حاربته دول العالم قاطبة بالنار والحديد ,طاردته جل مخابراتها لعشرين سنة أو يزيد ولكن الرجل ذو المبدأ الصحيح لا يحيد . وإن أصحاب الفكر النير لا بد وأن يرحلوا عن هذه الدنيا ومبادئهم ملطخة بدمائهم وأن يُدفنوا بعيدا عن أهلها ولم لا في بحرها... لقد قدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية هدية من العيار الثقيل للشيخ أسامة بقتله ,فهو كان يبحث عنها لأزيد من 3 عقود ونيف وقد لاقاها أخيرا " وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيم " . وتاريخ الرجل حافل بالتضحيات الجسام ومجابهة اللئام ولو ظلمه التاريخ فستنصفه الأيام وتعيده مجددا إلى خانة الكرام,,, أقول مجددا لأن الرجل كان إلى وقت قريب من الكرام عندما شارك مع إخوانه العرب في تحرير أرض أفغانستان من السوفيات وحين أدار وجهه صوب البيت الأبيض تحول بقدرة قادر من كريم إلى لئيم ومن مجاهد إلى إرهابي ,وتلك ليست غربية على بني صهيون فقد فعلوا مثلها أيام النبي صلى الله عليه وسلم حين أسلم اليهودي عبد الله بن سلام وأخفى ذلك عن قومه خشية الانتقام وشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخله رسول الله إلى أحد بيوته ونادى اليهود وقال لهم : أي رجل الحصين بن سلام فيكم ؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، وحبرنا وعالمنا, فلما فرغوا من قولهم خرج عليهم عبد الله بن سلام فقال لهم : إني أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : كذبت ثم وقعوا به. فتغير موقف بني صهيون من الصحابي عبد الله بن سلام من سيد عالم إلى كاذب آثم في لحظات معدودات وكذلك فعلوا مع الشيخ أسامة وكذلك سيفعلون... وحين انتهى الجهاد الأفغاني, قرر الشيخ العودة إلى السعودية وبداية مشوار الإصلاح في البلاد, إصلاح سياسي سرعان ما سيتبدد برفض قاطع من " ولاة الأمور" الذين غاصوا في الفساد وحب المال والأولاد... فطردوا الشيخ من بلاده ظلما وعدوانا وكذلك فعل قبلهم قوم لوط حين قال الله عز وجل على لسانهم: " أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ". فحمل الشهيد حقائبه اتجاه السودان وعاش لبعض الوقت في أمان, وهناك بنى السدود وشيد الأراضي وزرع الحقول قبل أن تصدر الأوامر من هبل العصر للرئيس السوداني عمر البشير بأن يفعل مثلما فعل من قبل أمراء السعودية !!!! وكان ما كان, فلم يجد الشيخ من يستقبله إلا البلاد التي هاجر إليها وهو في ريعان شبابه طلبا للشهادة... وكانت عودته فأل خير على أمة أفغانستان فوجوده وحد البلاد والعباد ,ولم يرض هبل العصر بذلك فأحدث القلاقل والمشاكل في بلاد خرسان بغية إحداث انشقاق بين العرب والأفغان,ولكن الذي وحد بين الأنصار والمهاجرين أيام النبي صلى الله عليه وسلم وحد بينهم مرة أخرى بعد أربعة عشر قرنا أو يزيد فشُكلت دولة الإسلام وبُنيت أسس المدينة وحُكم القران الكريم لأول مرة منذ سقوط الخلافة الإسلامية ولكن الروم الذين أغاظهم تشكل المدينةالمنورة يثرب وحكم محمد صلى الله عليه وسلم وتوحد الأنصار والمهاجرين تحت راية " لا إله إلا الله " جيشوا القياد وحملوا العتاد لمقاتلة رسول أرسله رب العباد وكذلك فعلوا مع المدينةالمنورة الثانية قندهار ... ولأنهم قوم لا ينسون من يضرهم كما قال كبيرهم أوباما, فمن دون أدنى شك لم ينسوا ما فعله بهم جيش أسامة في عهد أبي بكر الصديق وأرادوا أن يعيدوا الكرامة وينتصروا من جيش ثان لأسامة فجاءت الهزيمة مرة أخرى وجاءت النكبة والنكسة ودكت أبواب أمريكا ونُزعت هيبتها وخرت ساجدة لجيش أسامة مرة جديدة ... على الذين قتلوا أسامة بن لادن أن يعلموا 3 أمور هامة قبل أن يفرحوا : 1 ) أن الإسلام ليس رجالا يمثلونه فإن انتهوا انتهى, ولكنه روح وفكر ومبادئ ورسائل يحملها أصحابها ويعملون بها ولها ويسطرونها في الملاحم والجبهات ويكتبونها بدمائهم ... 2 ) أن الشهادة هي أغلى ما يمكن للمسلم المؤمن أن يصل إليه في دنياه, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل " وذاك رسول الله الذي غُفر له ما تقدم وما تأخر وهو في الجنة منذ أن خلق الله القلم والبشر ومع ذاك يُعلم أمته معنى أن يموت الإنسان شهيدا , وأن الذين قتلوا الشيخ أسامة إنما أهدوه هدية تمناها ل 32 سنة كاملة ... 