ثمة اعتقاد يسود وسط قطاعات كبيرة من الكاثوليك وغيرهم يفيد أن خليفة بنديكتوس السادس عشر سيكون البابا الأخير قبل نهاية العالم. ويبدو أن النبوءات بنهاية العالم في تاريخ معين معروف سلفا صارت سلسلة لا مناص منها. فبعدما خاب ما نُسب الى حضارة المايا من أن الزمن الدنيوي ينتهي في 22 كانون الأول (ديسمبر) 2012، انصرف بعض الناس الى القول إن بابا الفاتيكان الجديد هو علامة الساعة الكبرى. ويستند هؤلاء الى نبوءة قديمة أطلقها قديس يسمى مالكي، وهو آيرلندي كان كبيرا لأساقفة أرماه وعاش من 1094 حتى 1148. رؤية وشيفرة
نُسب الى هذا القديس إعلانه على الملأ أنه زار روما عام 1139 وأنه شهد، في رؤية أتته خلال هذه الزيارة، بابوات الفاتيكان المتعاقبين. وقال إن آخر هؤلاء سيكون «بيتراس روماناس»، وهو البابا الثاني عشر بعد المائة. وفي ختام عهده، كما نسب اليه القول، «ستُدمّر المدينة ذات التلال السبعة ثم يحاسِب الحَكَم الرهيب الناس على أعمالهم». ورغم أن هذا القول المسمى«نبوءة البابوات» ليس جزءا من تعاليم الكنيسة المدوَّنة، فهو معروف لدى أهل الفاتيكان وعلماء اللاهوت الكاثوليك، وفقا لتقرير عنها بثّه تلفزيون «إن بي سي» الأميركي. وأتى في هذا التقرير أن القديس مالكي «سجل بابوات الفاتيكان ووصف كلا منهم بعبارات مشفّرة يفقهها فقط العارفون بالأمور» تبعا لما يُنسب اليه. وبالطبع فقد سارع الباحثون في الخبايا الى محاولة فك رموز هذه الشيفرات ومعرفة البابا الذي تشير اليه عبر القرون. فقيل – على سبيل المثال – إن يوحنا بولس الثاني هو البابا المعني في العبارة 110، التي تأتي فيها الكلمات «من أعمال الشمس». وربطوا بين هذه الكلمات وحقيقة أن بولص الثاني وُلد وأدخل قبره في يوم شهد كسوفا شمسيا. وهكذا يصبح بنديكتوس السادس عشر (خليفة بولص الثاني) البابا 111، المشار اليه بعبارة «مجد الزيتون». وهذا بالاستناد الى أنه أطلق عليها اسم «الزيتونيون» على طائفة معيّنة أسسها هو نفسه.
ثم يأتي البابا 112 (خليفة بنديكتوس السادس عشر) المشار اليه بالعبارة «في ما تتعرض له الكنيسة الرومانية المقدسة (الكاثوليكية) من اضطهاد، يحكم بيتراس رومانياس (بيتر الروماني) الذي سيطعم رعيته خلال اضطرابات هوجاء. وبعد هذا ستُدمّر المدينة ذات التلال السبعة ثم يحاسب الحكم الرهيب الناس على أعمالهم». في خضم هذا يأتي الحديث عن الكاردينال الغاني بيتر تيركسون (وهو عضو «الكيوريا الرومانية» أو«محكمة روما») المرشح لأن يكون أول أسود يتولى زمام الكرسي البابوي خلفا لبنديكتوس السادس عشر وفي خروج لا سابقة له عن المألوف. فهل يصبح «بيتر الغاني» هو «بيتر الروماني» (بيتراس رومانياس) المشار اليه في النبوءة القديمة؟
لا دليل ما يوازن هذا الأمر كله، وفقا للصحافة البريطانية التي تناقلت النبأ، هو أن العديد من الخبراء يجزمون بأن هذه النبوءة كاذبة مزيّفة ولا يعود تاريخها الى القرن الثاني عشر وإنما الى السادس عشر. ويضيفون أنها تفتقت عن ذهن كاردينال كان يطمح الى البابوية، وأنه شفّرها بحيث يشير رقم البابا الجديد اليه بالتحديد. وبين ما يستند اليه القائلون إن الأمر كله كذبة أن «نبوءة البابوات» هذه لم تظهر الا العام 1595 – قبيل مطلع القرن السايع عشر - في كتاب نشره راهب بنديكتي اسمه آنولد دي وايون بعدما عثر عليه صدفة بين وثائق مهملة في أرشيف روما. وقالت مادلين غريس، الراهبة والمؤرخة المتخصصة في وثائق العصور الوسطى بجامعة سنت توماس، في لقاء مع تلفزيون «إن بي سي» : «لا يوجد دليل سواء في البحوث التي أجريت سابقا أو التي أجريناها حاليا ما يشير الى أن القديس مالكي هو مصدر «نبوءة البابوات». وعموما فثمة فجوات عميقة وأخطاء تتضارب مع التسلسل الزمني للأحداث في هذا العمل. الأغلب أنه عمل مزيّف قُصدت منه في وقت كتابته منفعة ما تعود على صاحبه».