انطلقت الإثنين، في المغرب عمليّة الإحصاء العام للسكان الذي ينظّم في البلاد مرّة كل عشر سنوات، كما هو متعارف عليه في المعايير الدوليّة، بحسب المندوبيّة السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية) وذلك وسط جدال حول الأمازيغ. ووفق بيان أصدرته المندوبية اليوم، تستمرّ عمليّة الإحصاء التي تعدّ السادسة من نوعها في تاريخ المغرب المستقل حتى 20 من شهر سبتمبر/أيلول الجاري. وهي تأتي تحت شعار "قيمة بلادنا سكانها". ويشارك في تلك العمليّة وفق البيان، أكثر من 70 ألف باحث ومراقب ومشرف يقومون بزيارة بيوت المغاربة والأجانب المقيمين في المغرب -في المدن والبوادي (القرى)- بقصد معرفة المعلومات التفصيليّة حول تعداد السكان المغاربة وظروفهم المعيشيّة. ويقوم الباحثون بعملهم بالتنسيق مع وزارة الداخلية وموظفي السلطة المحليّة. ومن يرفض التعامل معهم والتجاوب مع أسئلتهم، يحيلونه إلى السلطات لتقوم بالإجراءات اللازمة معه، ودائماً بحسب البيان. وكان سؤال حول تمكّن المستطلع من كتابة حروف أبجديّة "تيفيناغ" المعتمدة رسمياً لكتابة اللغة الأمازيغيّة في المغرب. وقد أثار ذلك انتقادات واحتجاجات العديد من الجمعيات الأمازيغيّة. فهي اعتبرت في بيانات منفصلة، أن السؤال عن مدى تمكّن المواطنين من اللغة الأمازيغيّة كتابة بأحرف تيفيناغ "يطرح أكثر من علامة استفهام"، في ظل ما تعتبره فشل الوزارة المسؤولة عن قطاع التربية والتعليم في تعميم تعليم هذه الأبجديّة. ودفعت هذه الانتقادات المندوبيّة السامية للتخطيط إلى توجيه تعليماتها لجميع العاملين في عمليّة الإحصاء هذه، بهدف إجراء تعديل في صيغة السؤال. وقامت المندوبيّة بتوجيه مذكرة استثنائيّة إلى الباحثين بعدم طرح السؤال، والاكتفاء بطرح سؤال حول اللغات المقروءة والمكتوبة "من دون التفصيل في الحرف الذي يكتب المستطلع به هذه اللغة التي صرّح أنه يقرؤها ويكتبها". وينصّ الدستور المغربي في فصله الخامس على أن "تظلّ العربيّة اللغة الرسميّة للدولة وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها، وتعدّ الأمازيغيّة أيضاً لغة رسميّة للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة بدون استثناء، ويحدّد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغيّة، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلاً بوظيفتها، بصفتها لغة رسميّة". ولم يصدر بعد القانون التنظيمي حول تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغيّة، إذ ما زال يناقش مقترح قانون تنظيمي تقدّم به بعض البرلمانيّين، في داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان). ولا تتوفّر أرقام رسميّة تحدّد أعداد الناطقين بالأمازيغيّة كلغة أم في المغرب، غير أنهم يتوزّعون على ثلاث مناطق جغرافيّة (منطقة الشمال والشرق ومنطقة الأطلس المتوسط ومناطق سوس في جبال الأطلس) ومدن كبرى في البلاد، فضلاً عن وجودهم في الواحات الصحراويّة الصغيرة. وكان آخر إحصاء في المغرب قد أجري في العام 2004، وأعلن على إثره عن أن السكان في المغرب يبلغون 29 مليوناً 840 ألفاً و273 نسمة، من بينهم 51 ألفاً و435 أجنبياً معظمهم من الفرنسيّين والإسبان.