3 ) أن الجهاد ذروة سنام الإسلام وأن الراية تحملها أجيال وعدت رب العزة والجبروت أنها لن تتخلى عنها حتى تسلمها للمهدي المنتظر الذي سيسلمها لعيسى عليه السلام فأقتلوا من شئتم وكيفما شئتم وادفنوا قتلانا في البر أوالبحر وعذبوا أسرانا في البرد أو الحر فإن رجالنا لا يغيرهم تغير القدر ولا تقلب البدر.. وإلى منافقي المدينة عندنا الذين ينشرون الكذب والبهتان وكذلك فعلوا مع عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك بدون حجة ولا برهان... وإني أرد على كلامهم المليء بالكراهية والأحقاد على فكر الجهاد وعلى أرقى أنواع العباد (الشهداء ..) 1 ) قالوا كذبا وزورا أن الشيخ لم يقدم إلا شرا ولم يعرف إلا حربا وللدماء سيلا ,والحقيقة معاكسة لتلك تماما فالشيخ _وإن ارتكب أخطائا وتلك من عادة المجتهدين والعاملين_فإنه جدد الإسلام وأحيا الجهاد ولم يبدأ الحرب كما أسلفنا من قبل فإن الرجل عاد إلى بلاده أرض الحرمين مناديا بالإصلاح السلمي ولم يكن يخطط لا لمهاجمة أمريكا ولا لتأسيس تنظيم القاعدة .ومن الظلم أيضا أن نتهم الرجل من أنه لا يعرف إلا حمل السيف وضرب الأعناق وهو في حقيقة الأمر عمل في الجمعيات الخيرية كثيرا وساهم في إنشاء العديد منها التي لا علاقة لها بتمويل العمليات القتالية , والرجل ساهم في تطور اقتصاد السودان رغم قصر الفترة التي كان فيها بالخرطوم إلى جانب الصدقات التي كان يقدمها سرا وعلانية للفقراء دون بحث عن شهرة أو مصحلة ... 2 ) ولكي يكونوا منافقين بالفعل فإنهم تعلموا من جدهم الأول عبد الله بن سبأ كيف يُحدثون القلاقل في صفوف المسلمين بعد موت القادة وكذلك فعل جدهم حين استشهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأعدوا العدة للتشكيك في قيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه ولم يهدأ لهم بال إلا وهم على أعتاب منزله الشريف وقد قتلوه سنة 656 هجرية . وكذلك يُشككون في قيادة الدكتور أيمن الظواهري للتنظيم فتارة يتهمونه بأنه متشدد للغاية وهو الرجل الذي يوصي كل مرة بحقن الدماء والتأكد من غياب دماء طاهرة قبل تنفيذ أي عملية, وتارة أخرى يتهمونه بأنه لا يحظى بإجماع المسلمين في باكستانوأفغانستان وتلك أكذوبة أخرى من أناس لا يقرؤون إلا النيويورك تايمز وتعليقات كلينتون _إن كانوا يقرؤونها أصلا _ والرجل يحضى بمكانة واسعة داخل باكستانوأفغانستان وما الحماية التي تلقاها ل10 سنوات إلا دليل على ذلك... 3) من العبارات المنمقة والخارجة عن الصراحة, تلك التي قال البعض فيها أنه لا علاقة لتنظيم القاعدة بالثورات العربية _ ولأني أعلم أن هذا الموضوع يحتاج لوحده إلى مقالة كاملة _ فإني أحببت أن أشير إلا بعض الأمور: أ _ أن الثورات العربية لم تأتي فجأة أو بين ليلة وضحاها بل كان ورائها أسباب دفعت بها دفعا لإسقاط الأنظمة الظالمة في منطقتنا العربية والإسلامية وإن كل العوامل ساهمت في ذلك من سياسية كانت أم اقتصادية دينية أم اجتماعية ,وإن للتنظيم دور في تلك الثورة لا يُكذبه إلا منافق أو جاهل... ب _ أن أعضاء التنظيم شاركوا في الثورات وما زالوا وقد رأيناهم يطوفون الشوارع في الأردن ومصر وتونس والمغرب واليمن ويحملون السلاح مع إخوانهم في ليبيا ولا يُنكر ذلك إلا جاحد, ولم يخرجوا بإسم تنظيمهم بأمر من القيادة في التنظيم ولأن كل الشرفاء الذين خرجوا إلى الشارع لم يخرجوا بأسماء إيديولوجياتهم فلم يكون أبناء التنظيم حلقة شاذة وهم من أبناء هذه الأمة ... ج ) أن قيادات التنظيم في قلوب المسلمين وقد رئينا كيف أقام الملايين في العالم صلاة الجنازة على روح أسامة بن لادن وكيف خرجوا منددين بقتله ,والعجيب أن من بين الذين بكوا على فقدانه علمانيون وشيوعيون بل وبعضهم لا دينيون !!!!!! رحل أسامة عن أرضنا ولحق بربه في عليين ودخل التاريخ كما دخله عمر المختار وجميع أبناء الجهاد الأبرار....