الحلم فعلا يتحقق , اندثار الأخلاق , توديع من نوع خاص لمبادئ و تقاليد توارثناها عن أجدادنا , المجتمع المادي بامتياز ,رهان تحقق عن جدارة و استحقاق , أصبح كل شيء يسير بديماغوجية كبيرة أقصد المجتمع و ليس سريالية حكومتنا التي دائما تمتعنا بما هو جديد , و على رأسها صيحة الشكلاطة التي أحدثت ضجة إعلامية بكل المقاييس في حين لم تحرك أي جهة مكلفة بالمحاسبة للأسف. إننا مثل الذي ينظر للحكيم الذي يشير بإصبعه للقمر في حين ننظر إلى أصبع الحكيم و نترك الرؤيا في القمر الذي هو أهم مضمونا . هذا ما يحدث ألان في حجب ما هو حقيقي , الشكلاطة مجرد عينة صغيرة فيما يجري في الكواليس , تكتيكات وزارية للظفر باستقرار مادي يغني عن سنوات التعب المهني الظاهر على الأوراق و الغائب عن الواقع . واقعنا ليس في شكلاطة من النوع الفاخر أو شقتين في باريس أو أموال مختلسة و مهربة إلى بنوك سويسرية , واقعنا ليس مستوى العيش الذي تحلمون به و الذي تجاوزتم تحقيقه أكثر مما توقعتم , تطفون فوق عواطف الشعب و تشبعون رغباته بالكلام المعسول و الذي حلموا بجزء قليل بما تعيشونه ليس كما تظنون , لا تماما , بل العيش الكريم المكفول بحقوق و حريات و عدل الذي تناشدون به في جل خطاباتكم , واقعنا هو الذي يدفع مراهقات في مقتبل العمر لممارسة العهر مع شيخ بلغ من العمر عتيا , لا تطيق حتى رائحته النجسة بخباياه الحيوانية و الغريزية مقابل دريهمات قليلة ربما تحاول بها أن تعيل عائلتها الفقيرة التي تسكن بأميال عن مكان خلوتها برفقة شيخها و شيشتها المؤنسة و المختلفة شكلا من جمر فوق برتقالة أو أناناس, ممزوجة بموسيقى صاخبة تثير الاشمئزاز و في نفس الوقت الشفقة لضحية الفقر الذي قادها هنا , هذا هو عالمهم الخاص و المظلم يجتمع فيه ذوي النية الحسنة و السيئة , أغنياء رجال و نساء يتطلعون للجنس بمختلف أنواعه , اللطيف منه و الشاذ و أخريات فقيرات ينتظرن فرصة الرضا و النوم في أحضان غريب جمع بينهم المال فقط , في حين عائلات تفتقر لأبسط الأشياء الضرورية منها من هزمها البرد القارص حينما تفتقد دفئا يكفل راحتها , و منها من حاولت كسب قطعة رغيف بمشقة لإعالة أطفالها , منطق آخر للأخلاق التي ترعرعنا بين ذراعيها, زمن الحشمة قد ولى و صار ما هو أجدر بالمصاحبة تحت ظرف الضغوط المادية , هذا هو واقعنا عندما يستنزفون أموالنا للاستمتاع بها في المنتجعات السياحية و اللهو في جزر لا نسمعها إلا في وسائل الإعلام أو في دروس الجغرافيا . أمثلة كثيرة عن الفساد الذي تعيشه بلادنا, كشفت جل الأوراق , هذا ما حصل في قصة 'ابا ايجو' في مدينة تيزنيت و التي ضربت مثالا صغيرا لما يحدث من طغيان و بطش و تلاعب بالقانون و القضاء بصفة عامة على أيدي جبابرة يصنّفُون ضمن قدافيات العصر هذا واقع لا مفر منه في مجموعة من القرى من اغتصاب أراضي الضعفاء وصولا بسلب كرامتهم , هذه هي حقيقة كل ضعيف أمام القضاء في بلد العدل و الحريات . أساتذة يتظاهرون و يقمعون و يتعرضون لمختلف أنواع الإهانة و الضرب , و تلاميذ بدورهم يضربون و يخرجون في مسيرات تنديدا ببرنامج مسار الذي وضعته وزارة التعليم منهم لا يعلم حتى ماهو هذا البرنامج و الهدف منه , هذا من أجل النهوض بهذا القطاع كما يزعمون, و بالنسبة لي أراه مثل 'العكر فوق العفن' , إصلاحات لا تمت للواقع بأية صلة لأن المشاكل الحقيقية تكمن في الاكتضاض الذي وصلت إليه المؤسسات التعليمية , و فك العزلة عن العالم القروي ببناء مدارس تمكن من الولوج لحق التعلم بأسهل الطرق , فكيف نأمل خيرا من تلميذ يقطع أميال لطلب العلم ؟ , أين هي الإصلاحات الجذرية ؟ هذا البرنامج المثير للجدل حسب تصريحهم يمكن أباء و أولياء الأمور من تتبع نقاط الامتحانات لأبنائهم , و الواقع يقول أن بعض الأسر تفتقر لأبسط الأشياء فما بالك بحواسيب داخل البيوت , و ما محل الآباء الأميين من الثورة التكنولوجية ؟ و كيف يمكن لأغنى شركة في العالم مثل 'مايكروسوفت' لخوض رهان مع وزارة التعليم , هذا يوحي فقط على صفقة ربحية كبيرة لهاته الشركة, أما بالنسبة للأساتذة الفاسدين الذين بنو ثرواتهم من الساعات الإضافية فسيمكنهم برنامج مسار من التصحيح بالحبر الأزرق عوض الأحمر , ليس تعميما فمازال أساتذة يؤمنون بشرف هاته الرسالة النبيلة , أٌقصد فقط الذين يستعملون مثل هاته الحلول المنهجية كالذين يشيًدون البنيان دون أساس , لأن واقعنا مختلف تماما عن واقعهم .