كوبنهاغن 25 أكتوبر 2014 /ومع/ شكلت ندوة تم تنظيمها أول أمس الخميس بكوبنهاغن، مناسبة لدعوة رجال الأعمال بالدنمارك إلى استثمار الفرص التنافسية المتعددة التي يتيحها المغرب باعتباره بوابة للأعمال نحو القارة، وذلك بعدما كانوا مترددين بشأن الاستثمار بإفريقيا رغم الدينامية الكبيرة التي أصبحت تؤهل هذه الأخيرة لأن تصبح مستقبلا قطبا للنمو العالمي. فمن بين الرسائل القوية لهذا اللقاء الذي نظمته مدرسة التجارة بكوبنهاغن حول "الأسواق الجديدة الصاعدة في إفريقيا " ، أن المغرب يعتبر جسرا للتواصل بين أوروبا وإفريقيا الواعدة يمكن أن يستعين به رجال الأعمال الدنماركيون كنقطة انطلاق آمنة نحو سوق ضخمة. ومن أجل تكثيف الشراكة الدنماركية- المغربية وبالتالي التوجه نحو إفريقيا جنوب الصحراء، أبرز سفير الدنمارك في الرباط، السيد مايكل لوند جيبيسين، المؤهلات الكبيرة التي يمكن أن يوفرها المغرب لمقاولات مملكة الدنمارك التي ترغب في الاستقرار أو تنويع أنشطتها في إفريقيا ولكنها لم تتمكن بعد من تجاوز هواجسها حول عقبات اللغة والثقافة وكذا الأحكام المسبقة التي تبقى أحيانا لصيقة بالقارة كمنطقة معرضة للخطر دائما. وفي هذا الصدد، أشار الدبلوماسي الدنماركي إلى العلاقات القوية التي تربط البلدين والتي يعود تاريخها إلى نحو 200 سنة، وأبرز الاستقرار السياسي والمالي للمغرب، وبنياته التحتية الحديثة، وكذا مكانة المغرب باعتباره دعامة للشراكة الثلاثية بين أوروبا والشرق الأوسط والولاياتالمتحدة، معتبرا أن المملكة كانت البلد الإفريقي الوحيد الذي أقام العديد من اتفاقيات التبادل الحر من ضمنها اتفاقية للتبادل الحر مع واشنطن. ويرى السيد جيبيسين أن المغرب يتميز أيضا بجذوره التاريخية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، وبالروابط الروحية التي تجمعه مع البلدان الإفريقية، وكذا بخبرة النسيج الاقتصادي والمالي المغربي في إفريقيا بفضل دبلوماسية اقتصادية نشطة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أساس نموذج للتنمية المشتركة جنوب- جنوب ورابح- رابح. وللاستدلال على هذه المقاربة التضامنية التي يلتزم بها المغرب، أكد السفير على الخصوص أنه في الوقت الذي يسود فيه الخوف من فيروس إيبولا، تواصل الخطوط الملكية المغربية تنظيم رحلاتها إلى البلدان الأكثر تأثرا بالمرض. وأضاف الدبلوماسي أن مجموع هذه العوامل وكذا التجربة الناجحة لمجموعات دنماركية كبرى تنشط في المغرب، مثل الشركة الأولى عالميا في مجال النقل البحري "مايرسك" والمقاولات المتخصصة في الطاقات البديلة، وهو القطاع الذي يعرف نموا قويا في المملكة، تستدعي جعل المغرب والمشاريع المشتركة نقطة انطلاق نحو باقي بلدان القارة الإفريقية. وباسم "كلين"، وهو تجمع للمقاولات الدنماركية المتخصصة في تقديم الحلول البيئية، توقفت السيدة آن بوليروب- ينسين عند الدور الذي يمكن أن تلعبه الشراكة مع المغرب في نقل التكنولوجيا والخبرة المعترف بها في الدنمارك إلى البلدان الإفريقية في المجالات الأساسية لتدبير الموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية. واستشهدت في هذا السياق بالتجربة الناجحة مع وكالة الحوض المائي لسبو في مجال الوقاية من الفيضانات، وتدبير النفايات في المنطقة القروية ومكافحة التلوث. وحسب الخبيرة الدنماركية فإن هذا التعاون مكن من استغلال الفرص الكبيرة للشراكة، وكذا مواجهة التحديات والعوائق المرتبطة أساسا بمسألة تمويل المشاريع. وفي مواجهة التردد والتوجس تجاه إفريقيا الذي لا يزال سائدا بين الفاعلين الدنماركيين، كانت النائبة السابقة لرئيس البنك الدولي لمنطقة إفريقيا، أوبياجيلي إيزيكويسيلي، أكثر وضوحا بتأكيدها على أن الدنمارك ورجال الأعمال بها يمكنهم كسب الكثير وتجاوز ذلك بسرعة لكي لا يجدوا أنفسهم متأخرين في القارة أمام التقدم الملحوظ لفاعلين لهم وزنهم مثل الشركاء الأوروبيين التقليديين وكذا الصين والهند وأيضا الولاياتالمتحدة. وأكدت أنه مع معدل نمو بنسبة 5 في المائة، والموارد الطبيعية والبشرية الهائلة والإمكانات الكبيرة المرتبطة بسوق واعدة بأكثر من مليار مستهلك، فإن إفريقيا تظل قارة واعدة. وقالت الوزيرة السابقة في نيجيريا "أكيد أن هناك مخاطر، لكن هناك أيضا أرباح ضخمة تصل أحيانا إلى 30 و40 في المائة"، معتبرة أن إفريقيا تعد اليوم وجهة لا محيد عنها بالنسبة للاستثمار في سياق يتميز بتباطؤ الأسواق الأوروبية والأمريكية. يذكر أن هذا اللقاء عرف مشاركة سفيرة المغرب في كوبنهاغن، السيدة رجاء غنام، إلى جانب ثلة من المقاولين الدنماركيين والمستثمرين والعديد من الدبلوماسيين.