إن تعاقب الدوريات الحكومية وتوالي زعامة الأحزاب على رأس المغرب لن يتمكن من حل مشاكل التنمية والرفع من قيمة الإقتصاد الوطني وتحقيق التكافل الإجتماعي إن لم تكن له إرادة فاعلة وسيطرة قوية على كل الأجهزة التنفيذية بالبلاد ..هذا بالطبع إذا كان ذلك مصحوبا برؤى بعيدة المدى واستراتيجية محكمة وهادفة وبناءة .. فليس المهم فيمن وصل إلى الحكم والريادة في نظري ولكن الأهم هو ما مدى صلاحيات الحزب الحاكم وما مدى تدخله في التسيير السياسي ..وأقصد بتدخله هنا ..أي ما حجم التدخل المشرعن له من طرف القانون والدستور .. علمنا سبقا أن القانون فوق الجميع ..وأن على الحاكم والمحكوم أن ينصاع له.. لأنه يصاغ من طرفهما على السواء عن طريق الإعداد من طرف الحكومة الدولة والمصادقة على بنوذه من طرف البرلمان بغرفتيه النواب والمستشارين ..وما يتم بالتوافق عليه لا مجال للطعن فيه .. لكن الخلل هنا في مدى اتباع القانون والعمل به والحرص على تطبيقه كما هو من طرف أجهزة القرار وأقصد بهاته الأجهزة التشكيلة الوزارية وعلى رأسها وزارة الداخلية التي تشرف على مراقبة جودة التسيير لمختلف القطاعات وتمد بالرخص وتسهر على توفير الأمن والأمان اللازمين لتطبيق القرار الحكومي .. لكن الخلل يأتي مما لا يتوقع منه الخلل ..ففي الوقت الذي ينص القانون على أن وزارة الداخلية يجب أن تكون مستقلة عن مؤسسات الدولة وغير تابعة لها من جهة الأمر والنهي نرى عكس ذلك يجري على أرض الواقع ..فوزارة الداخلية هي المخزن وهي الدولة في نفس الآن ..وزعما بذلك فهاته الوزارة الوصية تتأثر بالجهاز المخزني وتخضع لأهوائه ..التي قد لا تتماشى وواقع القانون بل لا تعترف بالقانون.. وعاقبة ذلك تتجلى في الرخص التي تعطى من غير وجه حق لسياسين وبرلمانيين وعسكريين لا لشيء إلا لأنهم من ذوي الإمتيازات الخاصة ..ومن هاته الرخص ..رخص الصيد في أعالي البحار ..ورخص الإستيراد والتصدير التي تعطى حصرا لبعض المؤسسات الربحية وتحرم أخرى منها مما يخل بنظام تكافئ الفرص والمنافسة الشريفة ..ويخل بتوازنات نظام السوق ..ورخص المقالع الرملية ومقالع الحجارة..وتفويت أراضي العقار والصفقات العمومية لشركات بعينها دون أخرى بدون مزايدات علنية أو منافسة أو فرص متكافئة.. ورخص مأذونيات النقل العمومي بما في ذلك النقل الحضري والنقل الطرقي ..وتلك الرخص يجب أن تخضع لمساطر قانونية ودفتر تحملات والمراقبة والتتبع لأصحابها ويجب أن تخضع لمبدأ العرض والطلب للرفع من الإقتصاد الوطني وخلق التنافسية الحرة بين مختلف المستفيدين ..وهذا هو وجه الحق وتلك هي عناصر الشفافية ومبادئ الديموقراطية ..والتي تروم تحقيق الصالح العام وترمي إلى تحقيق التكافل والتضامن الإجتماعي وفق عدالة اجتماعية سامية يلتزم بها الكل ويتعهد على حفضها الكل ..لكن نجد خلاف ذلك في أرض المغرب ..حيث تمنح هاته الرخص لذوي النفود وأصحاب الياقات وهم أغنى الناس عنها ..فيكتريها هؤلاء للضعفاء من أبناء هذا الوطن مقابل مبالغ مالية طائلة تعود بالنفع على الطبقة العليا وتزيد من ثرائها الفاحش على حساب الطبقة العاملة الفقيرة التي تكدح من أجل الحصول على لقمتها ..