العلاقة بين المؤطر (المفتش ) التربوي والمدرس علاقة تشوبها الحيطة والحذر والاستعداد للمواجهة من جهة المدرس والترصد والبحث عن الهفوات والضبط في حالة " تلبّس " من جهة " المفتش "…. لم يعد مجديا في زمن التقدم التقني والمعرفي أن يبقى هذا التوتر ساري المفعول بين هذين العنصرين.. لقد أصبحت عقلية التفتيش الرقابي متجاوزة ولا تتلاءم مع كل إصلاح تربوي حداثي يُتوخى منه النهوض بالمنظومة التربوية.. إنما الحاجة ملحة إلى مؤطرين ذوي الكفاءة التربوية وعلى استعداد لتحمل المسؤولية مع المدرس والأخذ بيده والتأثير فيه بالإيجاب مستشعرين المسؤولية عن فشل المدرس في أداء مهمته التربوية التي تنتج غالبا عن القطيعة وانعدام التواصل والتفاعل معه تربويا خدمة لمصلحة التلميذ.والمتعلم… إن التغييرات التي طرأت على النسق الاجتماعي والثقافي خلال العقود الأخيرة فرضت على كل مكونات المنظومة التربوية أن تعيد النظر في مخزونها التربوي وتنفتح على من حولها وتكون قابلة لتغيير سلوكها الذي لم يعد يتماشى مع ما أصبح يشهده العالم من حرية في التعبير وتساوي في الحقوق والواجبات…وربط المسؤولية بالمحاسلة. وفي هذا الإطار ليس مثمرا في شيء استمرار القطيعة بين المدرس والمؤطر إلى ما لا نهاية باعتماد هذا الأخيرعلى أسلوب عصا" العقاب والانتقام "الذي لا زال بعض المفتشين يلوحون به في وجه المدرسين…إنه أسلوب غير تربوي ولا حضاري ولا يليق بشريحة مسؤولة تربويا، البعض منها يعتبرنفسه في معزل عن النقد وغير قابل للتغيير مع العلم أن للمؤطر دورا هاما،قد ينعكس سلبا أو إيجابا على المدرس بحسب ما يحمله من ثقافة وأفكار، فلا يعقل ونحن في زمن الإصلاح والتغيير أن يبقى بعض المفتشين التربويين يكرسون الوضع السلبي لهذا الدور الهام بمواصفات أدانها العديد من المدرسين وحتى المسؤولين في قمة الهرم التربوي ونذكر منها على الخصوص: إن المراقبة التربويةتفهم عند الكثير من المؤطرين (المفتشين ) التربويبن وتفسر بمعنى سلطوي. عدم مسايرة النظريات الحديثة.الاعتماد على الشكليات ومناقشة الأشياء الجانبية. انعدام الدراسة النفسية والثقافية الاجتماعية لأحوال المدرسين وظروفهم حتى يمكن إصدار أحكام منصفة في حقهم. الاعتماد على نماذج تحرير للتقارير أصبحت محفوظة حتى من طرف المدرسين الجدد.إصدار أحكام من خلال زيارات مباغثة وقصيرة. في غالب الأحيان. الاعتماد على المدرسين خلال اللقاءات التربوية ومحاولة إيهام الجميع ببذل مجهودات لا تظهر على أرض الواقع. انعدام رصد الظواهر التربوية على صعيد مقاطعة التفتيش وتتبعها بالدراسة والتحليل والتعاون مع المدرسين على إيجاد الحلول لمعالجتها. هذه باختصار بعض السلبيات التي لازال أغلب المفتشين التربويين يتمسكون بها والتي تجاوزها الزمن. وحيث ينبغي إعادة النظر فيها بجدية لما لها من انعكاسات سلبية على كل إصلاح تربوي يراد له النجاح…يتبع.