تأتي مصادقة اللجنة الرباعية للجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم أمس الاثنين، على مشروع توصية تجدد دعم المنتظم الدولي للمساعي المبذولة لحل مشكل الصحراء المغربية، لتعزز الدينامية السياسية والدبلوماسية التي أحدثتها المبادرة المغربية للحكم الذاتي، الذي كان قد اقترحها المغرب في سنة 2006، كحل توافقي نهائي لمشكل عمر أكثر من 35 سنة. لكن هذه المصادقة التي تمت حتى بدون اللجوء إلى التصويت، تأتي في سياق إقليمي مفعم بالعديد من التطورات والمستجدات، ومفتوح على مجموعة من المتغيرات الجيو-استراتيجية، ذلك أن موازين التحالفات قد تغيرت، وتباينت معها المصالح الإقليمية والدولية، فليبيا القدافي بوصفها الداعم الرئيس للبوليساريو قد ولت وولى معها الحشد السياسي والمالي للجبهة، والجزائر الحليف الاستراتيجي ما زالت تئن تحت وطأة خيبتها الدبلوماسية في الأزمة الليبية فضلا عن تلطيخ سمعتها أمام العالم بدعمها لدكتاتور كاد يبيد شعبه، وإسبانيا ومواقفها البينية تتخبط في أتون أزمة اقتصادية سوف تأتي على الأخضر واليابس. أما بقايا الشيوعية في أمريكا اللاتينية فمنها من أصيب بسرطان قاتل ومنها من تخلى عن الحكم لشقيقه وترنح عن السياسة جانبا. في ظل هذه الظروف، لم يبق أمام البوليساريو إلا افتعال الأزمات الإقليمية، في محاولة لتصريف أزمتها الداخلية وتبعات تطاحنات الماسكين بزمام السلطة إلى الخارج، لإلهاء المحتجزين في مخيمات تندوف وإعطائهم بعدا آخر لما يعتبرونه النضال الصحراوي. لكن افتعال أزمة إقليمية لن يجدي نفعا في ظل الصورة القاتمة التي ظهرت عليها البوليساريو بعد مدها للقدافي بالمنذورين للموت مقابل مبلغ ألف دولار لليوم الواحد، وبعد تورطها في شبكات تهريب الكوكايين، وبعد تقاطع مصالحها مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. إذن لم يبق أمام البوليساريو وحليفتها الجزائر سوى تجييش بعض مناصري الطرح الانفصالي لإعادة إحياء الذكرى السنوية لما يسمى بالهجرة إلى إكديم إيزيك، مستحضرة الشريط الإرهابي الذي تبثه القاعدة والذي يتحدث عن الهجرة إلى الدار الآخرة، في محاولة لزرع الفتنة ببعض مدن الجنوب المغربي. وفي هذا الصدد علمت "هيسبريس" أن البوليساريو أعطت الضوء الأخضر لبعض أتباعها بإشاعة أكاذيب بين صفوف المواطنين تروج من خلالها لانعدام الأمن، وعدم قدرة الدولة المغربية على حفظ الأمن بمدينة العيون، وبالتالي المطالبة بتدخل أممي للقيام بهذه المهمة ! كما أفاد أحد العائدين من مخيمات الحمادة بأن الجبهة تحاول دفع المواطنين الصحراويين إلى إحياء الذكرى السنوية الأولى لأحداث إكديم إيزيك، وذلك لتصوير هذه المنطقة وكأنها بؤرة من بؤر التوتر عبر العالم.