على عكس ما قام به "الكابرانات" في الشقيقة الجزائر إبان حفل افتتاح النسخة السادسة من بطولة كأس إفريقيا للمحليين "الشان"، التي أقيمت في الجزائر إبان الفترة ما بين 13 يناير و4 فبراير 2023، من شحن وتجييش الجمهور الرياضي المنتقى بدقة، الذي لم يتوقف عن إرسال شتائمه لأشقائه المغاربة، واستقدام المرتزق "شيف زوليفوليل" حفيد الرئيس السابق لجنوب إفريقيا المناضل الفذ "نيلسون مانديلا"، الذي لم يتورع هو الآخر عن مهاجمة المغرب مقابل حفنة من الدولارات، من خلال إلقاء خطاب تحدث فيه عن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حيث قال: "دعونا لا ننسى آخر مستعمرة في إفريقيا، الصحراء الغربية، لنقاتل من أجل تحريرها"، نظم المغرب بطولة كأس العالم للأندية "الموندياليتو" التي قرر المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم أن يمنحه شرف استضافتها للمرة الثالثة، وذلك من فاتح فبراير 2023 إلى الحادي عشر منه في مدينتي الرباطوطنجة، بعد اعتذار دولة الصين بسبب تفشي جائحة "كوفيد 19"، وهي ذات البطولة التي سبق له تنظيم نسختها العاشرة في مدينتي مراكش وأكادير عام 2013، وكانت حينها أول نسخة تجرى منافساتها في دولة إفريقية، كما استضاف النسخة الحادية عشرة سنة 2014 بمدينتي الرباطومراكش. فكيف مر حفل الافتتاح الذي ظل "الكراغلة" يراهنون على فشله، متوهمين أن بلدهم هو البلد الوحيد المؤهل لاستضافة أقوى البطولات والتظاهرات الرياضية؟ كانت المفاجأة الأولى التي لم تخطر على بال الرئيس بالوكالة "عبد المجيد تبون" وقائده "السعيد شنقريحة"، هي تلك المتمثلة في حضور رئيس الاتحاد القبائلي لكرة القدم "أكسيل بلعباسي" لحفل الافتتاح يوم الأربعاء فاتح فبراير 2023 بمدينة طنجة، الذي بدا مبتهجا وسعيدا بهذا التواجد وقام بالتقاط عدد من الصور والمشاهد التي نالت إعجابه، دون أن يطلب الكلمة أو تمنحها له اللجنة المنظمة للتهجم على "الكابرانات"، وقد تابع اللقاء الذي جمع في الساعة الثامنة مساء بملعب "ابن بطوطة" بين كل من نادي الأهلي المصري ونظيره النيوزيلاندي أوكلاند سيتي، الذي انتهى لفائدة الأول بحصة (3/0). حيث أبدت العديد من الشخصيات المدعوة وجميع الحاضرين من مختلف الدول المشاركة وغيرها، انبهارها بحفل الافتتاح في "عاصمة البوغاز" كما أشادت به عديد الصحف والقنوات الدولية، إن على مستوى التنظيم المحكم من حيث دخول وخروج الجماهير بنظام وسلاسة، الحضور الجماهيري الكثيف والمنضبط القادم من عدة مدن مغربية ومعه مناصرو الأندية المشاركة، أو على مستوى العروض واللوحات الفنية الرائعة والمبهرة، دون أن يكون هناك أي توظيف للمناسبة في تمرير رسائل الحقد والكراهية، والرد على ما تعرض له الشعب المغربي من سباب وشتائم في حفل افتتاح منافسات "الشأن" بالجزائر، رغم ما خلفه ذلك من جروح عميقة وموجعة. فالمؤكد هو أن حفل افتتاح "الموندياليتو 2022" سيظل مسجلا بمداد من الفخر في عالم المستديرة، بعد أن سرق الأضواء بما قدمه للعالم من عروض فنية مميزة، تهدف إلى التعريف بتراث المملكة المغربية وتنوعها الثقافي وإظهار مدى انفتاحها على العالم، لاسيما أن الانطلاقة كانت في بداية الأمر بتكريم الرحالة المغربي "ابن بطوطة"، الذي لم يكن يوما جزائريا كما يدعي "الكراغلة" ويعد بمثابة صلة وصل بين الثقافات والشعوب. إذ خلف ردود فعل إيجابية ليس فقط في أوساط المغاربة بل بين كل من أتيحت لهم فرصة تتبع فقراته عبر القنوات التلفزيونية الناقلة لهذا الحدث الكروي الهام، حيث توالت تعليقات الارتياح والتنويه على وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تخصيص جزء منه لتكريم أسطورة كرة القدم البرازيلية والعالمية الراحل "إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو" المعروف باسمه المستعار "بيلي". إذ لا أدل على ذلك أكثر من وصف الموقع الرسمي ل"الفيفا" حفل افتتاح الموندياليتو في مدينة طنجة، بكونه "حفلا افتتاحيا رائعا يليق بكأس العالم للأندية"، معلقا عليه في تغريدة أبى إلا أن يشكر من خلالها مدينة طنجة العالية على ليلة تاريخية لا تنسى بتنظيمها حفلا استثنائيا ومبهرا، لتميزه بما تم تقديمه من وصلات غنائية تراثية وفنية مزجت بين الحداثة والتقاليد المغربية العريقة، وعروض فلكلورية رائعة بلمسة حداثية، مع استعراض الخصوصيات التراثية لمختلف المناطق المغربية، وكشفت عن غنى التنوع الثقافي وكرم الضيافة، مما لقي استحسانا من قبل الجماهير داخل الملعب وخارجه في المقاهي والبيوت. إن حفل افتتاح الموندياليتو أبان مرة أخرى عن قدرة المغرب على التنظيم الجيد والمحكم واستعداده الدائم لاستضافة مختلف التظاهرات والبطولات الرياضية، في أجواء تفرض على الجمهور سلوكا حضاريا وبعيدا عن الحسابات الضيقة والصراعات السياسوية، لأنه يؤمن بأن الرياضة رسالة أخلاقية وثقافية وتواصل بين الأمم والشعوب، قبل أن تكون منافسة من أجل إحراز الألقاب والكؤوس، فضلا عن أنها تهدف إلى جانب خلق الفرجة والمتعة تساهم كذلك في تهذيب النفوس والتسامح والرقي الإنساني، نبذ العنف والابتعاد عن أي تعصب وتبادل الشتائم وغيرها. وذلك خلافا لما يقدم عليه بعض منعدمي الضمير من رؤساء الدول وحتى المعلقين الرياضيين وغيرهم من الذين لا يجتهدون سوى في اتجاه إثارة الفتن بين الشعوب وتغذية الحقد والكراهية بينها، من خلال تعبئة وتجييش الجماهير الرياضية وتحويل الملاعب إلى حلبة لاستعراض العضلات ومناسبة للاستقواء.