وهذا هو منشأ الصراع الطبقي الإجتماعي في هذا البلد ومأسسه الأول والذي تمتد جذوره حين عهد الحماية والحصول على الإستقلال... حيث كانت رواتب الجنود تصرف عن طريق أراضي الملك العمومي. فيما يعرف بأراضي الجيش .. عوض المبلغ المالي المتعارف عليه ..وفي ذلك إجحاف في حق السلطة وتصريف في الشأن العام بمبدأ التصريف في الخاص ..فيحدث أن يتراكم الربح من هاته الأراضي عند مالكيها الذين يكترونها ويحصدون ريعا قارا ومستمرا طوال حياتهم بدون جهد يبذلون أو إنتاج أو منافسة ..بل عن طريق احتكار بتواطئ من الجهات المعنية وبرضى منها ..وتلك الميزات العينية التي كانت تعطى للجيوش هي بادرة الفساد وهي الشرارة الأولى... في نظري ...التي ستشعل النار وتمهد اتساع اقتصاد الريع ليغطى المغرب كله .. فما وجه الحق يا سادة في أن يُعطى الغني ويحرم المحروم وهو الأولى والأحق بالعطية من غيره !!! هناك من يتوفر على أكثر من 50 مأذونية نقل ..وهناك من لا يستفيد من شيء رغم ضعفه أو بالمعنى الصريح.. لقلة حيلته .. أي ليس له أيه صلة بصناع القرار ... ماعندوش المعارف ...وما ضوابط تلك الرخص المجانية والإمتيازات العينية !! وهل تعلم الحكومة الحالية بكمّ المستفيدين من تلك المزايا !! وإن علمت بذلك ما مخططها لمحاربة ذلك !! وهل يقتضي المخطط سحب الرخص القديمة من أهلها !! أم تكثيف الإجراء ات التدبيرية المتخذة في شأن المستفيدين الجدد !! أم القطع النهائي والوقف المطلق لتسليم تلك الرخص بالمجمل ..!! على أن من كوابح الإرتقاء الإجتماعي وتحقيق العدالة الإجتماعية ضمان سير جودة المؤسسات السياسية التي تسهر على تحقيق القانون ..وعدم السماح لأي كان مخالفته غافلا كان أم يقضا ..فذلك من دواعي تحقيق الإستقرار ومص غضب الشعب والتنفيس من الإحتقان الإجتماعي الذي يتراكم بتراكم بؤر الفساد السياسي وتزايد التملص من المسؤولية والهروب من الحكم القانوني لسطوة النفوذ واستعلائه بجاهه على هذا الحكم ..فالقانون يحمي المواطن ويضع له الحقوق والواجبات التي يجب الأخذ بها ..وإن قام بواجباته طلب حقوقه ..وإن لم تلتزم مؤسسات الدولة بحماية هاته الحقوق ثار وتمرد لذلك .. ومن ضمن حقوقه الحق في المساواة والكرامة وتكافئ الفرص وارتباط المسؤولية بالمحاسبة وتدبير الشأن المحلي وفق أسس حكيمة متعارف عليها في القانون والشرع ..إلا أن أي عطب يقع في المنظومة السياسية يترتب عليه بالتتابع الإخلال بتوازن جميع المنظومات بما في ذلك المنظومة الإقتصادية والإجتماعية ..ذلك أنه عصبها المحرك وقاطرتها الدافعة ..فصلاحه بصلاحها وفساده بفسادها .. وكل فساد في حق المنظومة السياسية إن لم تتم معالجته في الحين.. سيدرك المنضومات الأخر ويأثر فيها وعليها ..وكلما كان التمهل والتهاون في العلاج كان المرض أسرع في الإستشراء وأقوى في التعمق حتى يصل ذلك إلى هيكل النظام العام بمجمله فيكون انتحاره البطيء بما كسبت يداه .. ويشمل وجه الفساد أنماط كثيرة ...يدخل فيها تحكم رؤوس الأموال في السوق الوطنية واحتكارهم الإنتاج والتوزيع والتصدير لسلع بعينها ..والتحكم في سعرها ورفعه بما يضاعف نسبة قيمته المضافة.. بما لا يقبل دخول مستثمرين جدد ومثال ذلك مجموعات الشركات الكبرى .. وشركة التبغ التي تمتلك رخص استيراد السجائر الأجنبية وبيعها ..وشركات الأدوية التي تستورد الأدوية الفرنسية وتبيعها بضعف ثمنها ..