يقترب حزب العدالة والتنمية أكثر من أي وقت مضى من إعادة سيناريو حزب الاستقلال سنة 2009 حينما قرر ترشيح عباس الفاسي لولاية ثالثة خلال مؤتمره الوطني 15 ، لمصادفة ولايته توليه منصب الوزير الأول ، فإعلان حزب العدالة والتنمية عن التحضير لمؤتمر استثنائي في يونيو أو يوليوز المقبل يجعلنا نحسم في النقطة الأساسية التي ستدرج ضمن جدول الأعمال المؤتمر، وهي طبعا تلك المتعلقة بالتمديد للأمين العام الحالي ، عبد الإله ابن كيران على رأس قيادة الحزب لولاية ثالثة ، كخطوة أولى للاستعدادللانتخابات التشريعية المقامة في 7من أكتوبر 2016 . يبدو أن ابن كيران الذي تولى منصب الأمين العام لحزب المصباح، للمرأة الأولى سنة 2008 وتم انتخابه لولاية ثانية سنة 2012، بعد أربعة أشهر فقط من وصول الحزب لترأس الحكومة في نسختها الأولى ، (يبدو ) أنه رجل المرحلة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، وكل قيادات الحزب تعول على شخصه من أجل الدخول في غمار الانتخابات المقبلة، غير أنه لن يكون بوسع الحزب المحافظة على أمينه العام الحالي إلا إذا عدل المادة 16 من نظامه الأساسي، والتي تنص على أنه "لا يمكن لعضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين:الأمين العام ،رئيس المجلس الوطني، الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي، الكاتب المحلي". هذا التعديل الذي لن يكلف الحزب كثيرا، ذلك أن النظام الداخلي له يتضمن في ثنياه إمكانية مراجعته وتعديله إذا تطلب الأمر ذلك، مع منح "السلطة العليا" للمؤتمر الوطني، واعتباره أعلى هيئة تقريرية في الحزب، وهو ما تؤكدهالمادة 23 من النظام الاساسي، والتي تنص على أن "المؤتمر الوطني هو أعلى هيئة تقريرية في الحزب وتتحدد صلاحياته فيما يأتي: المصادقة على البرنامج العام للحزب وتعديله عند الاقتضاء، المصادقة على النظام الأساسي للحزب وتعديله عند الاقتضاء، تحديد توجهات الحزب للمرحلة اللاحقة، تقويم حصيلة أداء الحزب بين دورتين عاديتين للمؤتمر، انتخاب الأمين العام للحزب بالاقتراع السري كل أربع سنوات وفق مسطرة يصادق عليها المجلس الوطني، انتخاب أعضاء المجلس الوطني بالاقتراع السري، وفق مسطرة يصادق عليها المجلس الوطني، اتخاذ قرار الاندماج مع حزب آخر بأغلبية أعضائه". أمام هذا الوضع القائم داخل أروقة حزب العدالة والتنمية من حقنا أن نتساءل عن أسباب اتخاذ الحزب لقرار عقد مؤتمر وطني استثنائي يكون فيه التمديد للأمين العام مرتكزه الاساس ، هل الأمر مرتبط بعدم توفر الحزب على قيادات بديلة قادرة على قيادة الحزب في الفترة المقبلة؟ أم أنهوعلى الأقل في الوقت الحالي لا يوجد شخص داخل الحزب قادر على لعب الدور الذي يلعبه عبد الإله بن كيران؟ هي أسئلة نعتبرها مشروعة لتُطرح، لكننا نستبعد أن يكون عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي للحزب، راجع إلى عدم توفر قيادة بديلة قادرة على أن تقود الحزب في الفترة المقبلة، ذلك أنه من غير المعقول اعتبار عبد الإله بن كيران الرجل الوحيد داخل الحزب وهو الأمر الذي يزكيه هو شخصيا في كل مناسبة تسمح له بالحديث عن وضعية الحزب وإنجازاته، فقد تعودنا أن نسمع بن كيران، يثمن المجهودات التي قام بها أعضاء الحزب خلال انتخابات 2011التي تصدرها بنسبة 27,1 في المئة من المقاعد متفوق بذلك على حزب الاستقلال الذي جاء في المركز الثاني. والأمر القريب إلى الصواب هو أنه لايوجد، حاليا، شخص داخل حزب المصباح يقوم بالدور الذي يلعبه عبد الإله بن كيران سواء في علاقته مع القصر حيث يحظى بثقة كبيرة من لدن الملك أو في قوته التواصلية مع المواطنين من خلال قدرته على تأطير التجمعات البشرية ،حيث مهرجاناته الخطابية تعرف حضورا جماهيريا كبيرا. وطبعا دون إغفال ميزة أساسية أخرى تميز ابن كيران عن باقي زعماء حزب المصباح بصفة خاصة والقادة الذين يؤثثون الفضاء السياسي المغربي الحالي بصفة عامة، والمتمثلة فيشخصيته الكاريزمية التي مكنته من مواجهة كل الأزمات التي مرت منها الحكومة منذ تعينها سنة 2011 خاصة تلك التي كانت عندما قرر حزب الاستقلالالانسحاب من الحكومة الأولى ليعوضه حزب التجمع الوطني الاحرار في النسخة الثانية من الحكومة،بالإضافة طبعا إلى قدرته على مواجهة خصومه السياسيين وضبطهلمواقيت الدفاع والهجوم في حرب التصريحات التي يخوضها الزعماء بين الفينة والأخرى . ما هو مؤكد أن حزب العدالة والتنمية، يسعى جاهدا إلى دخول الانتخابات التشريعية المقبلة بكل قوة، واضعا نصب عينيهالحفاظ على مركزه الأول الذي يخول له ترأس الحكومة القادمة لولاية ثانية، وهو متيقن على أن ذلك لن يتأتى إلا إذا توفر على قيادة قادرة على مواجهة الخصوم السياسيين وكسب ثقة المواطنين ، لذى فالتمديد لولاية بنكيران على رأس الحزب لسنة إضافية أمر بات أمرا مفروضا واقعيا.