إن ما يجري في سائر أيام السنة، من استعمال مفرط لمكبرات الصوت، المنصوبة في أعالي الصوامع، وما يمارس، بالخصوص، في شهر رمضان المبارك، من مبالغة لا محدودة، في استعمال لا علاقة له لا بالإيمان، ولا بالإسلام، كما أنه لا علاقة له بالمعاملة الحسنة، مع الناس بصفة عامة، ومع من يسكن في الحي الذي يوجد فيه المسجد بصفة خاصة. فالمسلمون الأوائل، لم يعرفوا إلى مكبرات الصوت سبيلا، والذين صنعوا تلك المكبرات، لا يومنون لا بالإسلام، ولا بالمسيحية، ولا باليهودية، وقد يومنون بإحدى هذه الديانات، ولكنهم لم يصنعوها من أجل الآذان، أو من أجل إسماع صوت صومعة الكنيسة، أو البيعة، بقدر ما صنعوها لشيء آخر، لا علاقة له لا بالإيمان، ولا بالإسلام، ولا بالصوامع في الجوامع، أو في الكنائس، أو في البيع. وإذا كان الدين الإسلامي وسطيا، ومعتدلا، فإن استعمال مكبرات الصوت في الجوامع، وعلى أعلى الصوامع، لا علاقة له لا بالتوسط، ولا بالاعتدال، بقدر ما له علاقة بالإفراط، الذي يحولها إلى أبواق مزعجة للسكان، الذين منهم المرضى، والعجزة، والأطفال. وهذا الإفراط، الذي يلجأ إليه مستعملو تلك المكبرات الصوتية، تترتب عنه أمور تسيء إلى الدين الإسلامي، الذي يتحول، عن طريق تلك المكبرات، إلى دين للإرهاب، الذي ينتفي في إطاره التسامح، والمودة، والإخاء، وبث القيم النبيلة في المجتمع: 1) تدنيس القرءان الكريم، أثناء دخول البعض إلى المرحاض في بيته، أو في خارج بيته، أو حتى غي مرحاض المسجد، وهو يردد مع الإمام آيات الذكر الحكيم. ونحن نعلم أن القرءان الكريم نفسه، يتضمن آية كريمة تقول: (لا يمسه إلا المطهرون)، وقس عليها: لا يقرأه إلا المطهرون. 2) إزعاج المرضى، والعجزة، والأطفال، وعامة الناس، بمن فيهم المصلون، الذين تذهب عنهم قوة صوت مكبر الصوت، الخشوع أثناء الصلاة. 3) إزعاج الأطفال، الذين يفزعهم ارتفاع صوت مكبرات الصوت، لتنعدم بذلك راحتهم، التي تمكنهم من النمو الجسدي، والعقلي، والوجداني، والطبيعي. وهو ما يترتب عنه انحراف ذلك النمو، عن مساره الطبيعي، في حياة الطفل، الذي لا يدرك مصدر الإزعاج، الذي يصيبه، فيستيقظ من عمق نومه، ليجعل أبويه يفقدان بدورهما راحتهما، بسبب قضاء الليل بدون نوم، خوفا على طفلهما. 4) التباهي بحسن القراءة، عن طريق مكبرات الصوت، من أجل حشر مصلي التراويح، وراء الإمام، الذي يجيد القراءة، ويجودها، ولا يرتلها، كما جاء في القرءان الكريم: (ورتل القرءان ترتيلا)، لأن التجويد يصرف المستمع إلى التذوق، والترتيل يصرفه إلى التخشع، والفرق كبير بين أن نتذوق، وأن نتخشع. وهو ما يدل على أن الإمام، بتجويده للقرءان الكريم، يصير أكثر تأثيرا في المسلمين، من غيره، وعلى المستوى الوطني. 5) تنمية الاستعداد، للدفع أكثر، ليلة القدر، من أجل أن يضمن الجنة يوم القيامة. 6) إيهام المصلين، بأن صلاة التراويح جماعة، تضمن الجنة يوم القيامة، فكأن الإمام علام الغيوب، مادام ذلك رهينا بإرادة الله، وليس بعمل الإنسان، أو بتوهيم إمام الصلاة، ومسمعه، اللذين يزعجان وبمكبرات الصوت المصلين، والشيوخ، والمرضى، والأطفال في بيوتهم. 7) تكريس الاعتقاد، بأن المداومة، على حضور صلاة التراويح، تغفر الذنوب جميعا، مع العلم أن معظم من يحضر لصلاة التراويح، يساهم في تكريس الفساد الإداري، والسياسي، ويمارس كافة أشكال الفساد في الحياة العامة، وفي الحياة الخاصة. 