حكاية تعاد فصولها يوميا باختلاف تفاصيل بسيطة من ذات لأخرى ، شخوص تدعي الإسلام حينا وتخفيه أحايين أخرى ، وفي كل نفس مآرب لا يعلمها إلا رب العباد ، ممارسات مغطاة برداء الدين شكلا وفي جوهرها تقية حتى النخاع ، يصعب تعداد مظاهرها لكثرتها ، بعضهم يرى الإسلام دينا مترهلا بدينا يعاني السمنة المفرطة وعليه أن يتبع حمية دينية تجعله مواكبا للعصر والأوان ليصير إسلاما نحيفا ورشيقا أو كما اصطلحوا عليه " الإسلام لايت " .. اسم يختزل نفاقا تزاوله جماعة بشرية تستوطن بلدي ، وتغييب تام للدين إلا من رحم ربي ، تهم ثقيلة كفيلة بإغراق المجتمع في براثين المداهنة الاجتماعية والفساد ما ظهر منه وما بطن ، حتى صارت تعاملاتنا مفعمة بالريبة والشك جراء انعدام الثقة والنظرة السوداوية اتجاه بعضنا البعض ، فتجدنا نحدث وننصح بما أنزل الله ورسوله ونحن أول العابثين والخارجين عن إرادته أو كما تركها الأولون " كعاهرة تحاضر في الشرف " .. للدين استعمالات متعددة حسب تعدد المقاصد ، فهناك من يراه قطارا للوصول إلى سدة الحكم والتلاعب بمفاهيم شتى أملا في إطالة مدة القعود على كرسي التسيير ، مستعينا بخبراته الطويلة في فن تزويق الكلام وتنميقه وإلباسه جبة الشيخ الزاهد الورع في الدنيا وملذاتها الطامع في الآخرة ومتاعها ، صنف يستلهم من علم اللغة الحشو والإطناب ، مستهدفا العواطف والأحاسيس لشريحة كبيرة من بسطاء القوم فهما ، صنف يتناسى قوله تعالى " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " .. طبقة أخرى رأت في " تقنين " الدين واقتصاره على المساجد والجلسات الدعوية ، حلا ربما سيقيظ حس العامة بدنياهم بدل ربط مصائرهم بغيبيات غير ملموسة ، حسب رأيهم ، رأي جعلهم يدخلون خانة " العلمانيين " ممن يطالبون بفصل الدين عن الدولة وسيادة المدنية ، متناسين ومتغافلين أن الإسلام جاء رسالة جامعة مانعة ، رغم النواقص التي يبنون عليها أطروحاتهم والتي تكون في الغالب من صنيعة البشر ، إلا أن بعضهم يحاول بشتى الوسائل إظهار الإسلام دينا همجيا معاديا للإنسانية معتمدا في ذلك على تاريخ تتضارب الأقوال في صحته وتختلف الروايات في حياكته .. فعل يبين بجلاء الخبث والحقد الدفين لهؤلاء في معاداة الدين .. و آخرون لايجمعهم مع من سبقوهم إلا الخير والإحسان ، لايحشرون أنفسهم في الحسابات الضيقة ويفرون صوب معتقداتهم وقت الشدائد والمحن ، عاملين بمضمون الآية الكريمة " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " ، مطبقين لها في فترة الغم والكرب وتاركيها بعد انفراج الحال بعودتهم لمؤانسة " الشيطان " في خلوته ، لنا في هذا أمثلة لا حصر لها ، ورمضان حجة دامغة لما فات من كلمات ، فنجد المساجد ملئ تغص بالمتعبدين الخاشعين المتضرعين ، و ما إن ينقضي الشهر حتى ترى جحافل المصلين صارت زمرا قليلة لا تكاد تكمل صفين إلا ثلاث في أحسن الأحوال .. أما المثل الأخر فأضربه بطلبة العلم ممن يتذكرون الشرع إبان اجتيازهم الامتحان ، فتجدهم مواظبين في طوابير على إقامة الصلوات الخمس مجدين ومكدين في زيارة المساجد جيئة وذهابا بعد كل أذان ، محصنين علمهم بتلاوة الأدعية ومتابعة الشيوخ والاستماع إلا الابتهالات الدينية في كل وقت وحين ، وبانقضاء فترتهم العصيبة يعودون إلى سابق عهدهم مؤمنين أن " النية أصدق من العمل " . نوع أخر يختار الجهاد " الإلكتروني " ويرى فيه مناصرة للدين ، فتجده تارة ناهيا وتارة محذرا وتارة إرهابيا بلغة الوعيد ، فكل ما يقع في نظره حرام وبحثه الحثيث دائما داخل الفواكه والخضر منقبا على لفظ الجلالة ، معتبرا إياه إعجازا علميا ومسجلا بذلك براءة اكتشافه بصور ينثرها هنا وهناك على صفحات المنتديات والمواقع ، وهو جاهل حتى بمكان القبلة ومتلهف لوضع " القُبْلَة " بين شفتاي كل من يعترض سبيله سواء كان ذكرا أم أنثى .. هي كما قلت في البداية حكايات تشهد على واقع مريض نحياه ونكرسه بثقافة " مكاين باس " ، لكن إلى سيظل نفاقنا الديني مستمرا ؟؟ أم عاهدنا أنفسنا أننا سنظل بتشوهاتنا إلى أن نلتقي هناك .. ماذكر لست في منأى عنه وأعتبر أحد المخطئين والمذنبين والممارسين للتقية في أوقات معينة لكن المراد هو الإقتداء والتطبيق الصحيح والقويم بدل الإيمان ب " الإسلام لايت " ..