منذ نشأة الدولة المغربية، اعتاد المغاربة ( عرب أو أمازيغ - يهود أو مسلمين )، أن يُقبِّلوا أيادي ملوكهم، وهي عادة بقدر ما تنال استحسان بعض الأجانب ، بقدر ما تُثير حفيظة البعض و استغرابهم . لهذا وَجبَ الشّرح و التوضيح : أولا - تقبيل يد الملك ، عادة مغربية تعني ، تأكيد البيعة و تجديد الولاء ، تبعا للسنة و المنهجية النبوية ، و مِصْداقاً لقول الله تعالى " لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ، فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ، فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " ، لأن المسلمين بايعوا رسول الله سيدنا محمد ، بتقبيل يده اليمنى تحت الشجرة ، في شهر ذي القعدة سنة 6 هجرية الموافق لشهر فبراير سنة 628 ميلادية ، و هو ما اعتمده و سار عليه كل الخلفاء الراشدين و من بعدهم الملوك الأمويين و العباسيين ، و كذلك الملوك المغاربة من عهد الأدارسة . ثانيا - عندما يُقَبِّل المغربي يد ملكه ، فهو يقول للملك ، حَرفياً و دون حاجة للكلام " لَكم عَليَّ الطّاعة و الإحترام ، و لِي عليكم الأمن و الحماية و العدل " ، و هذا عِقْد عُرفي مُلزم للطرفين ، و تعاقد قانوني و سياسي و اجتماعي و ديني ، يَجمع المغاربة بملوكهم منذ أكثر من 12 قرنا ، و علينا الحفاظ على تقبيل اليد ، كطقس اجتماعي له مرجعيته الدينية و كرمز سياسي له مشروعيته التاريخية . ثالثا - المغاربة لا يُقَبلون يد ملكهم فقط ، بل يقبلون أيادي فقهائهم و أئمتهم و أساتذتهم و شيوخهم و آبائهم ، و هي عادة جميلة تميز المغاربة عن غيرهم من الشعوب ، و يعبرون من خلالها عن السلام و الإحترام و عن الإمتنان و العِرفان ، و ليس عن الخوف و الخنوع كما يُرَوِّج الأعداء . رابعا - هناك مغاربة فرضت عليهم ظروف الحياة أن يعيشوا بعيدا عن المغرب ، لكنهم في عيد الأضحى و عيد الفطر ، يقطعون آلاف الكيلومترات ، للاحتفال بالعيد في المغرب و حضن العائلة . هل تعرفون السبب ؟؟ لأنه صباح العيد ، و قبل صلاة العيد ، كل مغربي و مغربية يُقَبِّلون يد الأب و يد الأم مع الجد و الجدة و كل كبار العائلة و الحي ، تأكيدا منهم للولاء العائلي و تجديدا لعلاقات الطاعة و الاحترام و لآواصر الأسرة و المحبة . و هكذا ، نحن كأمة مغربية ، نجدد و نؤكد البيعة للملك في عيد العرش من كل سنة ، و نعبر عن ذلك بتقبيل اليد اليمنى ، مثلما نجدد و نؤكد الولاء لآبائنا و أمهاتنا و كبار العائلة ، في عيد الأضحى و عيد الفطر ، و نعبر عن ذلك أيضا بتقبيل اليد اليمنى . إنها الطاعة التي تسلحنا بالمناعة.