وهذا يخل بنظام السوق والمنافسة الحرة .. الإعفاء الضريبي لغير مستحقيه ..فبعض المؤسسات الإقتصادية تحصل على إعفاءات ضريبية بدون وجه حق مما يكلف خزينة الدولة مبالغ هامة ..تُرقّع من جيوب المواطنين والموضفين .. تفويت أراضي الملك العمومي للشركات التي لها نفوذ قوي ومثال ذلك ما تفعله مع مجموعة الضحى وبأثمنة زهيدة بدون مزايدات أو مناقصات أو منافسة بين مختلف الشركات العقارية .. دعم جمعيات المجتمع المدني ..فالبعض من هاته الجمعيات يتلقى الدعم من الحكومة مباشرة ولا يقوم بالمهام المخصصة له في ظل غياب الرقابة والتتبع من طرف الوزارة الوصية ..كما يتم جمع تبرعات لها في حملات يروجها الإعلام الرسمي دون أن تخضع وارداتها لأ-;-ية مراجعة أو تدقيق للتأكد من ضمان صرفها على الأنشطة المخصصة لها ..والواقع أن تلك العائدات الغير مراقبة من طرف الأجهزة المعنية تعد بمثابة ريع بالنسبة للقائمين عليها لا يقابله أي عمل يبذل في سبيل تحصيلها .. دعم وزاررة الداخلية للأحزاب السياسية دون خضوعها في الغالب للمحاسبة ..وتتم عملية الدعم بتوافق ضمني بين وزارة الداخلية ورئيس الحزب المعني وفقا لخدمات يعول عليه في القيام بها ..وغالبا ما تتم اختلاسات من هذا المال العام واقتطاعات منه لتحقيق أهداف شخصية يتواطئ مجلس الحزب بأعضاءه على الإستفادة من ريعها .. استغلال النفوذ والجاه في الإرتشاء للقيام بمهام معينة قد لا تكون شرعية في أغلب الأحيان ..ومثال ذلك ما يُدفع لرؤساء الجمارك والدرك الملكي جراء تهريب المخدرات والسلع الممنوعة التي تهلك الإقتصاد الوطني وتضعف القيم المضافة للمنتوج المحلي ..بما يهدد الإقتصادات الصغرى وعلى رأسها الصنع الحرفية والمهنية ويساهم في انقراضها .. عائدات آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية التي منحت الدولة حق الا-;-نتفاع بها لسياسيين وعسكريين متقاعدين دون عقود رسمية ويصلهم ريعها كل شهر نظير كرائها أو استغلالها بأنفسهم ولا يدفعون أي ضرائب عنها... الرواتب التي تصرف شهريا لموضفين أشباح ثم تعيينهم من طرف الوزارات والمجالس البلدية والقروية دون إناطة أي عمل بهم ودون الحاجة إليهم في شيء وكل ذلك ينفق عليه من أموال الدولة .. دعم وزارة الثقافة لبعض الأنشطة المسرحية والفنية المفترضة ..والتي لا تستحق الدعم الموفر لها ..من حيث التقنية والجودة ..فأغلبها هزيل ومردوده ضعيف.. والبعض يجتهد ليختلس دعما ضمنيا جراء عمل وهمي حيث تحول هذا الدعم بمرور الوقت إلى مصدر من مصادر الريع بالنسبة لهؤلاء المستفيدين وتشكلت مافيات للإستلاء عليه وهذا ما ينجلي في تدهور المنتوج الفني والثقافي ببلادنا.. أضف إلى ما تطرقنا للحديث عنه قبلا بخصوص منح تراخيص الإستغلال أو مايسمى في المغرب بالكريمات بدون وجه منافسة أو شفافية أو استحقاق ..فقط لأنهم من المقربين ..وفي ذلك ضرب للمساواة والتنافسية الشريفة في الصميم ..وحرمان لذوي الحقوق من حقوقهم المشروعة ..ووذلك يكلف الدولة مبالغ مالية تقدر بمليارات الدراهم ..كان الأولى أن تصرف في مشاريع الإيواء والأوراش والمشاريع الهادفة ..وكان الأولى أن تنفق على الخدمات الإجتماعية وأن تصلح بها صناديق المقاصة وأنضمة التقاعد وصناديق التعويضات عن فقدان الشغل وصندوق الأرامل ...