تشكل الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والغابون في مجال الأسمدة ، التي تم التوقيع عليها، اليوم الخميس بليبروفيل، خلال حفل ترأسه بالقصر الرئاسي، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والرئيس الغابوني علي بانغو اونديمبا، وبما لا يدع مجالا لأدنى شك، المفتاح لثورة حقيقية خضراء بالقارة الإفريقية. هذه الشراكة الهامة مع الغابون، والتي تندرج في إطار التعاون جنوب جنوب، تستند إلى اندماج وتكامل حقيقيين للموارد الطبيعية بالبلدين وخاصة الفوسفاط والغاز. وتهم هذه المبادرة، التي ستعرف استثمار أزيد من ملياري دولار من أجل تفعيلها، إحداث وحدات لإنتاج الأسمدة في الغابون عبر إنجاز وحدة لإنتاج الامونياك ، انطلاقا من الغاز، ستعتبر الأولى من نوعها بهذه المنطقة، والتي ستزود بالدرجة الأولى الأسواق المجاورة ، علاوة على وحدة لإنتاج الأسمدة. وفي المغرب ستتجسد هذه الشراكة من خلال وحدتين لإنتاج الحامض الفوسفوري انطلاقا من الفوسفاط المغربي حيث تم بالفعل تحديد مصدره ألا وهو حوض اولاد عبدون بمنطقة خريبكة ، ووحدة أخرى لإنتاج الأسمدة. وقد حددت الطاقة الإنتاجية لهاتين الوحدتين، في حدود مليوني طن في أفق العام 2018 وهو ما يعادل تماما حجم الاستهلاك الحالي من الاسمدة في إفريقيا. وفي نفس الأفق سيمكن هذا المجمع الصناعي من تغطية ما لا يقل عن 30 بالمائة من الطلب العام للقارة من هذه المادة. وهكذا سيتم تسويق الاسمدة المنتجة بكل من المغرب والغابون بشكل مبدئي وأولي في السوق الافريقية ، وخاصة بلدان التجمع الاقتصادي لبلدان غرب افريقيا. وتعد هذه، أول مرة تضع فيها شراكة من هذا الحجم الهدف المتمثل في تحويل الموارد الطبيعية الافريقية وتثمينها محليا والاستجابة بالتالي لحاجيات الفلاحين من الاسمدة. ومن شأن هذه الشراكة التمكين من إبراز ريادة إفريقية حقيقية في مجال تثمين الفلاحة في قارة حوالي 80 في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة غير مستغلة وذلك من خلال مساهمتها في إنتاج أسمدة فعالة من الفوسفاط والأمونياك ملائمة لخصوصيات مختلف النظم الإيكولوجية للأراضي الإفريقية، ومماثلة للأنظمة الإيكولوجية الموجودة في قارات أخرى ، وكذا تثمين المؤهلات الفلاحية لفائدة التنمية البشرية المستديمة. ذلك أن القارة الافريقية تتوفر على كل المؤهلات من أجل تحقيق ثورة فلاحية ستمكن في الامد القريب من استهلاك أزيد من 10 مليون طن من الاسمدة مقابل نحو مليوني طن حاليا. وما يميز هذه الشراكة كونها تظل منفتحة على فاعلين اقليميين ودوليين سواء تعلق الامر بالفاعلين المؤسساتيين او التعاونيات ، وذلك في كل مراحل الإنتاج. وستساهم هذه المبادرة في إحداث أزيد من 5000 منصب شغل مباشر وغير مباشر في الغابون والمغرب. وستتم مواكبتها منذ البداية بمقاربة إرادية لاستباق حاجيات التكوين المهني بالنسبة للأشخاص المعنيين. وستتم مواكبة الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والغابون في مجال الأسمدة بتبادل للخبرات والتكنولوجيات والمعرفة في مجال التكوين بين البلدين حيث ستلعب كمثال على ذلك جامعة محمد السادس للبوليتيكنيك دورا أساسيا في هذا المجال عبر مدرسة التدبير الصناعي التابعة للجامعة.