أرسل الله - تعالى -الرسل وأنزل على عباده الكتب ليعبدوه وحده لا شريك له، ومن هنا كان الواجب على العبيد أن يفردوا المعبود بالعبادة ولا يشركوا به شيئاً. ولما كان الشرك هو أعظم الذنوب فإن كل نبي من أنبياء الله ورسله يحذر أمته منه، قال تعالى(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) وكثر تحذير الأنبياء من هذا الذنب الأعظم وكان من أكثرهم تحذيراُ نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أبى الناس إلا الوقوع فيه وبخاصة النساء هداهن الله، فهن أكثر الناس وقوعاً في هذا الذنب العظيم، الذي من مات عليه حرم الله عليه الجنة قال - تعالى -(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ)، وقال أيضاً(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ). ومن صور المخالفات التي وقعت فيها المرأة بالشرك: 1- الذهاب للسحرة والمنجمين. إن مما يؤسف له وقوع الكثير من المسلمات في هذا النوع من الشرك عن جهل منهن به أو عن علم مع الغفلة عن عواقب هذه المخالفة. فمن المعلوم أن الله - تعالى -حرم علينا الإتيان إلى السحرة والمنجمين وبين خطورة الإتيان إليهم. تعريف السحر: السحر هو عزائم ورقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجته ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه، قال - تعالى -(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ) وقال - تعالى -(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) وقال أيضا(وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَد) والمراد بهن السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وبنفثهن في عقدهن. وقال - صلى الله عليه وسلم - ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)). فالسحر محرم ولذا كانت العقوبة لمن فعله القتل، عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال فقتلنا ثلاث سواحر. وكذا صح عن حفصة أنها أمرت بقتل جارية سحرتها. هذا الذي ذكرناه في حق السحرة والمنجمين، أما عقوبة من أتاهم فهي كالتالي: أولاً: لا تقبل له صلاة أربعين يوماً؛ دليل ذلك ما رواه مسلم عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)). ثانياً: أن من أتاهم فصدقهم كفر؛ دليل ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -)). وفي حديث آخر ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم)). من خلال ما ذكرناه يتبين للمرأة المسلمة خطورة الإتيان للسحرة والمنجمين وأنه من أعظم المخالفات خطورة عليها، فينبغي للمرأة المسلمة أن تتقي خالقها وتدعوه وتتوكل عليه وترجوه ليكشف عنها الكرب ويدفع عنها الضر فإنه أعظم مسؤول - سبحانه وتعالى -. 2- ومن المخالفات في جانب العقيدة أيضاً تعليق قلب المرأة المسلمة بالأسباب دون تعلقها بالمسبب. من المعلوم أن الأخذ بالأسباب أمر جائز دعت إليه الشرائع السماوية وبينت أنه لا ينافي التوكل على الله بل هو من كمال التوحيد، لكن التعلق بالأسباب من دون الله - تعالى -هو المنهي عنه قال - صلى الله عليه وسلم - ((من تعلق شيئاً وكل إليه)). فمن علق قلبه بغير الله - تعالى -في حصول مطلوبة وكله الله إلى هذا المعلق، ومن صور هذه المخالفة: أ- تعلق قلب المرأة بالراقي حين يرقيها دون تعلقها بالله - تعالى -ظناً منها بأن هذا الراقي هو الذي يشفي وينفع وهذا بلا شك خطأ. ب- تعلق المرأة الموظفة بوظيفتها وظنها أنها هي وسيلة الرزق الوحيدة، وهذا تعلق غير صحيح لأن الوظيفة ما هي إلا وسيلة من الوسائل فقط أما الرزق فطرائقه كثيرة ومتنوعة. ت- في حال الشفاعة تتعلق القلوب بالوسيط الشافع دون الله - تعالى -وهذا خطأ. ث- تحصين البيوت بعلوها وارتفاعها ونحو ذلك، والقول بأن هذا يحميها من العدو وتعلق القلب بهذه الحماية فهذا نوع تعلق للقلب بغير الله - تعالى -الذي هو مسبب الأسباب. وخلاصة الأمر هنا أن نقول بأن الأخذ بالأسباب الصحيحة التي أوجدها الله - تعالى -في هذه الدنيا؛ للإنسان أن يأخذ بها لكن الأصل في اعتماده على الله - تعالى -واعتقاده أن فاعل الأسباب والمسبب هو الله - تعالى -وأن مشيئة الله - تعالى -نافذة. 3- ومن المخالفات أيضاً الاستهزاء بالدين أو بالملتزمات وشعائر الدين كاللحية والصلاة والحجاب ونحو ذلك. وهذا من المؤسف انتشر كثيراً بين الناس رجالاً ونساءً في هذه الفترة وهذا بلا شك كفر ولو كان على سبيل المزاح أو الإضحاك قال - تعالى – (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ). فالحذر الحذر من الاستهزاء بالدين وأهله نسأل الله - تعالى -العافية. 4- ومن المخالفات الحلف بغير الله كالحلف بالكعبة أو بالنبي أو بالشرف أو بالأمانة ونحو ذلك فهذا شرك. قال - صلى الله عليه وسلم - ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)). 5- ومن المخالفات في العقيدة الذبح لغير الله - تعالى -وهو من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله - تعالى -لمن مات عليه وهذا يحدث عندما تذهب المرأة للساحر أو الكاهن فيأمرها بذبح شيء (ما) للجن تقرباً إليهم قصداً منهم في شفاء المريض أو المسحور وهذا شرك بلا ريب لأن الذبح عبادة قال الله - تعالى -(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر)فمتى صرفت المرأة المسلمة هذه العبادة لغير الله صارت مشركة. 6- ومن أنواع المخالفات شد الرحال والسفر إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى غيره من قبور الصالحين والأولياء. فمعلوم أن المرأة ممنوعة من الذهاب للقبور عموماً فضلاً عن زيارتها لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبور غيره، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).