8) تكريس الاعتقاد، بأن الاستغراق في الصلاة، في أيام شهر رمضان، تغني عن الاهتمام بالعبادة في باقي أيام السنة القمرية، وهو اعتقاد خاطئ من أساسه، لأن أيام الله واحدة، وكل ما في الأمر أن شهر رمضان مخصوص بالصيام، وأوقات جميع أيام السنة مخصوصة بالصلوات الخمس، وشهر ذي الحجة مخصوص بفريضة الحج، وملك النصاب يستلزم فريضة الزكاة. وهو ما يعني: أن جميع العبادات متساوية عند الله، والتفاضل بينها غير وارد. وإلا فإننا سننسب إلى الله ما ليس من عدله. وإذا تناهى إلى علمنا، أن الدين الإسلامي هو دين الرحمة، كما يقول الوعاظ في دروسهم الدينية، ودين الاعتدال، فإن ما يجري الآن باسم الدين الإسلامي، لا علاقة له لا بالرحمة، ولا بالاعتدال. فدين الرحمة، كوصف للدين الإسلامي، يقتضي من المسلمين، وانطلاقا من النص الديني الثابت بالتواتر، أو الصحة، أو حتى الحسن، أو القبول، ما لم ينسخ، أن يتراحموا فيما بينهم، وفيما بينهم، وبين غيرهم، من غير المسلمين، مهما كان دينهم، أو الذين لا علاقة لهم بالدين؛ لأنه في تلك الرحمة، يكتسب الدين الإسلامي مكانته الخاصة، والرفيعة، والهادفة إلى التأثير في الواقع، والتأثر به في نفس الوقت، في إطار عملية التفاعل الشاملة، التي يتحقق في إطارها مجتمع الإنسان، كقيمة مثالية فوق المعتقدات، وفوق الكيانات المختلفة، وفوق اللغات، مما يجعل الإنسان قيمة أساسية، ضرورية لتحقيق وحدة المجتمع، على مستوى الدولة الواحدة، ووحدة المجتمع الإنساني على المستوى العالمي. ودين الاعتدال، كوصف، كذلك، للدين الإسلامي، يقتضي من المسلمين أن يحرصوا على الوسطية، في كل شيء، وأن يتجنبوا التطرف اليميني، أو اليساري، وأن يعملوا على تحقيق الاعتدال في المعتقد، وفي المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى لا يتحول الدين الإسلامي إلى دين للإرهاب، ومن أجل أن يصير جميع أفراد المجتمع، في خدمة المجتمع، وفي خدمة ما يحقق سلامة المجتمع، من كل ما يسيء إلى سلامة المجتمع، على مستوى إقرار حرية الاعتقاد، والحرص على ضمان تمتيع جميع أفراد المجتمع، بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، باعتبار تلك الحقوق، وسيلة لتجسيد الاعتدال على أرض الواقع. ولذلك، فاعتبار الدين الإسلامي، دينا للرحمة، والاعتدال، يفرض على المسلمين أن يتجنبوا التطرف، وأن يعملوا على مقاومة كل أشكاله، المفضية، بالضرورة، إلى ممارسة كافة أشكال الإرهاب المادي، والمعنوي، على جميع أفراد المجتمع، لتأبيد الاستبداد القائم، أو لفرض استبداد بديل. وإذا كانت ممارسة الإرهاب لا تختلف من مستوى معين، إلى مستوى آخر، فإن تلك الممارسة مرتبطة بمستوى التطرف، ونوعيته، وطبيعة الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. فالتطرف الديني المخزني، الذي ارتقى إلى مستوى احتكار المؤسسة الدينية، وفرض وصايته على الدين الإسلامي، الذي تحول، بفعل ذلك، إلى مستوى التوظيف في الأمور الأيديولوجية، والسياسية المخزنيتين، مما يجعل المسلمين المغاربة، يعتقدون أن ما تمارسه المؤسسة المخزنية، وما توجه به الدين الإسلامي على المستوى المغربي، هو الإسلام الحقيقي. وهذا الاستئثار المخزني بالمؤسسة الدينية، وبالتوجيه الديني الإسلامي، هو الذي يقف وراء تشجيع، ودعم استعمال مكبرات الصوت المزعجة، في مختلف المساجد، وعلى كل المآذن، والتي تعد بعشرات الآلاف، لممارسة إرهاب جميع أفراد المجتمع، الذين يفقدون حقهم في الراحة، والاطمئنان، بسبب المبالغة في مضاعفة أصوات، وعدد مكبرات الصوت، التي لا داعي لها أصلا، ما دام الحريصون على حضور الصلوات الخمس في المساجد، يحضرون، ودونما حاجة إلى استعمال مكبرات