وكان الأولى أن تعالج بها المديونية العامة للدولة بدل صرفها في غير وجه حق وتحت سلطان القانون !!! وهذا ما أشاع الفساد في أجهزة الدولة وطعن في مصداقية القضاء وشكك في نزاهته .. وهو المسؤول عن إحقاق العدل والإلتزام به .. مما لا شك فيه أن جل قوانين والبنوذ الدستورية سليمة وواضحة وشفافة ولا تقبل الجدل في حيثياتها ..لكن الإشكال يكمن في مدى الإلتزام بها والإنقياد لها من طرف واضعيها في المقام الأول كمواطنين ..لهم كغيرهم نفس الحقوق والواجبات ..فالديمقراطية تعني الحكم للقانون الذي هو أصل الحكم.. وكل التفاف عليه بدعوى الجاه أو المنصب يعد فسادا ..وكل تملص من بنوذ الدستور هو إخلال بتوازن المنطومة المواطناتية وتهديد لاستقرار كل المنطومات الأخرى تبعا لذلك .. إن انتشار لوبيات الفساد وتحكمها في صياغة بنوذ جديدة مرتجلة تخدم مصالحها ..هو من دواعي الفساد ..وذلك جلي في اللوبيات المتحكمة في الإقتصاد الوطني ..كلوبي النقل مثلا الذي يغير قانون وزارة النقل فيما يخص تذاكر الحافلات ..والتي تقف وراءه المصالح المشتركة ..إذ يقوم بالتلاعب بأسعارها ضدا على ماجاء به القرار الوزاري المتعلق بها ..لتصل في بعض الأحيان إلى ضعف السعر .. ولوبي الصناعة والزراعة والصيد ...فتلك اللوبيات لها من القوة والنفوذ ما تغطي به على تصرفاتها وتضفي عليها طابع الشرعية ..فالمال يساوي السلطة ..أو بالمعنى الدارج ..يشتري السلطة ..ويحابي صناع القرار ويخدم مصالح الكل.. في تغاض تام عن كراسات القوانين وفي ضرب صارخ لحقوق الإنسان وفي غفلة من المواطن المسكين الذي يكتفي بالإذعان والخضوع والإكتواء بنار الظلم وجشع التحكم ... فلوبي الفساد كوّن نفسه إبان الإستقلال ..واستمر يحصد في ثروات البلاد وخيراته ويتملك صياغة قراراته وفق هوى نفسه وخدمة لمصالحه الإمبيريالية التوسعية إلى أن سيطر على كل مؤسسات الدولة وأحاط بكل صغيرة وكبيرة ..واستأسد بذلك على دواليب الحكم فألجمها بتقواه مخافة الإنقلاب ..وفرض عليها اتباعه لاتقاء شروره ... حتى لم يعد هناك أي كلام للوزارات المتعاقبة ..فتنخرص وتُشلّ أطرها ..وتكون مهامها منحصرة على خدمة مصالح تلك اللوبيات ومنكبة على التواطئ الخفي عن انتهاكات ومخالفات تلك القوى الفاسدة ..بل وحتى القضاء المعول عليه بنزاهته وحياده أضحى بدوره كارثة وصار منحازا للوبي الفساد بل هو الحلقة الأقوى والدافعة لاستمراره .. فهذا جين شارب في كتابه من الديكتاتورية إلى الديموقراطية يقول "علينا أن لاننسى أنه مهما كانت الوعود التي تقدمها الحكومات الديكتاتورية في التسوية السلمية فإنها تصب في إتجاه تأمين خنوع خصومهم من الحركات الديموقراطية، وفي النهاية تجدهم حقيرين لدرجة أنهم ينتهكون الإتفاقيات التي وقعوا عليها". والغريب في الأمر هو أن الشعب المغربي أرسل ملايين الشكايات أغلبها تحمل هما واحدا...هو تحقيق العدل والإلتزام بالقانون .. سواء لديوان المظالم أو لوزارة العدل أو حتى للديوان الملكي ...لكن لوبي الفساد المغربي المستأتر بدواليب قيادة الدفات وتوجيه المسارات قد حسم الكفة لصالحه ..مما ولد لدى الشعب المغربي فقدان الثقة ..فتأجج الإحتقان في داخله منعكسا في ثورات وإضرابات بين الفينة والأخرى..لا تفيد الكثير.. ولا تغير السبيل ..ولا تصلح شيئا سوى الوعود من ذوي السلطة ..