يثار نقاش كبير وعقيم حول حول اللغة العربية التي تلقب بلغة الضاد عند القدامى والمحدثين ومفاد هذا النقاش هو الطعن في لغة عجزت كل لغات العالم أن تتساوى معها في عظم شأنها فهي لغة آخر معجزة شهدتها البشرية ضمن الكتب السماوية، أي لغة القران الكريم يقول الله تعالى في سورة الأحقاف" وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ"الآية، يتكلمها ما يقارب 500 مليون متحدث عبر العالم فهي لغة العلم والمعرفة والطب والفلسفة وغير ذلك من شؤون الحياة. تعتبرها إسرائيل عدوة المسلمين لغة رسمية الى جانب اللغة العبرية وينظر إليها بعض المسلمين أنها لغة التخلف والانحطاط ، تشن ضدها حروب بالوكالة بدأت معالمها بالتتريك والفرنسة... وعند فشل المؤامرة اعتمدت الدارجة أوالعامية كإحدى الطرق الجديدة للحرب عليها. فبعد ما كانت الأفلام والرسوم المتحركة تتم متابعتها عبر كثير من الشاشات في أوطاننا بالعربية نرى هناك يقظة جديدة تحاول استخدام العامية حتى لا يتأتى لأي أحد تعلم لغة الضاد. فما هي إذن أبعاد الحرب على لغة الضاد؟ إن الحرب المعلنة من العديد من الجهات على لغة الضاد لهي تعبير عن فشل استهداف اللغة العربية وتعبير صريح على نوايا خبيثة تسعى لتدمير رموز هويتنا لاسيما اللغة التي تعتبر أداة التعلم والتواصل بين البشر. فالعربية التي تعد محورا مركزيا في تاريخ وهوية الإنسان بالشمال الإفريقي والشرق الأوسط ما زالت هي لغة المجد ولغة الحضارة وبدونها يمكن تزييف كثير من شعوب المنطقة، فالعربية هي لغة الصدق في نقل الأخبار وتاريخ الدول والأمصار وهي لغة العبادات وقارئ القران وعندما يعلن الاستعمار الحرب على هذه اللغة فانه يعلن الحرب على ما تبقى من هوية شعوب المنطقة ويسعى الى تدمير كل شئ اسمه هوية الإنسان الإفريقي. نعلم يقينا أن الحرب الحضارية التي يقودها الغرب ضد حضارتنا بدت جلية عندما نفذت أمريكا أول ضرباتها كانت لأرشيف وزارة الثقافة العراقية. ونعلم أن نقوشا أثرية بيعت في دول أوروبية وغربية يعود أصلها الى بلاد لغة الضاد. هكذا تتواصل الحرب الحضارية التي تأتي في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير التي تقوده أمريكا في الشرق الأوسط وتتزعمه الفرانكفونية في الشمال الإفريقي. يعتقد كثيرون من بني جلدتنا أن الصراع اليوم قائم بين العربية واللغات المحلية، لكن في الحقيقة أن الصراع هو بين الهوية الجامعة للمنطقة التي لخصها الشيخ بن باديس رحمه الله في الأصل الأمازيغي والدين الإسلامي واللغة العربية. فهذه العناصر التي تشكل في مجموعها هوية الإنسان المغربي تتعرض لحرب كبيرة بدأت بمحاولات الاستعمار خلق التنافر بين الإنسان الأمازيغي والإسلام لكنه فشل في سن ظهير التفرقة العنصرية عام1930. وهاهو يعيد الكرة اليوم عن طريق أذياله في المنطقة، نعم نريد لغة عربية قوية بمستوى الذات المفكرة والعالمة مثل المختار السوسي ونريد أمازيغية تعلم لأجيالنا وتحظى بمكانة تليق بتاريخنا ولسنا ضد تعلم جميع اللغات لكننا ضد الإقصاء وكل ما من شأنه تدمير هوية الإنسان وإلغاؤه. إن دعوة استخدام العامية في طلب المعرفة هي مرحلة ممهدة للوصول الى أمل المستعمر خصوصا أن العامية مليئة بمفردات ثقافته كما أنها مرحلة ممهدة للقضاء على العربية كلغة لحفظ القران الكريم وتدريس العلوم ذات الصلة، أما ادعاء تقريب الخطاب أو أي شيء من هذا القبيل فانه يدخل ضمن التقية المعتمدة في تمرير الخطاب الاستعماري الجديد، خصوصا أن هذه الدعوة تركز على العامية ولا تشير الى الأمازيغية أو الحسانية مما يعبر بشكل صريح على نوايا الحرب الحضارية التي تريد أن تنال من العربية تمهيدا لتدمير المقدس.