الصوت، لتنبيههم إلى ذلك. وإلى جانب الاستئثار المخزني بالمؤسسة الدينية، وفرض وصايته على الدين الإسلامي، وتوظيفه أيديولوجيا، وسياسيا، فإن الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تعمل، بدورها، على فرض وصايتها على الدين الإسلامي، وتستغله أيديولوجيا، وسياسيا، تسعى إلى تأبيد الاستبداد القائم، أو العمل على فرض الاستبداد البديل، كما يحصل في المغرب، وفي كل بلدان المسلمين، حيث يتحول الدين الإسلامي إلى دين جماعي، يعطي الحق للمنتمين إلى الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، لمراقبة الشأن الديني، لينازعوا بذلك المؤسسة المخزنية، في الوصاية على الدين الإسلامي. ومعلوم أن الدين الإسلامي، لا يصح إلا باعتباره شأنا فرديا، بدليل أن الإيمان به، لا يكون إلا شأنا فرديا، وأن السؤال عنه يوم القيامة، لا يكون إلا شأنا فرديا، والشأن الفردي، لا دخل للجماعة فيه، ولا يمكن لأجهزة الدولة المخزنية، أن تتدخل فيه، ولا يمكن للأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، أن تتدخل فيه، كذلك، حتى لا يتحول إلى دين قسري، كما هو حاصل الآن. والقرءان الكريم، عندما أورد قول الله: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر)، لم يورده هكذا، من أجل التظاهر؛ لأن التظاهر ليس من شيم الدين الإسلامي، بل من أجل الإقرار بواقع يجب أن يتجسد على أرض الواقع، وهذا الإقرار، الذي يحمله النص المذكور، هو الذي تغيبه الدولة المخزنية، كما تغيبه الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، الذين يعتبرون أن الإيمان بالدين الإسلامي، يجب أن يقوم على حد السيف، حتى وإن كان الإيمان به شأنا فرديا، مما يحول الإيمان به إلى شأن جماعي، يعطي الحق للأوصياء عليه، من أجل فرض الإيمان به بالقوة. وهو ما يترتب عنه: اللجوء إلى استعمال مكبرات الصوت، المزعجة للمرضى، والعجزة، والأطفال، وغيرهم، ممن لا يتحملون ذلك الإزعاج، لفرض سماع الآذان، وتكبير الصلاة، وخاصة صلاة التراويح، وقراءة القرءان أثناء الصلاة. وكل من رفض ذلك الإزعاج، يعتبر كافرا، وملحدا. وهما صفتان / سلاحان، يوظفهما المخزن، وعلماؤه، وتوظفهما الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، لإرهاب جميع أفراد المجتمع. واستعمال مكبرات الصوت، ليس إلا شكلا من اشكال الإرهاب، المسلطة على رقاب جميع أفراد المجتمع، الذين يرغمون على ممارسة النفاق الديني، وخاصة في عهد (حكومة بنكيران (الإسلامية)). والقرءان الكريم، كذلك، عندما أورد قوله تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه، فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه، وأما من أتي كتابه بشماله، فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه). ولم يورده، هكذا، من أجل بيان مصير الإنسان، بل من أجل التأكيد على أن الإيمان بالدين الإسلامي، شأن فردي، سواء تعلق الأمر بالحياة الدنيا، أو بيوم البعث والنشور. واعتبار الدولة المخزنية، ومعها الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، بأن الدين الإسلامي، بالخصوص، شأن جماعي، وبأن الوصاية عليه من بين مهام الدولة المخزنية، ومهام الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي. وهو ما يجعل هذه الجهات، تدعو إلى المبالغة في استعمال مكبرات الصوت، من أجل حشر المسلمين وراء الإمام في المساجد، تبعا لحشرهم وراء الحكام، ووراء الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي؛ لأن الغاية