والأمل في التحقيق من ذوي المطالب مما يؤول إلى الركون وتطبع المواطن عليه بكثرة التعود عليه.. !! وما مصير ثرواث البلاد إن لم تصرف في رفاه المواطن وتستثمر في تنمية بلده وتزكية عيشه !!.. فبلادنا الغنية تستفرد ب% 75 من احتياط الفوسفاط العالمي ..وتحتل الصدارة في تصدير الحوامض والبواكر والخضر والفواكه ...وعائداتها السنوية من السياحة تفوق عشرات المليارات من الدراهم ..أضف إلى ذلك إيرادات الحشيش التي تقدر ب130 مليار درهم سنويا ..هاته العشبة التي يتم تصديرها بتوقيع الجنرالات وعلى مرأى الجميع ..ويتشدق بعد ذلك الإعلام الرسمي بأنه حجز كمّا معينا منها في بوابة الجمارك درء ا لنعته بالتعتيم ..ورفعا لحرجه كونه يقوم بدوره وواجبه من حيث تنوير الرأي العام وتغطية الأحداث الراهنة .. فمن المستفيد الأكبر من تلك الثروات الخيالية ..ومن المحروم !! أيعقل أن يظل بعض الأشخاص المحسوبين على رؤوس الأصابع.. هم من يتحكم في تلك العائدات ويبقى المواطن متضررا تفرض عليه أثمنة خيالية من أجل اقتناء مادة معينة يتم استيرادها من الخارج.. أيعقل أن يتحكم قلة من ذوي النفوذ واللوبيات الفاسدة في مصير المغرب و مصير خيراته !! أيعقل أن تغتني قشدته باقتصاد الريع على حساب قاعه ..!! تعلم الحكومة الحالية ..بأن سيادة اقتصاد الريع تم بتخطيط من الا-;-دارة المخزنية.. أي الدولة.. لأ-;-سباب سياسية .. وأن عدد المستفيدين منه كبير للغاية... وأن العبرة لم تعد في الكم وإنما في النفوذ والقدرة على التأثير الناتج عن سطوة المال الذي صاروا يتوفرون عليه من استغلال الرخص الممنوحة لهم... وحرمان هؤلاء من مصادر الدخل تلك ستحولهم إلى قوى مقاومة عنيدة وأعداء محتملين للحزب في مناطق نفوذهم وتأثيرهم ...ولذا يشعر الحزب بأنه لو نفذ كل ما سبق له أن تعهد به فسيدخل حقل ألغام لن يسلم من أضرار فادحة قد تلحق به... وهذا ما يدعوه حاليا الا-;-لتزام بالحذر والعمل على التخلص من اقتصاد الريع تدريجيا ودون أن يثير حفيظة مراكز القوى تلك المنتفعة من الريع... كما وجب عليه الحرص على امتداد صلاحيات المجلس الأعلى للمنافسة وضمان شفافيتها ونزاهتها ..والحرص الشديد على إعطاء رخص الإستغلال لمستحقيها من دون سمسرة أو انحياز ..ووفق شرعية وضوابط وبالتزامات محددة ..كما يجب علم كافة المواطنين في الإعلام الرسمي بلائحة المستفيدين منها وشروط تلك الإستفادة .. فاقتصاد الريع يغطي أكثر من % 20 من الإقتصاد الوطني وهو في ازدياد مستمر ..كما يوجد في المغرب لوبيات قوية تحتفض بمناعة قوية ولم يطلها الإصلاح الذي يقوم به المغرب... بل قاومته ضدا على الإرادة السياسية للدولة... وأن هذه اللوبيات لا ترغب في انتهاج مبادئ الشفافية والتنافسية..حفاضا على ثرواتها ومكاسبها .. كما أنه بدون وجود سياسة عامة تروم إصلاح الإقتصاد والشغل عامة وفق مبادئ الكفاءة والمنافسة ..لن يتم القضاء على اقتصاد الريع ..وأن اللوبيات المتحكمة في ذلك لها من القوة ما يمَكنها من ضرب الإقتصاد الوطني إن لم تستفد من احتكاراتها ..وإن لم تنعم بالضروف الملائمة والأجواء السياسة لممارسة فسادها ... والغريب وليس بالغريب هو أن سياسة المغرب الحالية في هذا الشأن تروم إبقاء الوضع على ماهو عليه ..كما أن تلك السياسة تحضى بدعم ملك البلاد محمد السادس !!!