لم يجد الأطباء إلا ثلاجات حفظ الخضار والمرطبات خيارا لنقل جثامين الشهداء وأغلبهم من الأطفال إليها بعد أن فاضت ثلاجة الموتى في المستشفي الكويتي الوحيد المتوفر في رفح أقصى جنوب قطاع غزة. وبدت الصور صادمة في رفح على مدار اليومين الماضيين فيما الجثث هامدة وممزقة والجرحى مضرجون بالدماء في الطرقات جراء تصعيد الجيش الإسرائيلي هجماته المدفعية بشكل وحشي على المدينة. وعجزت الأطقم الطبية عن إحصاء دقيق لقائمة عدد الشهداء لبشاعة المجزرة. وينقل هؤلاء إلى المستشفى الكويتي الخاص والهلال الإماراتي للولادة والأطفال بعد توقف مستشفي أبو يوسف النجار الرئيسي في رفح جراء تعرضه لقصف مدفعي وإخطار جيش الاحتلال له بضرورة إخلائه أمس. ويتعامل الأطباء لعدم جهوزية المستشفيين المذكورين وضيقهما، في بركس (موقف السيارات) مع الجرحى، ويتم على الفور علاجهم أوليًا وتحويلهم لمجمع ناصر الطبي في خان يونس، والشهداء لثلاجات الخضار، والأطفال الشهداء لثلاجات المُرطبات. وأوضح حمدان حجازي صاحب ثلاجة الخضار التي استقبلت الشهداء، أن الثلاجة استقبلت أكثر من 35 شهيدًا منذ الصباح، بعضهم معروف وآخرين مجهولين الهُوية، ولم يتمكن الكثير من ذويهم من القدوم لهم لخطورة الأوضاع. وناشدت الأطقم الطبية مرارا بضرورة توجه العائلات لتسلم أبنائهم ودفنهم لكثرة الشهداء وسط مطالبات من وزارة الصحة بتوفير ممرات آمنة لإخلاء الشهداء والجرحى. وأكدت مصادر طبية في رفح أن عدد الشهداء في المحافظة تجاوز 135 شهيدًا وأكثر من 350 جريحًا جُلهم من المدنيين العزل، ومن بينهم نسبة كبيرة من الأطفال والنساء منذ أمس فقط. وتتعرض رفح لعمليات قصف بري وجوي عشوائي، طال أحياء لأول مرة يصلها "السلام، البرازيل، الشوكة، النصر، الجنينة، خربة العدس، الشابورة، مصبح، الشعوت، البيوك، عابدين، أبو حلاوة، التنور، البلبيسي، أبو الحصين، شارع جورج، الجرادات، مشروع عامر...". كما شنت الطائرات الحربية عددا قياسيا من الغارات، استهدف معظمها منطقة الأنفاق الحدودية مع مصر، وأراضي زراعية فارغة في الأحياء المذكورة، وطالت القصف كذلك مصانع ومخازن تجارية، ما أدى لاشتعال النيران بها. واستهدف القصف العشوائي منازل سكنية وأحياء مكتظة بالسكان لدى عودتهم لمنازلهم في أعقاب إعلان الأممالمتحدة عن وقف إطلاق النار والبدء بتهدئة إنسانية مدة 72ساعة. وتلت عمليات القصف قيام مجموعة من كتائب القسام الجناح المسلح لحركة "حماس" بعملية نوعية عبر نفق بالقرب شرقي رفح، ما أدى لمقتل عدد من الجنود الإسرائيليين وفقدان الاتصال بضابط في لواء جفعاتي العامل على حدود القطاع. وحسب مصادر طبية ارتكبت طائرات الاحتلال مجازر بأحياء "التنور، ومشروع عامر، والبلبيسي، والشوكة" بقصف منازل فوق رؤوس ساكنيها، واستهداف المارة بالطرقات بالتزامن مع القصف المدفعي. وحال ذلك دون تمكن سيارات الإسعاف من انتشال الجرحى. ومعظم الشهداء والجرحى هم من الأطفال والنساء، وتم نقلهم بسيارتي إسعاف فقط وعدد من السيارات المدنية، لعدم تمكن سيارات الإسعاف من الدخول لمناطق تواجد الشهداء بفعل القصف العشوائي،. ومضت ساعات النهار والقصف العشوائي متواصل وأعداد الشهداء والجرحى بازدياد مُتسارع. ومع حلول ساعات الليل، اشتدت الهجمة الشرسة على رفح من قبل الطائرات التي قصفت أكثر من 15 منزلاً فوق رؤوس ساكنيها، وارتقاء أكثر من 50 شهيدًا حتى ساعات الفجر، معظمهم من الأطفال والنساء من عوائل "الشاعر10 شهداء، زعرب21شهيدًا، النيرب 7شهداء، أبو سليمان 7شهداء، وغيث 3شهداء. ومع حلول ساعات مساء الأحد واصلت المدفعية قصف المناطق الشرقية، فيما واصلت الطائرات قصف المنازل وارتكبت مجزرة بحق عائلة البحابصة بحي السلام شرقي رفح بعد قصف منزلها واستشهاد خمسة من العائلة، ومنزل لعائلة أبو طه واستشهاد ثلاثة أطفال وسيدة وإصابة عدد أخر.