يوسف الإدريسي – نور الدين الطويليع لعلّ المتتبع للشأن المحلي سيدرك تمام الإدراك أن الإقليم تعاني ساكنته في صمت رهيب يجسد نوعا نادرا من التأقلم والرزوح تحت وطأة التهميش والإذلال، بالرغم مما قيل وما تم الترويج له على قدم وساق من أن المدينة ستعرف طفرة تنموية بمجرّد تحوّلها إلى عمالة، إذ أصبح مستوى التنمية لا يبرح حدود حروف مصطلح “تنمية”، وأضحى صوت المواطنين عبر صفحات المنتديات التواصلية والكتابات الصحفية لا يخترق الأبواب الضخمة لمقر بناية العمالة، رغم أن الجميع يعلم علم اليقين أن سعاة الخبر ينقلون كل كبيرة وصغيرة إلى مكاتب صناع القرار بالإقليم. والمؤكّد أن المواطن اليوسفي يبتغي من خلال هذه السجالات إيجاد الحلقة المفقودة بينه وبين القيّمين على الشأن العام، كونه قوة اقتراحية تبادر إلى إنتاج أفكار تقييمية وتساهم بأسلوب نقدي بنّاء بغية مراقبة الأداء التدبيري وبالتالي إرجاع قطار التنمية إلى طريقه الصحيح. ومن ثمة يمكن أن نقول بأن الحكامة الجيدة تُعدّ مجالا للإبداع والتجديد من أجل ترشيد وتدبير الشأن الإقليمي وتطوير ظروف رفاهية المواطن، لذلك يستوجب على مسؤولي الإقليم الاجتهاد واختبار قدرتهم على الإبداع وابتكار مشاريع تنموية واقعية بعيدا عن ترديد الشعارات الجوفاء وتعويم الخطابات الإدارية ودرّ الرماد في العيون بمشاريع ثانوية لا ترقى إلى تطلعات اليوسفيين بل تهدم أكثر ممّا تبني وتزرع روح التشكيك وتغذيه لديهم، وبالتالي تغيير النظرة المجتمعية المتشائمة ومواكبة التطورات المتسارعة من خلال إجراءات إدارية مسؤولة تعكس القدرة على التحرّك بفعالية وإبداع منجزات جديرة بالإحترام. وهذا الإجراء الهادف والوازن لن يتأتى إلا بالإنصات لنبض الشارع وانتظارات المواطنين عن طريق تقليص الشرخ الحاصل وتجسير قنوات التواصل بالالتزام والمسؤولية وتحقيق التطلعات. فإذا رجعنا إلى كرونولوجيا تدبير شأن المدينة سنجد أن المسؤولين والكائنات الانتخابية التي تعاقبت على التسيير الإداري المحلي لم تعر أي اهتمام لأنين و آهات اليوسفيين، فاستأنسوا بخيرات المدينة وعاثوا فيها فسادا ونهبا طيلة عقود من الزمن، وأمام أعين السلطات المحلية حيث أنجزوا القليل وتركوا الكثير ولم يخلّفوا وراءهم إلا الرماد ولم يفعلوا شيئا يُذكرون ويُشكرون عليه سوى لأنفسهم بعدما امتصوا رحيقها حتى آخر قطرة، وتركوها ذابلة ضعيفة مكسورة الجناح. وهكذا عندما تتوفر الإرادة المجتمعية بترابط الأجزاء وتتجمع القوة التغييرية بتوحد الفرقاء وتتم الصياغة بشكل مشترك، حينئذ نكون كمن يصنع غزلا لينسج منه ثوبا على المقاس الاجتماعي والاقتصادي للمدينة، ويدفع عنه حرّ التهميش وبرد الاستهتار…أو كمن يصنع عقدا بديعا بشكل جميل يثير انتظار المنتظرين