التي تقف وراء أدلجة الدين الإسلامي، من قبل الدولة المخزنية، ومن قبل الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، هي حشر، وتجييش المسلمين وراء الدولة المخزنية، ووراء الأحزاب المذكورة، من أجل تأبيد الاستبداد القائم، أو من أجل فرض استبداد بديل. وإذا تبين لنا: أن الدين الإسلامي شأن فردي، كبقية الأديان الأخرى، بنص القرءان، فإن اللجوء إلى اعتماد مكبرات الصوت، خلال الصلوات الخمس، وخلال شهر رمضان الموصوف بأنه شهر كريم، يعتبر من باب الحرص على إرهاب المسلمين، وإرهاب أطفالهم، ومرضاهم، وعجزتهم ممن لا يقوون على الذهاب إلى المساجد، والذين يعتبرون أنفسهم مذنبين، بسبب عجزهم عن الحضور في صلاة الجماعة، وفي صلاة التراويح، بحكم العقلية المخزنية، وعقلية الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي. وهو ما يتنافى مع حقيقة الإيمان، وحقيقة الإسلام، كما وردت في النص الديني. وذلك الإرهاب، لا يكون إلا من أجل فرض اعتبار الإيمان بالدين الإسلامي، شأنا جماعيا، لتجد الدولة المخزنية، ومعها الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، منفذا يمرون منه جميعا، لمراقبة الممارسة الدينية، على مستوى المعتقد، وعلى مستى أداء الشعائر الدينية وعلى مستوى كثافة المساجد وعلى مستوى استعمال مكبرات الصوت، في كل المساجد، والمبالغة في ذلك الاستعمال، تكريسا لإرهاب جميع أفراد المجتمع، أنى كان لونهم، أو معتقدهم، أو لغتهم. وهو ما يعني: أن إرهاب جميع أفراد المجتمع، يعتبر غاية في حد ذاته، وهو ما يعني، أيضا، تكريس القول القديم / الجديد: أن الدين الإسلامي قد قام على حد السيف، فإما أن تكون مسلما، وبالطريقة التي تراها الدولة، التي تعتبر نفسها دينية، وبمذهبها، ويراها مؤدلجو الدين الإسلامي، فإن السيف المادي، أو المعنوي، سوف يسلط على رقبتك، من قبل أناس يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين الإسلامي، الذي لا وصاية عليه من قبل أي كان، عندما يدعي ذلك، ممن يمكن تسميتهم بالمتنبئين الجدد، في زمن استحال فيه ظهور الأنبياء، والرسل، منذ مات محمد عليه الصلاة، والسلام، الذي أدى مهمة تبليغ الرسالة إلى الناس جميعا، قبل أن يموت، بعد أن تلقى قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا). وقد عرفنا بعد ذلك: أنه لا يقبل أبدا، أن يعتبر أي كان نبيا، أو متنبئا؛ لأن العلاقة بالله تعالى، انتهت بموت الرسول، الذي اعتبر آخر الأنبياء، والرسل. غير أن اعتماد أدلجة الدين الإسلامي، ترتب عنها ظهور من يمكن تسميتهم بالمتنبئين الجدد، الذين أعطوا فهما جديدا للدين الإسلامي، جعلهم يفرضون اللجوء على استعمال مكبرات الصوت، التي لم تظهر إلا مع ازدهار الاختراعات الحديثة. وهو ما يعني: أنها ليست من الإسلام في شيء، ولا علاقة لها بأداء الشعائر الدينية. فمكبرات الصوت الدينية، المعتمدة في مختلف المساجد، مهما كان عددها، هي ممارسة تحريفية للدين الإسلامي. فماذا يقول علماء الدين الإسلامي، ممن سماهم القرءان بأهل الذكر، الذين يتم الرجوع إليهم من قبل العامة، لمعرفة ما يتعلق بأمور دينهم، في إزعاج الأطفال، والمرضى، والعجزة، بمكبرات الصوت؟ وماذا يقولون في إنسان يتغوط في مرحاض بيته، أو في أي مرحاض آخر، عمومي، أو خصوصي، أو حتى في مرحاض المسجد، وهو يقرأ مع إمام صلاة التراويح، الآيات التي يتلوها أثناء أداء نافلة التراويح؟ أليس ذلك تنجيسا للقرءان الكريم، الذي قال فيه الله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون)؟ أليست مكبرات الصوت، هي التي تؤدي إلى تنجيس القرءان الكريم؟ ألا يستحق منا القرآن الكريم، الذي هو كتاب الله، أن نحترمه، وأن نتجنب تنجيسه؟ وإذا كانت الصلاة تؤدى في المكان المخصص لها، الذي هو المسجد. فلماذا توضع عدة مكبرات للصوت في أعلى الصومعة، من أجل استعمالها لإسماع سكان المدينة، أثناء أداء صلاة التراويح؟ فلماذا لا يكتفي القيمون على ذلك، بتشغيل مكبرات الصوت الموجود داخل المسجد، دون أن يلجأوا إلى تشغيل مكبرات الصوت فوق الصومعة؟ وما رأي السلطات المسؤولة عن الشأن الديني، في هذه الممارسة، التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي؟ وما رأي السلطات الإدارية، والأمنية، في لجوء القيمين على المساجد، إلى إرهاب جميع أفراد المجتمع، عن طريق اعتماد مكبرات الصوت، انطلاقا من المساجد، أثناء أداء نافلة صلاة التراويح؟ لماذا لا تحرص هذه السلطات، على توفير الأمن لكافة الناس، بمن فيهم المرضى، والأطفال، والعجزة؟ هل تخاف هذه السلطات، أن توصف بالكفر، والإلحاد، من قبل مستعملي تلك المكبرات في المساجد، وخاصة في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، المعتبرة حكومة إسلامية؟ والخلاصة، أن ما يجري في المساجد المغربية، في شهر رمضان، لا علاقة له لا بالدين الإسلامي، ولا هم يحزنون، ولا يمكن تصنيفه إلا في إطار ممارسة الإرهاب على جميع أفراد المجتمع المغربي، بدل العمل على تحريره من كل أشكال الإرهاب، الممارسة يوميا، من قبل المسؤولين على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. لقد آن الأوان لوضع حد لكافة أشكال الإرهاب، التي من بينها الاستعمال الهمجي لمكبرات الصوت، من قبل القيمين عليها، ممن لا يعرفون لا معنى الإيمان، ولا معنى الإسلام، حتى يشعر جميع أفراد المجتمع بالراحة، والطمأنينة، ومن أجل أن تحضر الإرادة الحرة، في الحضور إلى المسجد، لأداء الشعائر الدينية، وأن لا يجبر الناس على الحضور قسرا، لأجل ذلك؛ لأن الدين ليس للمجتمع، بل هو للأفراد المتدينين، في علاقتهم بالله، بدليل قوله تعالى: (وأن المساجد لله، فلا تدعو مع الله أحدا)، ودون استعمال مكبرات الصوت، التي يخالطها الرياء. والرياء يبطل إخلاص العبادة لله، كما جاء في قوله تعالى: (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس، ولا يومنون بالله، واليوم الآخر، كمثل صفوان عليه تراب، فأصابه وابل، فتركه صلدا، لا يقدرون على شيء مما كسبوا). وهؤلاء المشار إليهم في الآية الكريمة، يقاس عليهم من ينفق الأموال تظاهرا، في شراء مكبرات الصوت، من أجل استعمالها في المساجد، أو حتى لبناء المساجد، نظرا لكون عمل الإنسان المتظاهر، لا يمكن أن يعتمد إلا في إطار التظاهر بالنفقة، من أجل أن يشهد الناس بذلك. فهل نحن في حاجة إلى المتدينين المتظاهرين بالتدين؟ وهل نحن في حاجة إلى كثرة المساجد، وكثافة مكبرات الصوت المستعملة فيها؟ أم نحن في حاجة إلى كثرة المدارس، والجامعات، وإعداد الأطر الخاصة بالتدريس، وإيجاد المعامل، لتشغيل العاطلين، والمعطلين؟ إن المجتمع يعاني من الاستعمال المفرط، الذي تجاوز حد الاعتدال لمكبرات الصوت، وعلى السلطات المعنية، أن تتدخل للحد من ذلك. ألا تعمل من أجل راحة الأطفال، والمرضى، والعجزة؟ أم أنها تعتبر ممارسة هذا الشكل من الإرهاب، الذي لا علاقة له بالدين الإسلامي، يساهم في تدجين جميع أفراد المجتمع، الذي يعتبر من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها؟ محمد الحنفي [email protected]