بنكيران هذا الرجل الواثق في ذاته حتى الثمالة،المزهو بمواقفه الرنانة والخبير بتاريخ اليسار واليمين والمخزن حسب ما يدعي. إنه الظاهر المتلألئ الذي يجرف كل مراهق سياسي والحجر البراق الذي يجلب كل ظامئ وكل ولهان فقد بوصلة الاتجاه. اسألوا رفاق اعتقاله سنوات الرصاص لماذا لقبتموه (بالبكاي) آنذاك ؟ كيف كانت ترتعد فرائصه لهمسة حارس، كيف استمات دفاعا عن عروض مخزنية لا تزن ، لا لشيء فقط مقابل الخروج من ضيق ونتانة المكان، ليرتمي بحضن والدته التي بكاها بزنزانته قبل أن تبكيه. عجل بخروج بنكيران إلى حركة التوحيد والإصلاح، وفرشت له الجامعات أنصارا صنعوا على المقاس أطلق عليهم الطلبة اسم( فصيل بنكيران)، أو قدحا ( إسلاميو البوليس) بتعبير اليسار الراديكالي آنذاك، واقترف ما اقترف في حق اشرف المناضلين بدءا بمؤامرة التبول على القرآن إلى الاقتتال الأليم. مؤسساتيا وبدهاء مخزني في غياب سند دستوري يشرعن تأسيس حزب إسلامي،نودي على ثعلب من ثعالب المرحلة كان مرتاحا منزويا بحزب صغير، لصناعة إطار على المقاس، وفعلا نجح الخطيب في احتواء الجميع تحت عباءة حركته : الحركة الشعبية الدستورية المنشقة مجازا عن حركة صنديد الدهاء المحجوبي أحرضان . لا أريد أن أطيل في سرد أسباب النزول، لكن لا بد من الإشارة إلى أخطاء الزعيم وما أدراكم ما أخطاء الزعيم وقد علمنا التاريخ أن أخطاء الزعماء لا تغتفر والتي قسرا أوجزها فيما يلي: 1- كان الزعيم المزهو الواثق يقول: إننا لسنا في حاجة إلى تغيير الدستور أو تعديل بنوده رغم حضوره جنازة الانقلاب على العرف الديمقراطي في تعيين الوزير الأول سنة 2002، وبعد خطاب 09 مارس انقلب الزعيم 180 درجة بالتعبير الهندسي. 2- سخر من الحراك الاجتماعي وحركة 20 فبراير رغم أنف الأستاذ الرميد الذي أكن الاحترام والتقدير، وحين جحظت عيناه على تحقيق جزء من مطالب الحركة توارى تغزلا مدعيا أنه لم يتوصل بأي طلب من قياديي هذا الحركة لمساندة الحراك، متجاهلا أن الحركة ليست تنظيما مؤسساتيا وكيف يمكن للتلقائية أن تكتب لفخامة الزعيم كتابا !!! 3- سخر من الحركات الأمازيغية وسخر من حروف تيفيناغ، وكفر بما تزخر به أرض المغرب من حفريات تفند سخرية الزعيم،لكن بعد دسترة اللغة انقلب مدعما من جديد بصياغة لغات سفسطائية أكثر نفاقا ومينا. 4- دافع عن الإسلام كمصدر للتشريع ودمج الدين بالدولة ورفع عنه القلم بالحسم الدستوري في الفتاوى وإمارة المؤمنين، وفصل الدين عن الجهاز التشريعي والتنفيذي والقضائي ليبقى حكرا على المجالس العلمية تحت رآسة أمير المؤمنين. 5- ادعى الشهرة والشعبية الزائدة وحين نزل إلى الدروب طرد شر طردة ورفعت ضده شعارات ولافتات اتهام بالزيف والنفاق، فاختار التواصل من جديد بالقاعات المضبوطة إيمانا وأمنا احتسابا. 6- يدافع عن التعريب والعروبة حتى النخاع الشوكي ووسطه أكثر الأوساط فرنسة وتزكية للبعثات الأجنبية ولعل البعثة الفرنسية بأكدال بالرباط تشهد بأسماء من تابعوا من جنسه الدرس والتحصيل. 7- انتقد وزارة الداخلية التي صنعته حول أسلوب تدبير ملف الانتخابات لسنة 2011 ، لكنه تجده ضمن الصفوف الأمامية في المشاورات للابتزاز السياسي وضمان حصة الزعيم ضمن كعكة ( الكوطا) المجزأة على المقاس، من حيث نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي وعتبة المشاركة في توزيع المقاعد،وهاهو من جديد يتوارى بعد اجتماع المجلس الوزاري الأخير البقية تأتي. لا اقصد المس بالشخصية الذاتية بقدر ما أنني أنتقد شخصية عمومية نفخ في فرجها فعوض الإنجاب النبيل أنجبت سفاحا،فماذا تبقى لهذا الزعيم؟ مطية الدين حرمت ومنعت دستوريا ولعل خطاب العرش الأخير كان واضحا وضوح الشمس بمنع استغلال الاسلام لأغراض سياسوية. وبوادر تنحيك أيها الزعيم تلوح في الأفق .كان حري بك الانضمام بصدق إلى معاناة المضطهدين عوض الاكتفاء بقراءة الفاتحة وإمامة الناس بالمواسم والجنائز والمناسبات الخزينة ، الشعب يريد مواقف تنصفه، يريد برامج تنقده، يريد اصلاحات جوهرية في عمق النظام لن تشفيه لا تراتيل ولا ابتهالات شعوذة، فكفاك ضحكا على الذقون، إنه زمن الربيع العربي ولا موقع للبوم اليوم بحقول نيسان، فالبوم لا تلوح إلا بأفق غروب الشمس وتحت جنح الظلام .