نظم معهد ثيربانتيس الرباط مساء أمس الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، لقاء فنيا وأدبيا مع الفنان التشكيلي الإسباني خوسي مانويل دارو، الذي قدم كتابا رقميا بعنوان "غرناطة.. سبع جنان" يتضمن حوارا بين لوحات تشكيلية وقصائد شعرية باللغتين الإسبانية والعربية. وقدم خوسي مانويل دارو المؤلف الرقمي عبر شاشة كبيرة يحرك فيها صفحات الكتاب انطلاقا من حاسوبه، حيث تجاوب الجمهور الحاضر مع قصائد شعرية لكبار الشعراء، خصوصا من العرب والإسبان، من أمثال رافاييل ألبيرتي وغادة السمان وأنطونيو ماتشادو وروبن داريو وابن زمرك وأدونيس وريلكه وخورخي لويس بورخيس وماريا ثامبرانو وسان خوان دي لا كروث وإلينا مارتين فيفالدي وفيديريكو كارسيا لوركا وخوان رامون خيمينث وابن الفارض وخوليا دي بورغوس ويوسا بوسون ورفائيل ألبرتي وأنطونيو نافاريط وخليل جبران ومارغريت بورسنار ومحمود درويش. وأمام كل قصيدة كانت تنتصب لوحة جميلة من لوحات خوسي دارو، التي رسمها من وحي القصيدة. وهكذا تميزت لوحات هذا الفنان "بسبع جنان"، قال إنها تعبير مجازي عن أشياء في الطبيعة يعتبرها ذات طابع فردوسي، كالماء وانعكاس المعمار على الماء والحدائق ومعمار قصر الحمراء بغرناطة، والحب الذي تعكسه رمانتان متلاصقتان في حديقة بيته...الخ. وتميزت لوحات الفنان الإسباني بجماليتها خاصة عندما يرسم الماء وسقطاته التي تختلف بين القوة والخفوت، إلى النباتات وبعض أجزاء الأزهار فضلا عن نوافذ قصر الحمراء وبعض بناياته وانعكاس بعض أجزائها الأخرى على صفحة الماء (حالة قاعة السفراء مثلا). وقال خوسي مانويل دارو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن رسمه كان يتم إما بتأثير من بعض شذرات قصيدة تحتفظ بها الذاكرة، أو أنه يصادف قصيدة كاشفة، يستمد منها بناء جسد اللوحة، مشيرا إلى أن تعامله مع الماء يتم عبر تمثل الماء كمفهوم وكفكرة أكثر منه كشيء فيزيقي. وبخصوص التقنية التي استعملها في الرسم، أشار إلى أنه يستعمل الصباغة الزيتية والحبر الصيني وماء الشاي والقهوة، وعصير الرمان فضلا عن ماء جميع المنقوعات الطبيعية التي تفرز ألوانا. يضم فهرس الكتاب الرقمي الذي قال صاحبه إنه مفتوح لكل من أراد المساهمة فيه من الشعراء، نصا لكارلوس فانولا تحت عنوان "كتابة الماء" و"أسرار الماء" لإيغناسيو إينارس كويللار و"ألعاب النور والظل والشفافية" لخوسي ميغيل بويرتا فضلا عن سيرة الرسام الذاتية والنصوص الإسبانية والأعمال الفنية. ويعتبر خوسي مانويل دارو الذي ولد في قرية "قلعة بني سعيد" بإسبانيا عام 1958، من أكثر رسامي إسبانيا الحديثة أهمية وحضورا عالميا. وبعد دراسته الفن في غرناطة، وسع آفاقه الجمالية أثناء إقامته بإيطاليا والولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد بدأ مشواره الفني بمعرض أقامه في غرناطة سنة 1986 توجه بعدها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أقام بعض المعارض الشخصية سنة 1989، في بعض المؤسسات والقاعات قبل أن يقصد سنة 1992 اليابان لإقامة بعض المعارض، كما عرض في نفس السنة أعماله لأول مرة في مصر (مركز الزمالك للفنون، وأخناتون غاليري بالقاهرة، ومتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية) وأقام معرضا بباريس (غاليري أزاهارعام 1999). وعلاوة على مشاريعه الجديدة في إسبانيا (غرناطة، إشبيلية، جيان ومدريد) وفي استوكهولم التي ينغمس فيها بفضاء العمارة، توجد كثير من أعمال دارو الفنية في المتاحف والمجموعات الفنية الإسبانية والعالمية كمتحف أكاديمية الفنون الجميلة سان فرناندو بمدريد، ومتحف مركز الملكة صوفيا للفنون والقصر الملكي بمدريد، ومتحف آر فروم سباين بهيوستون (الولاياتالمتحدةالأمريكية) ومجموعة كوزوتشي كوليكشن بآشيا باليابان، ومؤسسة فانسان فان غوغ بآرل (فرنسا) ومديرية اليونيسكو العامة بباريس، ومكتبة الفاتيكان بروما. ويمتاز عمله حسب الفهرست المصاحب للكتاب، بالتنوع التقني والجمالي الذي يشمل الرسم والحفر والألوان الزيتية التقليدية إلى جانب النحت والتصوير الفوتوغرافي والمعلوماتي. بكل تلك الأساليب يخلق الفنان عالما تشكيليا وتجريديا مستلهما من عشقه للأدب والفكر الذي يستنبطه من محيطه الطبيعي والثقافي الغرناطي.