاربة، فمن ينظم هذا الفجور إذا كان المغاربة يحترمون رمضان؟ أم أننا في المغرب شعبين مش شعب واحد، شعب رمضان، وشعب شعبان. فتسمية هذا المهرجان بمهرجان موازين، لم يأتي من فراغ، وإنما كان المسؤول يطمح في توازن المجتمع، بعدما رأى أن المغاربة مختلين عقليا وناقصين روحيا، فلابد أن نعمل في إرساء الأمن والاستقرار بمهرجان يكون فيه كل المغاربة ناشطين ورافعين شعار″ العام زين يا موازين̏، وبالتالي الإسم أتى بمدارسة، لكن، هل حقا وازن موازين الميزان؟ أم أنه أظهر حقيقة المجتمع؟ أكيد أن الميزان لا زال لم يستَقر، فهناك من ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وهناك من مات، ولم يعرف لون الذهب، فموازين أظهر الطبقات الحقيقية للمجتمع، فكل سنة يزداد معارضيه ويزداد مواليه، هذا التناقض المجتمعي لا يمكن لمهرجان الفحش أن يوازن الميزان، بل أظهر أن الميزان لم يوازن، ولهذا ينبغي أن نفكر في آلية نوازن بها الميزان، قبل أن يحترق الميزان كله، ونكون بذلك ندمنا يوم فكرنا في تنظيم هذا المرض؛ لكن للأسف، قلبت الموازين عند البعض، فأصبح موازين هوالذي يوازن، ورمضان يهدد التوازن، فالخير صار شر، والشر صار خير، ولهذا، فنحن أمام مواجن(مجون) وليس موازين.